مسيحيو الشريط الحدودي وحزب الله : حب بالاكراه ؟

بقلم علاء الخوري – ليبانون فايلز

تعيش قرى الجنوب لاسيما المختلطة منها حالة استقرار وتبادل للزيارات الاجتماعية بشكل دائم، وتفرض الجغرافيا على الطرفين “المسيحي والشيعي” التعاون وفتح خطوط التواصل منعا لأي توتر بين بيئتين يجمعهما هم البقاء والمحافظة على أرض الاجداد.

هذا التعاون دونه شروط وضعها حزب الله على القرى المسيحية ومرتبطة مباشرة بـ”أمن المقاومة” الذي يفرض قواعد سلوكية خاصة للتعامل مع البيئات المجاورة لقواعد الحزب العسكرية، وهي قواعد صارمة لا يمكن التهاون بها تحت أي ذريعة لأنها تشكل خرقا مباشرا للأمن الاستراتيجي للحزب الحريص على التوافق مع فاعليات القرى المسيحية القريبة من الشريط الحدودي.

اعتاد حزب الله على اقفال مناطق جردية ومتاخمة للقرى المختلطة جنوبا وهي معسكرات تدريب لعناصره، ويحتاج في السياق الى بيئة حاضنة لهذه المعسكرات تساعده على انجاح المهمات الموكلة اليه وعلى رأسها تأتي مخيمات التدريب للعناصر العسكرية المولجة الدفاع عن تلك القرى وتكون جاهزة لأي عدوان “اسرائيلي”.

في تلك المناطق أيضا المقفلة امام المواطنين، ينشر الحزب صواريخه وأسلحته الثقيلة الجاهزة للاستعمال في أي حرب محتملة، وتُفضل القيادة الحزبية أن تكون المناطق حيث تتواجد تلك الاسلحة حرجية وذات تضاريس وعرة وتتمتع بكثافة أشجار تساعد العنصر في حزب الله على التحرك لاطلاق صاروخ أو الانطلاق نحو المعركة وهو مرتاح ومتيقن أن هناك بيئة حاضنة لعمله العسكري، وهذه البيئة وفرتها القيادة من خلال عملها السياسي والانمائي وتواصلها الدائم مع فعاليات المنطقة منعا لأي اشكال قد يؤثر على عمل هذا العنصر.

نجحت سياسة الحزب عام 2006 وتمكّن نتيجة الاحتضان الشعبي من قبل الجنوبيين من مختلف الطوائف بكسب المعركة في تموز، وكانت هذه البيئة “الجندي المجهول” بوجه “اسرائيل” كما تقول قيادة الحزب في زياراتها الدورية لفعاليات المناطق المسيحية في رميش وغيرها من القرى. مع مرور الايام وتطور الاحداث على الصعيد الداخلي والاقليمي، شيء ما تبدل في المزاج الجنوبي لاسيما المسيحي حيث زادت النقمة على الحزب وسجل أكثر من اشكال بين القرى من مغدوشة الى رميش، وهنا بدا الحزب قلقا من أمر عمليات يُعمل عليه لتطويقه في القرى المسيحية التي كانت دائما الى جانب “عمل المقاومة”.

ورغم قوة الحزب على الارض الا أنه يبقى متحفظا على أي رد فعل ضد الوجود المسيحي في الجنوب ويعتبر ذلك من الخطوط الحمر وفق ما تؤكد فعاليات مسيحية في بعض القرى على الشريط الحدودي، مشيرة الى ان ما يحصل مع الحزب هو نتيجة تراكمات متنوعة منها ما يتصل بالسياسة العامة التي ينتهجها على مستوى الدولة ومنها ما يتعلق بسلوكيات بعض العناصر غير المنضبطة والتي تمارس فوقيتها على المواطنين وتعمل على استفزازهم لافتعال اشكالات غير بريئة ولغايات معروفة لدى الجميع.

وتؤكد الفعاليات أن ما حصل مع المطران موسى الحاج وردة الفعل المهينة بحقه من قبل بيئة حزب والله وحركة أمل، زادت من نقمة المسيحيين في تلك القرى ووصلت الشكوى الى قيادتي الحزب والحركة، الا أنهما أصرا على موقفهما الرافض لعمل المطران الحاج وأن هذا الامر لا يمكن المساومة عليه لأنه مرتبط ببعض العائلات التي تضررت من قبل العملاء.

هذا الموقف لم يُقنع الطرف المسيحي المُصر على تسوية أوضاع “المُبعدين قسرا”، والملف تقول الفعاليات المسيحية، بيد البطريركية المارونية قبل القضاء وبالتالي فإن المطلوب أن تحل الازمة في الاساس لا الشكل أي أن تبادر الدولة الى وضع الملف على الطاولة لمناقشته والبت به، قبل أن تواجه المطران المولج رعاية أبرشيته.

يقول بعض المتحمسين في القرى المسيحية الحدودية، ان الجرة انكسرت مع حزب الله رغم كل المحبة التي يكنها هؤلاء لعدد كبير من العلماء والعائلات المجاورة، ولكن برأيهم الوضع لم يعد يحتمل المزيد من توريط القرى بحروب اقليمية، ووجود الامم المتحدة برأي هؤلاء قادر على اطالة أمد الهدنة التي أرستها حرب تموز العام 2006 حيث تنعم القرى الجنوبية بالاستقرار وتطالب به دائما وهي ورغم كل ما تحمله من احترام وتقدير لجهود المقاومة للحفاظ على الارض الا أنها تفضل انتشار الجيش اللبناني وسلطة الدولة على كامل الشريط الحدودي ومنع اي مظاهر ابتزاز تقوم بها العناصر الحزبية كما حصل الاسبوع الماضي مع مجموعة “القمصان السود”، وتحذر تلك الفعاليات من خطورة ما يحصل لاسيما من قبل بعض العناصر غير المنضبطة.

اخترنا لك