بقلم ألين الحاج
فيما يصارع لبنان السياسيّ لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج إلى طبيعتها بعد قطيعة دامت أشهرا، لم يكسر حدتها سوى مبادرة كويتية يتيمة، دخلت البلاد مجددًا في منحنى خطر إثر انتشار تسجيل صوتي الثلاثاء لمعارض سعودي، هدّد من خلاله بتفجير سفارة بلاده في بيروت، مع ما لهوية المهدد وجنسيته من دلالات.
اتخذ علي بن هاشم بن سلمان الحاجي من الأراضي اللبنانية ملاذًا له، وأثار التسجيل الخاص به ضجّة كبيرة في الشارع اللبناني ومخاوف من توريط لبنان بأزمة دبلوماسية مع المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، ما استدعى تحرّكًا سريعًا لوزير الداخلية بهدف تطويق الملف عبر متابعته مع الجهات الأمنية المختصّة.
وتوعّد الحاجي، في رسالته الصوتية سفارة المملكة في بيروت بعمل “سيؤدي إلى إبادة كل من فيها” قائلاً “أي أحد يلمس أحد من عائلتي، لن يبقى موظف في السفارة السعودية على قيد الحياة، وسأقدم على عمل لم يسبقني عليه أحد، وسأبيد كل شخص في السفارة”.
في المقابل لم يصدر أي بيان سعودي رسمي حتى الآن تعقيبًا على التهديد، واكتفى سفير المملكة في لبنان وليد بخاري بنشر تغريدة على منصة تويتر جاء فيها، “صَوَّرَ #الأعْشَى ميمونُ بنُ قيس حَماقةُ ما يقعُ مِن سُفَهاءِ الأنامِ وَغَوغاءِ العَوامِ بِقَولِهِ عنهُم وَعَن أمثالِهم في مُعَلَّقَتِه: ❞ كَنَاطِحٍ #صَخرَةً يَومًا لِيُوهِنَها .. فَلَم يَضِرها وَأوهَىٰ قَرنَهُ #الوَعِلُ..! ❝”
الحاجي يغرد
وبموازاة البلبة الكبيرة بدا لافتًا إطلاق المعارض السعودي الحاجي سلسلة تغريدات على حسابه الخاص على منصة تويتر، أعلن في إحداها أنه متواجد في سوريا حاليًا على أن يعود إلى لبنان في غضون عشرة أيام، وفي تغريدة أخرى قال إن التسجيل قديم ويعود إلى ثمانية أشهر، موحيًا أن الهدف من نشره الآن “إخراج المعارضة الخليجية من لبنان”، ليدعي في تغريدة ثالثة أنه تلقى تهديدات بالتضييق على عائلته المتواجدة في المملكة لإجباره على التخلي عن أنشطه.
دحض الادعاءات
من جهته دحض الناشط والكاتب السياسي المتابع للشأنين العربي والخليجي طارق أبوزينب في حديث لـ”جسور” ادعاءات الحاجي كافة، حيث أكد أن الأخير “متواجد في لبنان حاليًا وليس في سوريا كما حاول أن يوحي لتضليل الأجهزة اللبنانية”، وأشار إلى أن “جميع أفراد عائلة الحاجي كما أقاربه يتمتعون بكامل حقوقهم المدنية ولم يتعرض لهم أحد بأذى داخل السعودية” مضيفًا أن”المملكة العربية السعودية دولة لها قانون وتحكم بشرع الله والقضاء السعودي نبيل ويعمل بشفافية كبيرة”.
ويؤكّد أبو زينب “هدر دمه” غداة نشره بعض التغريدات على تويتر مدافعًا فيها عن المملكة العربية السعودية.
من هو المعارض السعودي
وخص أبوزينب “جسور” بمعلومات حصرية عن المعارض السعودي قائلاً إن “المدعو علي بن هاشم بن سلمان الحاجي، هو مواطن سعودي يحمل الهوية رقم (1011746342) ومتهم بجرائم إرهاب وتمويل أنشطة إرهابية داخل المملكة العربية السعودية، لكنه فار من القضاء السعودي ومقيم في لبنان تحت حماية حزب الله كما تظهر صور تم أخذها له مع مقاتلين في الحزب. وينشط الحاجي في إطار ما يسمّى “عصابة المعارضة السعودية” في لبنان، فضلاً عن مشاركته في تنظيم المؤتمرات التحريضية التي تقام في بيروت ضد السعودية والداعمة للنظام الإيراني والمليشيات الإيرانية في المنطقة”.
لبنان في عين العاصفة
وتابع أبوزينب قائلاً إن “الحاجي يعمل من لبنان على التحريض وبث السموم ضد دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم السعودية، كما يصف الشهداء السعوديين في اليمن بأنهم فطائس ويحرّض على قتل عناصر من الأجهزة الأمنية السعودية والجيش السعودي ويحرض على ضباط جهاز أمن الدولة السعودي.
واعتبر أبو زينب أن تهديدات علي هاشم الموجّهة ضد السفارة السعودية “تضع الأجهزة الأمنية والقضائية والحكومة اللبنانية أمام امتحان كبير حول قدرتهم على تنفيذ القانون والاتفاقات الدولية وتطبيق اتفاقية جنيف عام 1961، كما أنها تحرج حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تعهّدت من خلال دولة الكويت بأن لبنان لن يسمح بأي نشاطٍ معادي لدول الخليج عامة والسعودية خاصة”.
معلومات خاصة إضافية أعلنها أبوزينب حيث أكد أن “علي هاشم الحاجي يتواجد مع عدد من الإرهابين الفارين من العدالة في السعودية والمتهمين بعمليات إرهابية على الاراضي اللبنانية ويتخذون من لبنان مقرًا لهم للتنقل بين سوريا والعراق بطرق غير شرعية و يقاتلون مع مليشيات إيرانية مذهبية متطرفة”.
وفي الختام طرح سؤالاً على من يسمون أنفسهم بالمعارضة السعودية وغيرهم المطلوبين والمتهمين بأعمال ارهابية في دولهم “إن كانوا يصرحون علنًا بأنهم يقيمون في ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله وإن كانت الضاحية تحوّلت إلى ملاذ ومأوى للمطلوبين الدوليين”.
لبنان مسرح لتصفية الحسابات
في الإطار عينه أبدت الصحافية راوية حشمي في حديث لـ”جسور” تخوّفها من “تصنيف لبنان كدولة حامية للإرهاب بعدما حلّ في المراتب الأخيرة من التصنيفات العربية والعالمية في العيش والسعادة والأمن والاقتصاد”.
ولفتت إلى أن “حزب الله حوّل لبنان إلى مسرح لتصفية الحسابات المحلية والإقليمية كما جعل منه ملاذًا للخارجين عن القانون ليصبح أخيرًا ملاذًا للارهابيين”، موضحة أن المواطن السعودي المعارض “يحتمي علنًا بحزب الله وبالنظام السوري وبرئيسه بشار الأسد”.
وأشارت في المقابل، إلى أن تغريدة السفير السعودي تعكس رصانة سفراء المملكة حتى بحديثهم عن الارهاب، “الدبلوماسية السعودية مسؤولية كبيرة، والسفراء الذين تولوا هذه المهمة يتمتعون بقدر كبير من الحنكة والمسؤولية في التعاطي مع أي قضية كانت”.
أن يحمل من هدّد السفارة السعودية في لبنان الجنسية السعودية له دلالات عديدة، تتابع حشمي قائلة “ليس الأمر بجديد على المحور الإيراني، إذ لطالما اعتمد في سياسته على محاربة الدول بأبنائها من المعارضين أو الخارجين عن القانون، وهو ما يحدث في اليمن والعراق والسعودية”، معلنة أن حزب الله، ذراع المحور قرر “تقديم لبنان لهم كمساحة ليتابعوا فيها مشاريعهم الارهابية”.
من جهة أخرى، لفتت حشمي إلى “أن حزب الله ترك كل أزمات البلاد ليصب اهتمامه على العلاقة مع الخليج والسعودية تحديدًا واتهامها بقمع الرأي المعارض وفرض أجندات علينا”.
لكنها أكدت أن أحدًا لن يتجرأ ويقدم على تفجير السفارة السعودية “التفجير من شأنه أخذ البلد إلى الهاوية ولسنا بوارد ذلك لأن لبنان ذاهب باتجاه طلب ثقة الغرب والعرب والحكومة تسعى إلى وضع قوانين لكسب ثقة البنك الدولي”.
وكان وزير الداخلية والبلديات اللبناني القاضي بسام مولوي، وبصفته رئيس مجلس الأمن الداخلي المركزي، وجّه كتابين الى كل من المديرية العامة لقوى الامن الداخلي – شعبة المعلومات طالبا إجراء الاستقصاءات اللازمة والعمل على توقيف من يثبت تورطه وإحالته امام القضاء، واتخاذ الاجراءات اللازمة بما أمكن من السرعة، والى المديرية العامة للامن العام لايداعه جدول حركة دخول وخروج، كل من يثبت تورطه، من وإلى لبنان.