ميقاتي : لا أحد يُساعدني ماذا أفعل… فهل تصل الى العصيان المدني ؟
مافيات الأدوية المزمنة تتحكّم بالتوزيعات وبيعه مّقابل أموال خياليّة
لبنان لم يعد دولة، بعد ان اصبح محكوما من عصابة لا تعرف الا الحرام، وممارسة الموبقات، واذلال الناس وتهجيرهم الى بلاد الله الواسعة.
فلم يَراللبنانيون يوما أبيض مع هذه الطغمة المتحكمة بلعبة الدولار وادارة مافيات القمح والدواء، وامتلاك شركات التلزيم الكبرى والوكالات الحصرية، والسيطرة على قطاع النفط وسط أكبر عملية نهب منظمة للمحروقات، وتحديدا المازوت والفيول الذي يباع قسم منه عبر سحبه في انابيب موجودة داخل معامل دير عمار والذوق والزهرانى الى صهاريج التجار المركونة في باحات المعامل الخارجية، وبيعه باسعار خيالية في الاسواق السوداء، بالاضافة الى عدم افراغ السفن كامل حمولتها، وعلى «عينك يا تاجر».
وهذا ما يردده الموظفون، ويعرفه كبار القوم الذين يتقاسمون الارباح بالتساوي، وتنفجر الخلافات بينهم عندما يقع الخلل في توزيع الارباح وعدم تنظيم السرقات.
هذه الازمة «الكارثية» مستمرة، والاشهر القادمة حبلى بالانهيارات والتوترات والمفاجآت، ومحورها «كرسي بعبدا» ومَن يحظى بلقب «الفخامة»، بعد ان بات هذا الموقع حلم كل القيادات والفاعليات المارونية، لكنه لن يرى النور الا بتسوية خارجية كبرى رافقت وصول كل الرؤساء منذ الاستقلال، ومستبعدة حاليا.
وفي المعلومات، ان البلاد دخلت مرحلة المراوحة «لامعلّق ولامطلق»، والرئيس المكلف نجيب ميقاتي تحدث امام المكتب السياسي ل «تيار العزم» عن خطورة الاوضاع والخلافات و»المصايب» في كل ادارات الدولة، كاشفا «انه لا يلقى المساعدة من أحد، والحكومة متروكة»، سائلا «ماذا استطيع ان افعل في مثل هذه الاوضاع الداخلية والحصار الخارجي وقانون قيصر، فلم اوفر جهدا من اجل بقاء عجلة الدولة ومؤسساتها، اعمل بكل طاقاتي واتعرض لحملات ظالمة»، مكررا القول «ماذا أستطيع ان افعل في ظل حكومة تصريف الاعمال واوضاع المؤسسات»، مشيرا الى ان «العلاقة مع حزب الله جيدة، ولم تكن يوماً في هذا المستوى كما هي الآن، لكن لا أحد يساعدني، والجميع يحمّل الحكومة الازمات ويرمي الملفات في وجهها»، جازما بأنه «ليس امامنا الا صندوق النقد الدولي، ورغم كل الظروف والحملات لن اتراجع من اجل خدمة الشعب اللبناني».
تشكيل الحكومة
ووصف مقربون من ميقاتي أجواء اللقاء الاخير في بعبدا بانه كان وديا، سادته المجاملات وابدى الرئيس عون المرونة في درس التعديل الحكومي، لكن دخول الوزير جبران باسيل على الخط اطاح بكل الايجابيات، وجعل التعديل الحكومي يعود الى نقطة الصفر، فيما ينفي مقربون من بعبدا هذه التسريبات، ويوافقون ميقاتي على ودية اللقاء، لكن الرئيس عون لم يبد اية اشارات بشأن التعديلات المقترحة من ميقاتي قبل درسها.
وتسأل مصادر معارضة لنهج ميقاتي «هل مشكلة البلد باتت محصورة باقصاء الوزيرين عصام شرف الدين وامين سلام؟ ولماذا تراجع ميقاتي عن أبعاد وزير الطاقة وليد فياض رغم انها «مشكلة المشاكل»؟ وهل الهدف ارضاء الرئيس عون ومغازلة باسيل؟ مع التمسك بابعاد «الحلقة الاضعف» وزير المهجرين الارسلاني واستبداله بوليد عساف الجنبلاطي لخلق اشكال بين التيار وطلال ارسلان، بينما مشكلة امين سلام انه تجرأ على اعلان ترشحه لرئاسة الحكومة.
وتسأل المصادر ميقاتي «هل مطلبك خال من الكيدية»؟ هل الاصلاح والانقاذ يتمان في هذه الطريقة من تعطيل البلد؟ مع التأكيد ان التعديل المقترح لن يمر في بعبدا ولا عند جبران باسيل وغيره من القوى المحسوبة على ٨ اذار، وتؤكد المصادر ان فشل ميقاتي في ادارة الفراغ سيقطع عليه الطريق لتولي رئاسة الحكومة الاولى في العهد الجديد.
رئاسة الجمهورية
«لا صوت يعلو فوق صوت الاستحقاق الرئاسي» التي بات محور كل اللقاءات، في ظل تباينات شاسعة بين القوى السياسية وخلافات «كسر عظم» قد تنعكس على الارض في تشرين، مترافقة مع معلومات عن تحضيرات من «القوات» و»الكتائب» و١٤ آذار و»التغيريين» لتنفيذ سلسلة من الخطوات الرافضة لوصول رئيس غير «سيادي» او من رائحة ٨ آذار وحزب الله او «كيفما كان»، وسينفذون سلسلة اجراءات على الارض لتعطيل هذا المسار عبر الاضرابات والتظاهرات وقطع الطرقات، وصولا الى العصيان المدني مصحوبا بحملات أعلامية محلية وخارجية وتحريك المغتربات.
وهذا ما سيؤدي الى توترات داخلية ستكون على درجة من السخونة في الساحة المسيحية، والاجهزة الامنية على بيّنة من هذه الاجواء، وتملك المعلومات الكافية عن التحضيرات، وهذا ما سيفتح البلاد على مرحلة من الفراغ الطويل قد يمتد لسنوات في ظل الانشغالات الدولية والعربية عن لبنان.
هذا السيناريو قد يرفع أسهم العماد جوزيف عون حرصا على السلم الاهلي، لكنه سيصطدم حتما بمعارضي وصول قائد الجيش الى بعبدا ولديهم القدرة على التعطيل، وبالتالي فتح ابواب الانتظار حتى انضاج طبخة تفتح طريق بعبدا امام رئيس مقبول من الجميع، وهذا هو الشغل الشاغل لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط حاليا، لكن الخشية عند العديد من القيادات، ان لا يمر الاستحقاق الا بتسوية تفرض فرضا كما حصل بعد الطائف والدوحة، وحتى العام ١٩٧٦ والمجيء بالياس سركيس آخر.
فمن هنا، فأن المراوحة هي سمة المرحلة القادمة مع تجميد كل الملفات، وعدم اعطاء عهد الرئيس عون أي انجاز داخلي وخارجي، وهذا ينطبق على حكومة تصريف الاعمال ومعالجة الملفات على « القطعة» والانتظار.
الادوية المدعومة
والسؤال الى وزير الصحة والمعنيين عن وعودهم بمعالجة ملف الادوية المزمنة كالسرطان والقلب والضغط وغسل الكلى وغيرها.
فمن يتصدى لعذابات الناس ودموعهم امام الكرنتينا والمراكز المعتمدة لتوزيع هذه الادوية من قبل الدولة، مع أمتداد الطوابير الى مئات الامتار، والانتظار لساعات وايام تحت أشعة الشمس الحارقة، ليواجهون بعدها بعبارة «خلص الدواء وعليك الانتظار حتى يفتح مصرف لبنان الاعتمادات الجديدة».
والانكى انه يتم ارشاد المرضى الى صيدليات معينة ومستوصفات حكومية ومستشفيات تملك هذه الادوية وتباع للمرضى بأسعار خيالية، ويكتشفون انها ادوية مدعومة جاءت الى حساب الدولة، كما ان العديد من المغتربين كشفوا عن ادوية مدعومة مصدرها لبنان تباع في صيدليات الدول المقيمين فيها، واللافت في الكرنتينا والمراكز المعتمدة ان الادوية محصورة بلوائح يقدمها مندوبون عن الاحزاب الفاعلة ويتولون توزيعها على المحسوبين والانصار، دون أي تحرك من الاجهزة المعنية، لان الارباح تصل شهريا بانتظام الى الجميع في بلد مباح للمافيات السياسة على اختلاف انواعها.
كما ان السياسات الحكومية غير المدروسة، حسب خبراء الاقتصاد، عن رفع الدولار الجمركي جعلت التجار الصغار والمواطنين يزحفون الى التعاونيات ومستودعات التخزين لشراء حاجياتهم مما ضاعف الاسعار، مقابل احتكارات من النافذين ادت الى غلاء جنوني وارتفاع الدولار «اللي ضرب ضرب من الكبار»، وسادت حالة من الفوضى، بينما كان المطلوب من الحكومة، حسب الخبراء، دراسة الخطوة واعتماد سلم متحرك، وهذا يتطلب ادارة جيدة غير موجودة، مما سيؤدي الى فوضى عارمة في التطبيق ستطال كل اللبنانيين ومعيشتهم.
علما ان بعض الخبراء الاقتصاديين يجزمون ان رفع الدولار الجمركي هو احد شروط صندوق النقد الدولي، ويؤكدون استحالة تنفيذ الوعود الحكومية والحوافز الاجتماعية للموظفين دون تطبيق رفع الدولار الجمركي المحق، ويقترح بعض الخبراء رفعه بشكل تدريجي من ٨ آلاف الى ٢٠ الفا في مدة سنتين، علما ان الثنائي الشيعي طلب من وزير المالية عدم السير بالاقتراح كي لا تنفجر الازمة في وجهه، وبالتالي ستبقى الامور معلقة كسائر الملفات حتى العهد الجديد.