نصرالله يسخّف هواجس جنبلاط الإيرانية في الترسيم : عقول صغيرة

الدولار الجمركي : حجب "التوقيع الثالث" عن تسعيرة الـ 20 ألفاً

مع اقتراب “لحظة الفصل” الرئاسية، لم يعد يشغل بال اللبنانيين الذين عانوا الأمرّين، ذلاً وقهراً، تحت حكم العهد العوني وحلفائه في 8 آذار، أكثر من فرضية تكرار سيناريو العام 1989 التدميري، ليعود الرئيس ميشال عون مجدداً إلى “التمترس” في القصر الجمهوري رافضاً تسليم مقاليد الرئاسة، هذه المرة بذريعة “عدم مراكمة الفراغ على الفراغ” التي أفتى بها مستشار القصر سليم جريصاتي عبر “نداء الوطن” أمس، في تصريح أراد منه في الشكل تكذيب المعلومات التي تحدثت عن اتجاه عون إلى عدم مغادرة قصر بعبدا لدى انتهاء ولايته الرئاسية، غيرّ أنه في المضمون أتت عباراته لتراكم “الشك على الشك” بصدقية هذه المعلومات.

سيّما وأنه “حار ودار” حول الموضوع ولم ينفِ بالمطلق فرضية “عدم المغادرة”، ليخلص على طريقته الإبداعية في ابتداع “الفتاوى الدستورية” إلى القول : “نحن نلتزم أحكام الدستور، لكن طبعاً هذا يعني أنه لا يجب عليهم المراهنة على الوقت، أي على المغادرة، لأنّ الشعب لا يستطيع أن ينتظر استحقاقاً ولا يجوز الفراغ على فراغ”!

وبينما رهان العهد وتياره كان وسيبقى على انتظام صفوف قوى 8 آذار تحت عباءة “حزب الله” لإعادة فرض المعادلات الرئاسية كما كان الحال قبل ست سنوات حين فرض “الحزب” إيصال مرشحه العماد عون إلى سدة الرئاسة الأولى بقوة الفراغ والتعطيل، لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يجهد ويجتهد في تعبيد أرضية “الفراغ الشامل” رئاسياً وحكومياً بانتظار أن يقطع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الخيط الأبيض من الأسود في حسم مسألة تسمية مرشحه للرئاسة، خصوصاً وأنّ ملف الرئاسة لم يرتق بعد إلى مصاف أولويات نصرالله في ظل انشغاله بحسم خياراته المفتوحة راهناً بين “الحرب والسلم” مع إسرائيل في ملف الترسيم البحري جنوباً.

وأمس، أطل السيد نصرالله لتمجيد ذكرى اللحظة الأولى لوصول “رُسُل الإمام الخميني” إلى لبنان لتأسيس “حزب الله” عام 1982، فعاد بالحنين والذاكرة إلى “البدايات” منذ مجيء قوة من قيادات الحرس الثوري إلى بلدة جنتا البقاعية لإقامة معسكر “الدورة الأولى” قبل أربعين سنة ثم “كانت الدورة الثانية وبعدها الثالثة والرابعة والخامسة، وفيما بعد توقف العد، وتوسّعت المعسكرات ومخيمات التدريب واختلط الدم اللبناني بالدم الإيراني في القصف الإسرائيلي”…

أما في موضوع الاستحقاقات السياسية الداخلية، فاختصر أمين عام “حزب الله” حديثه “بكلمتين سريعتين”، حرص في مستهلهما على نفي أي علاقة بين الملف النووي الإيراني وملف الترسيم البحري مع إسرائيل، مؤكداً أنه على الرغم من أنّ العودة إلى الاتفاق النووي بين الغرب وإيران “حدث مهم” وعدم العودة “حدث مهم” أيضاً، لكن “سواء وقع الاتفاق أم لم يوقّع” فإنه إذا لم يحصل لبنان على ما يريده من حقوق نفطية وغازية “فإننا ذاهبون إلى التصعيد”.

ورأت مصادر سياسية في كلام نصرالله عن عدم علاقة إيران بأي خطوات تصعيدية من جانب “حزب الله” في ملف الترسيم البحري “رداً غير مباشر على الهواجس التي كان قد طرحها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أمام وفد “حزب الله” الذي زاره في كليمنصو برئاسة المعاون السياسي لأمين عام “الحزب” حسين الخليل، حين سأله جنبلاط بصراحة عما إذا كانت هناك أبعاد أو رسائل إيرانية لعملية التصعيد من جانب “حزب الله” في أعقاب إرسال المسيرات إلى حقل كاريش”.

فبدا واضحاً تعمّد نصرالله تسخيف مثل هذه الهواجس في إطلالته أمس قائلاً : “يوجد أناس عقولهم تظهر كبيرة ولكن في هذه النقطة ‏عقولهم صغيرة كثيراً (…) إذا أرادوا وضع العين على اتفاق فيينا لا مشكلة في ذلك، لكن يجب أن تكون عين اللبنانيين على كاريش وعلى الحدود و‏الجنوب اللبناني وشمال الكيان، وعلى الوسيط الأميركي الذي إلى الآن لا ‏يزال يضيّع الوقت… ووقته ضاق”.

أما في مستجدات إشكالية الدولار الجمركي، فأصبح محسوماً أنّ طرح رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال اعتماد تسعيرة 20 ألف ليرة للتعرفة الجمركية الجديدة لن يحظى بـ”التوقيع الثالث” على المرسوم من جانب وزير المالية، خصوصاً وأنّ نصرالله حسم موقف الثنائي الشيعي أمس بإعلانه رفض هذه التسعيرة باعتبارها “قفزة كبيرة ومضرّة وغير مناسبة”.

وذلك بالتوازي مع إقدام وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم أمس على نزع أي “صفة رسمية في الشكل أو المضمون” للاجتماع الوزاري الذي ترأسه الرئيس نجيب ميقاتي في السراي أخيراً، معترضاً من هذا المنطلق على العبارة التي وردت “في كتاب رئيس الحكومة لوزير المالية حول ما يصطلح عليه بالدولار الجمركي وإشارة دولته إلى التوافق عليه في جلسة السراي الحكومي (…) نظراً لان الجلسة ليست رسمية ولا تخضع لآلية التصويت، وإلا لو كنا في جلسة رسمية لما كنا وافقنا”.

اخترنا لك