بقلم جوان نعوم
تتصاعد لغة الترهيب وخطاب الكراهية والتهديد بالقتل في لبنان ضد حرية التعبير عن الرأي، وتمس بشكل خاص الناشطين والإعلاميين والمصورين الصحافيين.
قُتل إن حكى. إنها حكاية بلد لم تبلغ فيه التحقيقات في عشرات الاغتيالات خواتيمها، بسبب الانقسامات السياسية والطائفية والمراجع القضائية، ترتفع نسب التهديدات وتعيش الجيوش الإلكتونيّة حالة من الغليان على كل من انتقد أو أدان أو عبّر عن رأيه.
الترهيب
المصوّر اللبناني حسن شعبان يتعرّض منذ أسبوعين لتهديدات بسبب تصويره مقابلات مع مواطنين غاضبين بسبب انقطاع المياه منذ نحو سنة في قرية بيت ياحون جنوبي لبنان.
المحتجون اشتكوا من انقطاع المياه ومن غياب الحزبين الفائزين في الانتخابات في تلك المنطقة وهما حركة أمل وحزب الله. إلا أن شعبان تعرض للضرب المبرح، ووجد لاحقاً رصاصة على سيارته، كما تركت مؤخراً ورقة كتب عليها تهديد على إطار سيارته في قريته الجنوبية نفسها بيت ياحون.
أما الإعلامية اللبنانية ديما صادق التي نشرت صورة للإمام آية الله الخميني والجنرال قاسم سليماني وكتبت عليها “آيات شيطانية”، في إِشارة منها إلى عنوان رواية الروائي البريطاني سلمان رشدي الذي تعرض لمحاولة اغتيال، فقد تعرضت بدورها لحملة تهديد بالقتل علناً من محسوبين على حزب الله، أبرزهم المنشد علي بركات، كما شارك في الحملة ضدها نجل أمين عام الحزب جواد نصرالله.
وتلقت صادق تهديدات مباشرة بالقتل على هاتفها. وذلك عقب محاولة اغتيال الروائي البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، الذي جلب له كتابه “آيات شيطانيّة” فتوى هدر دم أطلقها في مطلع الثمانينات مرشد الثورة الايرانية الخميني.
هذه الحوادث أثارت غضب الزملاء الصحافيين وتضامن العشرات مع من يتعرضون للتهديد بالقتل، خصوصا وأن التحقيقات لم تصل إلى نتائج في العديد من اغتيالات الصحافيين وأصحاب الرأي، وآخرهم اغتيال الباحث والناشط السياسي المعارض بشراسة لحزب الله لقمان سليم في فبراير/شباط 2021 بأربع رصاصات في الرأس وواحدة في الظهر في سيارته في منطقة العدوسية جنوبي لبنان.
لمن يوجّه خطاب الكراهيّة ؟
يوضح المسؤول الإعلامي في مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” جاد شحرور، في حديث لـ”جسور”، أن “خطاب الكراهية أحد الأدوات التي تستخدمها أحزاب السلطة لترهيب من يعارضها” ويشير الى أن هذا الخطاب “ليس موجها فقط للأشخاص الذين هم ضد حزب ما انما هو موجه أيضا بشكل او بآخر لجمهوره فهو بهذه الطريقة يخاطبه”.
ويقول شحرور : “حملات الشتم وحملات التحريض هي فعليًّا موجهة لجمهور الحزب مثلاً، أكثر منه للذين ضده مما يعني المحتوى المقدم بهذه الطريقة هو لإثبات وجهة نظره ولايصال الرسالة بأن كل من يتكلم ضدنا هذا ما سيحصل له وهكذا سيتم مهاجمته وتخوينه والتعامل معه”، ويضيف “هذا يعزّز على جمهوره باستخدام هذا الحقل المعجمي من الكلمات”.
الافلات من العقاب
ويعتبر شحرور انه “ليس بجديد لأي حزب لبناني أن يستخدم خطاب الكراهية انما اللافت في الموضوع ان خطاب الكراهية ممكن ان يكون له علاقة بالانتقاد واستخدام مصطلحات سيئة”، ويشير الى ان الوصول الى التهديد بالقتل يكون بذلك تخطى موضوع خطاب الكراهية، وذهب الى اقتتال له علاقة بالحرب اللبنانية وعلاقة الاحزاب ببعضها البعض والمواطن اللبناني بالمواطن الآخر، خاصة لمن يعتبر أن الآخر لا يشبهه بالسياسة ولا بالدين ولا بالثقافة وبالتالي هناك دائما استذكار للحرب والقتل”.
وعن ارتفاع نسبة خطاب الكراهية والتهديد بالقتل، يتابع شحرور: “ثمة تساهل في المحاسبة، بغياب النظام والقانون لحماية المواطن، انما هناك نظام أمني لحماية الأحزاب فلا محاسبة فتزداد ظاهرة الافلات من العقاب”.
ويضيف : “علّقوا لحسن شعبان مثلا رصاصة على سيارته وقدحوا دولاب سيارته وتمّ تهديده ولم تتابع القوى الأمنية الموضوع بشكل جدّي، كذلك لا تحقيق جدّي باغتيال لقمان سليم ولا تحقيق جدّي بانفجار مرفأ بيروت، كذلك الأمر تهديد الاعلامية ديما صادق بالقتل ولا تحقيق جدّي بالموضوع الا المنظمات الحقوقية التي تلقي الضوء على هذه القضايا، لكن لفت النظر ليس كافيًا انما على الأجهزة الأمنية والمسؤولين وجميع المعنيين أن يكافحوا ما يجري بشكل جدّي”.