الكويت الجديدة… ماذا بعد حلّ البرلمان ؟

بقلم د. ميشال الشماعي

أتى حلّ مجلس الأمّة الكويتيّ من قبل الأمير الشيخ نوَّاف الأحمد الصباح بمرسوم ملكي استنادًا إلى المادة 107 من الدستور وإلى الأمر الأميري الصادر بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 القاضي بالاستعانة بولي العهد لممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية بعد ساعات من قسم الحكومة أمام الأمير، بمسبّبات عدم توافق وعدم تعاون وتغليب المصلحة الشخصية على تلك العامة ولتصحيح المسار.

وأمام تعقيدات الأمور سياسيًّا؛ فهل مرسوم الحلّ قابل للطعن به أمام المحكمة الدستورية؟ وهل من إمكانيّة لرجوع مجلس ٢٠٢٠ لممارسة أعماله من جديد؟ أو أنّه يمكن تحصين هذا الحلّ لتكملة ممارسة الانتخابات ونتائجها المرجوّة؟

منافسة شرسة لنوّاب أفضل وحكومة منتِجَة

في هذا السياق يرى الناشط السياسي، والعضو المؤسّس في مجموعة فكر الكويتيّة الأستاذ حسن ناجي البحراني بأنّه “من المتوقّع خوض انتخابات مقبلة وفق مرسوم الصوت الواحد، وتشدّد في عدم ممارسة الانتخابات الفرعية والطائفية.”

ورأى البحراني أنّ هذا ما سيعزّز التنافس الشرس للفوز بأحد المقاعد العشر لكلّ دائرة من الدوائر الخمس. وتابع البحراني ” هذه المنافسة الشرسة ستعطي أفضلية لنواب خاضوا هذه المعركة وفق النظام نفسه بالسابق.”

ولكنّه عوّل على رغبة الشعب بالتغيير التي رأى فيها ” عاملاً مهمًّا في هذه الانتخابات، خاصة بعد خطاب نائب الأمير وولي عهد دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح للأمّة حيث قال: “إنّ أيّ رجوع إلى المربع الأوّل في التأزيم سيقابَل باتّخاذ خطوات شديدة الوقع.” ولحظ البحراني في حديث لـ”جسور” بأنّ هذا الخطاب سيكون خارطة طريق بعدم رجوع بعض النواب الذين سعوا نحو التأزيم. أمّا بخصوص الحكومة المقبلة، فيرى البحراني أنّ ذلك يتوقف على نتائج الانتخابات، بهدف الوصول إلى حالة توافقية بين السلطة التشريعية والتنفيذية، مع البقاء على الوزارات السيادية للأسرة الحاكمة.

وبالنسبة إلى أهم برامج الحكومة المقبلة ختم البحراني حديثه بأنّه ” يجب أن تكون كالآتي: حلّ القضية الاسكانية، وتحسين الخدمات، وتوسيع وتنوّع الاقتصاد من خلال استغلال أراضي الدولة، فضلاً عن تنفيذ مشاريع لفتح سوق العمل لاستيعاب مخرجات التعليم، والعمل على تقليل نسبة البطالة.” مع الإشارة إلى أنّ ما حصل ليس ظاهرة تحدث للمرّة الأولى في دولة الكويت، بل هي المرّة التاسعة التي يتمّ ذلك استنادًا إلى المواد 102 و107 من الدستور الكويتي اللتين أناطتا بأمير البلاد الحقّ بحلّ مجلس الأمّة.

هذا المجلس الذي يتألّف من خمسين عضوا يتوزّعون في خمس دوائر انتخابية، وينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقا لقانون الانتخاب. ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم. ولا يزيد عدد الوزراء جميعًا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة. ومدة مجلس الأمة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له. مع الإشارة إلى أنّ نظام الحكم أميري من ذريّة “مبارك الصباح”، كما نصّ عليه الدّستور، يتولى فيه الأمير الحكم حتّى وفاته.
انتخابات مرتبطة بطرح كلّ مرشّح

وفي حديث لـ”جسور”مع المحلّل السياسي ” مساعد المغنم” يلفت إلى أنّ “اليوم قد بدأ التجهيز لانطلاق انتخابات برلمانية، بعد حلّ البرلمان، ونحن بانتظار إعلان موعد الترشيح ويوم الاقتراع.” أمّا بالنسبة إلى كيفية تشكّل المعارضة والموالاة في البرلمان العتيد فلفت ” المغنم” الى إعتماد ذلك على ثقافة الدوائر نفسها، فهنالك رغبة بالمعارضة وبالأكثريّة.” ورأى أنّ المسألة تتوقف على طرح كل مرشح ولا نستطيع الجزم حتّى الساعة لأنّ ذلك يعتمد على شكل ومضمون الحملات الانتخابية وكذلك التحالفات المرتقبة. ”

حكومة تتماشى مع رؤية 2035

هذا بالنسبة إلى المرحلة التي ستلي مرحلة حلّ البرلمان في دولة الكويت. أمّا بعد ذلك، أي مرحلة تشكيل الحكومة لتتابع قضايا وشؤون الكويتيّين التنفيذيّة والإجرائيّة، فاستبشر المغنم بالخير لأنّه وبحسب اعتقاده ” أيّ حكومة ستتشكّل بعد الانتخابات ستعتمد على البرنامج الموجود، لأنّ الحكومة تنفّذ ما يسمّى باستراتيجيّة الكويت الجديدة، وهي خطّة تنموية شاملة للقطاعات جميعها من اقتصادية واجتماعية وحتّى تنمويّة وتطويريّة إن كان على صعيد سياسة الكويت من جهة، وإن كان على صعيد المواطن وتنويع الخدمات من قبل الحكومة من جهة أخرى.” لكنّ المغنم رأى أنّه “قد يطرأ تعديل أو تطوير على بعض البرامج التي تعمل عليها الحكومة؛ مع الأخذ بعين الإعتبار أنّ أيّ عنوان سيبدأ العمل به هو من ضمن الرؤية الكويتيّة الجديدة 2035 التي هي شبيهة بالرؤية السعودية 2030.”

ولفت المغنم الى أنّ الحكومة تعمل على بعض مشاريعها، ومنها ما انتهى وتمّ تسليمه كمستشفيات وغيرها. فهو يعتبر بأنّ مستشفى جابر من اكبر مستشفيات الشرق الأوسط، وهو شكّل أحد أهمّ عناصر خطّة تطوير القطاع الصحّي في دولة الكويت.

أمّا اليوم بحسب المغنم فنتحدّث عن “حكومة ستتبنّى التطوير الشامل، وما لفت إلى ذلك هو الخطاب التاريخي والشامل لنائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي أوضح فيه أنّ القيادة الشعبيّة مع القيادة السياسية قد انتصرتا للشارع من جهة الإصلاحات الجذريّة التي شهدتها البلاد. وختم المغنم بأنّ “ما شهدناه في البرلمان من حملة إقالات واستقالات من قبل الكثير من المسؤولين، إضافة إلى حملة مكافحة الفساد، وإحالة الكثير من المسؤولين إلى ما يسمّى في الكويت “النزاهة” إنّما هو مؤشّر إصلاحيّ وتطويريّ واعد لمستقبل دولة الكويت.”

الكلّ يترقّب ما يمكن أن ينتج بعد الإنتخابات النيابيّة لا سيّما بعدما أكّد المحلّل السياسي البحراني أنّ قرار حلّ البرلمان يمكن الطعن به أمام المحكمة الدستوريّة؛ استنادًا إلى تجربة 2012 إثر الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية الذي قضى برفض بعض الطعون، والقبول بالطعن المقدم بشأن مرسوم تشكيل لجنة الانتخابات في قانون الدوائر الانتخابية الخمس، الأمر الذي أبقى القانون كما هو عليه.

وهذا يعني عمليًّا أنّ إمكانيّة الرجوع إلى مجلس 2020 واردة، في حال لم تقبل المحكمة الدستوريّة الطعن المقدّم، ما يؤكّد حينها تحصين المرسوم القاضي بحلّ مجلس 2020، وحتميّة إجراء الانتخابات التشريعيّة. يبقى أن نترقّب الحملات الانتخابية، والمتوقع السائد لها، لا سيّما في موضوع رئاسة البرلمان؛ وثمّ تشكيل حكومة مرتقبة من أولويّاتها حلّ القضية الاسكانية، وتغيير القوانين لمزيد من الحرّيّات، ومواجهة الآثار الاقتصادية، والصراعات الدوليّة تحقيقًا لرؤية الكويت 2035 الجديدة.

اخترنا لك