خالد قباني : الدستور لا يُجيز لـ ميشال عون سحب التكليف من ميقاتي
في حال الشغور الرئاسي.. هذه هي صلاحيات الحكومة المستقيلة ومسؤولية البرلمان
اللواء
بعد الجدل الواسع حول صلاحيات الحكومة مستقيلة كانت أم أصيلة في ظل وجود فراغ رئاسي في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعن دور مجلس النواب في حال الشغور في سدّة الرئاسة، يؤكد الأستاذ في القانون الدستوري والوزير السابق خالد قباني على ان المادة 62 من الدستور واضحة وصريحة ولا يمكن الاجتهاد بها على الإطلاق، فهذه المادة تقول : «في حال خلو سدّة الرئاسة لأية علّة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء بالوكالة»، أي انه في هذه الحالة الحكومة إن كانت مستقيلة أو مكتملة الصلاحيات ففي الحالتين تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء.
الوزير قباني وفي حوار خاص لموقع «اللواء»، أجرته الزميلة زينة أرزوني، يشدّد على ان رئيس الجمهورية لا يستطيع سحب التكليف من رئيس الحكومة المكلف، لأن التكليف مبني على الخيارات التي قام بها أعضاء مجلس النواب، وبالتالي وفقاً لأحكام الدستور هذا الخيار غير متاح أمام رئيس الجمهورية، لأنه مخالف لأحكام الدستور.
وفي حال وقوع البلد في الفراغ الرئاسي وعدم توجيه رئيس مجلس النواب الدعوة لانتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية المحددة، يشير الوزير قباني الى انه عندها يُعتبَر المجلس حسب المادة 73 من الدستور في حالة انعقاد حكمي، بحكم الدستور خلال العشرة أيام الأخيرة، أي ان الدستور ألزم النواب بالحضور وانتخاب رئيس للجمهورية قبل أي عمل آخر، فالدستور أعطى أولوية لانتخاب رئيس للجمهورية قبل التشريع أو تشكيل حكومات أو أي شيء.
وعن صلاحيات الحكومة المستقيلة في حال خلو سدّة الرئاسة، يوضح قباني «ان الدستور اللبناني لا ينص على صلاحيات الحكومة المستقيلة لان هذا الموضوع يتعلق بالاجتهاد القضائي حول صلاحيات الحكومة المستقيلة، الدستور يحدّد صلاحيات الحكومة القائمة، ولكن ما طرأ على الدستور اللبناني بعد التعديلات التي حصلت عليه في 21 أيلول عام 1990 انه وضع نصاً جديداً في الدستور حول الحكومة المستقيلة.
فالمادة 64 من الدستور اللبناني أوجبت على الحكومة المشكّلة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري خلال 30 يوماً من تاريخ صدور تشكيل الحكومة، وفي هذه الفترة قبل الحصول على الثقة، الحكومة تقوم بتصريف الأعمال في المعنى الضيق لتصريف الأعمال، أي ان الدستور ضيّق صلاحيات الحكومة المستقيلة، والغاية من ذلك وضع السياسيين أمام مسؤولياتهم والإسراع في تشكيل الحكومة».
ويشير الى انه «في حالة الضرورة والظروف الاستثنائية تستطيع حكومة تصريف الأعمال ممارسة مهامها وكأنها حكومة مكتملة الصلاحيات، لحين انتهاء ظروف الضرورة».
وعن انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى حكومة تصريف الأعمال، يؤكد قباني على ان «المادة 62 من الدستور واضحة وصريحة ولا يمكن الاجتهاد بها على الإطلاق، فهذه المادة تقول: «في حال خلو سدّة الرئاسة لأية علّة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء بالوكالة»، أي انه في هذه الحالة تتولى الحكومة، ان كانت مستقيلة أو مكتملة، الصلاحيات في الحالتين تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء، لانه لا يجوز أن يتوقف سير العمل في المؤسسات الدستورية والمرافق العامة ومؤسسات الدولة لأي سبب كان، وفي هذه الحالة إذا لم تتوفر حكومة تحظى بثقة مجلس النواب يمكن لحكومة مستقيلة أن تمارس وكالة هذه الأعمال بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.
سحب التكليف من الحكومة
وعن إمكانية سحب الرئيس ميشال عون التكليف من الرئيس نجيب ميقاتي، يشير قباني الى ان «التكليف لم يأتِ من صلاحية دستورية معطاة بالمطلق لرئيس الجمهورية، فتكليف رئيس الحكومة هو مبني على الاستشارات التي يجريها رئيس الجمهورية مع مجلس النواب، فهي ليست صلاحية مطلقة لرئيس الجمهورية بمعزل عن مجلس النواب، المادة 53 من الدستور تقول : «يسمّي رئيس الجمهورية الرئيس المكلف بناء على استشارات نيابية ملزمة»، إذا هذه التسمية تتم استناداً الى الاستشارات النيابية الملزمة التي حدّدت من هي الشخصية السنية التي يختارها لتشكيل هذه الحكومة، وبالتالي لا يستطيع رئيس الجمهورية سحب هذا التكليف لأن التكليف مبني على الخيارات التي قام بها أعضاء مجلس النواب، وبالتالي وفقاً لأحكام الدستور هذا الخيار غير متاح أمام رئيس الجمهورية، لانه مخالف لأحكام الدستور.
وعن مصطلح تعويم الحكومة، يوضح قباني انه ليس في الدستور اللبناني ما ينص على تعويم الحكومة، خصوصاً بعد اتفاق الطائف، فالحكومة يتم تشكيلها بعد الاستشارات النيابية استناداً للمادة 53 والمادة 64 من الدستور، ليس النص كما كان في السابق أي قبل اتفاق الطائف، أي انه كان رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويختار من بينهم رئيساً ويُقيلهم، وبالتالي عندما يصدر رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة يصدره بالاتفاق مع رئيس الحكومة ولا يتفرّد في هذا الأمر.
ويضيف: المادة 64 من الدستور في الفقرة الثانية من الدستور تنص على ان رئيس مجلس الوزراء يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، وبعد حصيلة هذه الاستشارات يضع رئيس الحكومة التشكيلة الوزارية ويعرضها على رئيس الجمهورية.
وعن دور مجلس النواب في حال الفراغ الرئاسي، يؤكد قباني «ان انتخاب رئيس الجمهورية لا علاقة له بوجود حكومة مستقيلة أو حكومة مكتملة الصلاحيات، فهذا العمل يقوم به مجلس النواب وهو مستقل تماماً عن أي سلطة أخرى، وليس مربوطاً بتشكيل حكومة أو عدم تشكيلها، فهذا لا يؤثر على موضوع المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية، لأن مجلس النواب يقوم بهذه المهمة الدستورية بمعزل عن طبيعة الحكومة الموجودة»، مشيراً الى ان انتخاب رئيس الجمهورية محدّد ضمن مهلة دستورية معينة تبدأ حسب نص المادة 73 من الدستور قبل شهرين على الأكثر، وشهرين على الأقل من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية يلتئم مجلس النواب بدعوة من رئيسه لانتخاب رئيس جمهورية جديد، ويجب أن يلتئم مجلس النواب ضمن هذه المهلة، وهذا النص مُلزم».
ويضيف : «الفقرة الثانية من المادة 73 من الدستور تقول : إذا لم يدعُ مجلس النواب خلال هذه المهلة الى الإلتأم، عندها يلتئم مجلس النواب حكماً قبل 10 أيام من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وهذه المدة مُلزم بها مجلس النواب للدعوة، وعضو مجلس النواب ليس لديه حرية الخيار بحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية أو عدم الحضور، لان الدستور يُلزمه بتلبية دعوة رئيس مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، لان هذا الحق ليس حقاً شخصياً، هو حق دستوري لانه هناك تكليف دستوري للنائب بانتخاب رئيس للجمهورية، فهو ليس حقاً استنسابياً وليس موقفاً سياسياً يستطيع أن يتصرف به كما يحلو له وفقاً لمصالحه أو مواقفه السياسية، بهدف تطيير نصاب جلسة الانتخاب، وذلك يعني عدم الالتزام بأحكام الدستور وتأجيل انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع البلد في خطر كبير وعلى استقرار لبنان».