إنّي أتّهمكم بالقتل

قد يأتي برئيسٍ "خيخة" "ممودر"، لا لون له ولا طعم ولا رائحة

بقلم عقل العويط

مباشرةً إلى صلب الموضوع : انتخاب الرئيس الحاليّ المشرفة ولايته على الانتهاء رئيسًا للجمهوريّة قبل نحوٍ من ستّ سنوات، كان فعلَ قتلٍ مادّيًّا ومعنويًّا، فرديًّا وجماعيًّا.

كلُّ مَن شارك في ذلك الانتخاب، كلُّ مَن دعا إليه، كلّ مَن ساهم في تحقيقه، كلُّ مَن سهّل الوصول إليه، وكلُّ مَن عرقل احتمال – مجرّد احتمال – البحث عن رئيسٍ (عقلانيٍّ)، في محاولةٍ لمنع فعل القتل المُشار إليه أعلاه، هو – نظريًّا وعمليًّا – قاتلٌ، و/أو شريكٌ في القتل.

هذا هو رأيي الأخلاقيّ والوطنيّ المتواضع، ويحقّ لي أنْ أعلنه، وأنْ أشهره، وأنْ أدلّ عليه، وأنْ أنادي به، الآن خصوصًا، عشيّة اقتراب المهلة الرئاسيّة لانتخاب رئيسٍ جديد.

هذا رأيٌ سلميٌّ استنتاجيٌّ استخلاصيٌّ، خلفيّتُهُ واضحةٌ، وغايتُهُ واضحةٌ، وطريقُهُ واضحٌ. لا شيء فيه يحتمل الالتباس والتأويل: لبنان قتيلٌ بسبب هذه الرئاسة ومفاعيلها (تفاهم مار مخايل)، الناس قتلى بسبب هذه الرئاسة ومفاعيلها، وأنا أريد أنْ ألفت بطريقةٍ مدوّيةٍ، إلى هذا القتل المعنويّ والمادّيّ، الفرديّ والجمعيّ، وأسعى – من خلال إعلاء هذا الرأي – إلى وقف هذا القتل، وإلى وقف مفاعيله.

بناءً عليه، كلُّ محاولةٍ لتمديد أمد هذه الرئاسة، كلُّ محاولةٍ لتوريثها، كلُّ محاولةٍ لتوليد رئاسةٍ مشابهةٍ لها، كلُّ محاولةٍ للإتيان برئيسٍ على يد “المحور” الذي جاء بالرئيس المشرفة ولايته على الانتهاء، هي في رأيي المتواضع أيضًا فعلُ قتلٍ مادّيّ ومعنويّ، فرديٍّ وجماعيّ.

في المقابل، كلُّ غلطٍ يُرتَكب، كلُّ سوءٍ في التقدير، كلُّ إهمالٍ، كلُّ تهاونٍ، كلُّ انتفاخٍ عظاميٍّ بالذات، كلُّ تبعثرٍ في الاجتهاد والعمل والنضال لدى الجهات والأطراف والأحزاب والقوى والكتل والاتجاهات (والنوّاب الأفراد) المناهضين لـ”الأمر الواقع”، هو أيضًا وخصوصًا وفي الآن نفسه، فعلُ قتلٍ معنويّ ومادّيّ، فرديّ وجماعيّ.

كلُّ تغاضٍ من الرأي الوطنيّ الاعتراضيّ العام المتحلّق حول 17 تشرين، عن بذل مجمل أشكال وأنواع “الإقناع”، وعن ممارسة مجمل أشكال وأنواع الضغوط الديموقراطيّة السلميّة بمستوياتها كافّةً على مناهضي سلطة “الأمر الواقع” في مجلس النوّاب وخارجه، هو أيضًا وخصوصًا وفي الآن نفسه، فعلُ قتلٍ معنويّ وماديّ، فرديّ وجماعيّ.

ما يجري حاليًّا، في العلن وفي الكواليس، قد لا يكون يبشّر بالخير على مستوى الانتخاب الرئاسيّ، إمّا لأنّه قد يفضي إلى فراغٍ وخواء في السدّة، وإمّا لأنّه قد يؤبّد “الأمر الواقع”، وإمّا لأنّه قد يأتي برئيسٍ “خيخة”، “ممودر”، لا لون له ولا طعم ولا رائحة. الاحتمالات الثلاثة هذه، هي أيضًا وخصوصًا وفي الآن نفسه، فعلُ قتلٍ مادّيّ ومعنويّ، فرديّ وجماعيّ.

هناك احتمالٌ وطنيٌّ عقلانيٌّ عمادُهُ الكتاب (كتاب الدستور) للإتيان برئيسٍ عقلانيٍّ، سيّدٍ، وغير فاسد. كلُّ محاولةٍ لإجهاض هذا الاحتمال (الضئيل للغاية)، هي أيضًا فعلُ قتلٍ مادّيّ ومعنويّ، فرديّ وجماعيّ.

إنّي، والحال هذه، أتّهم بالقتل كلُّ المُشار إليهم أعلاه، من هذه الجهة أو تلك، أو… هاتيك. وإنّي قد بلّغتُ.

اخترنا لك