بقلم اندريه قصاص
في خلال “اللقاء التشاوري الوزاري” في السراي أمس، أبلغ الرئيس نجيب ميقاتي الوزراء المجتمعين أنه سيلتقي برئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم الأربعاء ، وهو ثالث لقاء بينهما بعد تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة. وآخر إجتماع بينهما كان في الثاني من تموز الماضي.
هذه البادرة تلقفها بعض الوزراء بترحاب، وكذلك فعل كثيرون ممن يريدون أن تبصر النور حكومة كاملة لإستكمال ما بدأته حكومة “معًا للإنقاذ”، ولو أن الوقت بات ضيقًا، مع تحوّل الأنظار إلى الإستحقاق الرئاسي، الذي من المفترض أن يدخل مرحلة العدّ العكسي بداية شهر أيلول المقبل.
وكان يُفترض بـ”التيار الوطني الحر”، الذي يطالب “ظاهريًا” بتسريع عملية التشكيل أن يرّحب بهذه الخطوة، وأن يكون مسهّلًا لما يمكن أن ينتج عنها من إيجابيات، لكن إصرار رئيسه النائب جبران باسيل على موقفه الداعي إلى إعتذار الرئيس ميقاتي “لأنه لم ينجح في تأليف حكومة متوازنة”، دفع بكتلة “لبنان القوي” إلى إصدار بيان أقّل ما يمكن أن يُقال عنه بأنه “بيان تصعيدي وإستباقي وتطويقي” لما يمكن أن ينتج عن لقاء اليوم من حلحلة على صعيد تشكيل الحكومة العتيدة والمنتظرة، والتي يعوّل عليها الكثير، سواء على صعيد إستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أو على صعيد ملء الفراغ الرئاسي في حال لم يتمّ التوافق على إسم الرئيس، مع تصاعد حدّة السجالات بين مختلف القوى السياسية، الأمر الذي يوحي بإستحالة التوصل إلى قواسم مشتركة حول هوية الرئيس العتيد.
وقد إستبق “التيار الوطني” بيانه التصعيدي بجملة مواقف تطالب بإعتذار الرئيس المكلف، مع حملة منظمة لإثبات عدم جواز تسلم حكومة مستقيلة وتصرّف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية في حال وقوع الفراغ كواقع محتّم.
فكتلة “لبنان القوي” نبهّت في بيانها الى ما أسمته “خطورة الإمتناع عن تشكيل حكومة تحت ذرائع مختلفة”، وحذّرت “مما يشاع عن وجود فتاوى جاهزة تتيح لحكومةٍ مستقيلة أن تقوم مقام رئيس الجمهورية في حال عدم إنتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية”.
وإعتبرت “أن أي محاولة في هذا الإتجاه مرفوضة قطعاً وهي تفتح باباً للفوضى الدستورية وربما أكثر وتطلق عرفاً قد يجرّ الى أعراف جديدة، وعليه تؤكد التكتل أن المطلوب بأسرع وقت أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بدوره في تشكيل حكومة جديدة آخذاً في الإعتبار الشراكة الدستورية لرئيس الجمهورية في عملية التأليف وألّا يجنح احد في البلاد الى أي مغامرات تضرب الدستور والميثاق”.
وتأسيسًا لهذا البيان، الذي إعتبره المراقبون السياسيون “قوطبة” على إحتمالات نجاح لقاء القصر الجمهوري اليوم بين رئيسي الجمهورية والرئيس المكلف، وهما المعنيان الوحيدان حصرًا بموضوع التشكيل.
وكان يُفترض بالكتلة “القوية” أن تنتظر نتائج هذا اللقاء لتبني على الشيء مقتضاه، ولكن ما حصل هو إستمرار باسيل المضي في سياسته التعطيلية ووضع أكثر من عصا في دواليب مساعي التشكيل.
وهذا يعني، وفق قراءة معمّقة لهؤلاء المراقبين، وإستنادًا إلى تجارب سابقة، أن باسيل لا يريد أن تصل المفاوضات بين الرئيسين عون وميقاتي إلى الحدّ الأدنى من التفاهم حتى على المبادىء والأسس.
وعليه، فإنه يُستشّف من فحوى هذا البيان أن لقاء اليوم لن يؤتى ثماره، وأن مساعي التشكيل ستبقى تراوح مكانها، إلاّ إذا حصلت أعجوبة ما وفي مكان ما، مع العلم أن زمن المعجزات قد ولىّ.