بقلم فادي إبراهيم
أصدرت رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية نجاح عيتاني قرارا بتاريخ 3/8/2022 بإلقاء حجز احتياطي على 7 عقارات تابعة للمدّعى عليه في جريمة المرفأ علي حسن خليل، تأمينا لديْن مُحتمل بقيمة 100 مليار ليرة.
الحجز اُلقي بناء على طلب من مكتب الادّعاء عن أهالي ضحايا جريمة تفجير المرفأ لدى نقابة المحامين في بيروت، الذين تقدّموا بدعوى مدنيّة أمام المحكمة الابتدائية المدنية في بيروت ضدّ غازي زعيتر وعلي حسن خليل للتعويض عن الأضرار التي تسبّبت بها الدعاوى التعسّفية التي قدّماها لعرقلة التحقيق في جريمة المرفأ.
تجدر الإشارة إلى أنّه لم ينجح مكتب الادّعاء في إلقاء الحجز على ممتلكات زعيتر بسبب عدم العثور على أيّ ممتلكاتٍ باسمه الشخصي.
تأكيد جديد على تعسّف ثنائي خليل زعيتر
صدر هذا القرار قبل يوم من الذكرى السنوية الثانية للجريمة، وفي ظلّ تعطيل مستمرّ للتحقيق اقترب من شهره الثامن، وهو تعطيل لعب فيه خليل وزعيتر دورا محوريا بتقديمهما 11 دعوى لردّ أو نقل المحقق العدلي أو القضاة الناظرين بطلبات الرد، أو دعاوى مخاصمة للدولة عن أعمال القضاة. أكثر من ذلك، لعب الفريق السياسي الذي ينتمي إليه زعيتر وخليل (حركة أمل) الدور الأبرز في التعطيل.
حيث أمر رئيس مجلس النواب نبيه بري (وهو أيضا رئيس حركة أمل) وزير المالية يوسف الخليل بالامتناع عن توقيع مرسوم تشكيلات قضائية جزئية لتعيين رؤساء لمحاكم التمييز. وقد أدّى هذا الأمر إلى حرمان الهيئة العامة لمحكمة التمييز من إمكانية الانعقاد لبتّ دعاوى المخاصمة ضد الدولة، مما أدّى إلى إبقاء تعليق التحقيق قائماً إلى أجل غير محدّد، بمعزل عن مدى جدية هذه الدعاوى.
وقد استندتْ القاضية عيتاني في قرارها إلى المادة 866 من قانون أصول المحاكمات المدنية، التي تُتيح لرئيس دائرة التنفيذ إلقاء الحجز الاحتياطي متى توافرت لديه أدلّة ترجّح وجود الدين المطالب بإلقاء الحجز ضماناً لاستيفائه. ويُفهم إذ ذاك أنّ عيتاني قد اطّلعت على الدعوى المدنية المُقدّمة من الجهة المدّعية، ووجدت فيها أدلّة جدّية كافية لاعتبار المدّعى عليه خليل مدنيا بعد تعسّفه باستعمال حقّه بالتقاضي.
ويأتي قرار الحجز هذا ليؤكّد مجدّدا على التعسّف الذي مارسه ثنائي أمل في الدعاوى والطلبات التي قدّماها. فبعدما ردّت المحاكم هذه الطلبات التي عاد الثنائي وقدّمها أمام المحاكم نفسها وبالحجج نفسها، وبعد ردّها مجددا وتغريمهما تبعا لتعسّفهما، يأتي هذا القرار ليؤكد مجددا على أنّ الثنائي تعسّفا باستعمال حقّهما بهذه الطلبات.
وقد وثّقت المفكرة القانونية في ورقة بحثية من ثلاثة أجزاء بعنوان عَ مرفأ العدالة: جدار الإفلات من العقاب وما بعده هذه الممارسات التعسّفية التي حاول فيها العديد من القوى الانقضاض على التحقيق، وقد خصّصت الجزء الثالث للحديث تفصيليا عن الدعاوى التعسّفية التي تقدّم بها المدّعى عليهم.
دعوة لورشة عمل تُعيد تنظيم آلية طلبات الرد
كما سبق بيانه، أتى طلب مكتب الادّعاء لدى نقابة المحامين في بيروت تبعا لدعوى مدنية تقدّم بها باسم أهالي بعض الضحايا لفرض تعويضات تتناسب مع الضرر الذي تسبّب به التعسّف الذي قام به الثنائي والمتمثل في تعطيل التحقيق. وهو من هذه الزاوية يشكّل مسعى لحماية التحقيق من خلال الآليات المتاحة قضائيا، والذي يبقى ذا أثر محدود في ظلّ الثغرات القانونية ووزن القوى السياسيّة المناوئة للتحقيق والتي نجحتْ من الاستفادة من هذه الثغرات.
يبقى أن نأمل أن يحفّز هذا القرار مزيدا من المساعي على كذا صعيد لوضع حدّ لتعطيل التحقيق. وقد يكون من أهمها الضغط لإقرار قانون استقلالية القضاء العدلي بما يضمن تجريد السلطة التنفيذية من أدوات تعطيل التشكيلات القضائية فضلا عن مباشرة ورشة تشريعية لتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية، على نحو يمنع تعطيل التحقيق بفعل دعاوى غير جدية بما يضمن التوازن بين حقوق الدفاع من جهة والمصلحة العامة وحسن سير العدالة من جهة أخرى.