بقلم د. ميشال الشماعي
ما إن دخل لبنان في مرحلة الإستحقاق الرئاسي حتّى بدت الأنظار كلّها شاخصة نحو الفريق المعارض لدويتّو المنظّمة والمنظومة. لا سيّما بعد الجهود التي بذلتها وتبذلها معراب لتجمع الأفرقاء المعارضين كلّهم تحت سقف مشروع رئاسي إنقاذيّ، بعدما طرح رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع، فكرة الرئيس التوافقي داخل البيت المعارض على رغم أحقّيّته بالترشّح للرئاسة الأولى.
وفي السياق الرئاسي، بدت معراب العهد والوعد للبنانيّين كلّهم بالثقل النيابي والشعبي والتنظيمي الذي تحمله. من هنا لا يمكن إلّا وأن يتمّ الشبك مع القوّات اللبنانيّة بعدما تمّ تخطّي محاولات اللعب على أرقام الناخبين الذين اقترعوا للقوّات وللتيار، وتمّ تثبيت وجهة الصوت المسيحي قوّاتيّاً، والصوت اللبناني كيانيّاً. ولن يكون أيّ رئيس للبنان إلّا إن مرّ في معراب.
أمّا إن لم تستطع المعارضة اللبنانيّة أن توصل الرئيس الذي سيحمل مشروع الإنقاذ فسينزلق لبنان إلى المزيد من الإنهيارات بسبب العزلة الدّوليّة والعربيّة التي وضعه بها هذا العهد، بالنهج السياسي الذي اتّبعه في المحور الإيراني. وعندها ستتكوّن جبهة معارضة صلبة. حبّذا لو يدرك المعارضون كلّهم ضرورة تكوّن هذه الجبهة قبل هذا الاستحقاق المصيري. ومصيريّة هذا الاستحقاق تتثبّت من الجهوزيّة التي يدّعيها بعض من هم في محور إيران، آخذين على عاتقهم مواجهة القوّات اللبنانيّة يوماً بيوم.
وبحسب المصادر القوّاتيّة، ستكون مقاربة رئيس القوّات الأحد المقبل في قدّاس ذكرى شهداء المقاومة اللبنانيّة من معراب انطلاقاً من أهميّة هذا الاستحقاق بالنسبة إلى لبنان الجديد، لا سيّما أنّه يأتي بعد انتخابات نيابيّة تمّ فيها إسقاط أكثريّة تباهى بها «حزب الله» وحليفه لسنين خلت، حتّى بلغت العنجهيّة ببعض سياسيّيهم إلى حدّ وصف أنفسهم بأنّهم «أسياد هذا البلد»، متناسين عمداً تتمّة هذه المقولة «وأنتم عبيده».
من هنا، سيؤكّد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة في قدّاس الأحد انفتاح حزبه، بكلّ ما يمثّله، على الأطراف المعارضة كلّها من دون استثناء، إلّا أولئك الذين حسموا أمرهم في خطّ ثالث، فيرفضون القوّات ولا يتعاونون مع دويتّو الحكم. عندها سيكون صوتهم الرئاسي صوتاً ساقطاً أبريوريّاً لا قيمة له؛ لأنّ الزمن ليس زمن تسجيل مواقف سياسيّة لأحد على أحد، وبالطبع ليس زمن تحقيق Trend على وسائل التواصل الإجتماعي.
هذه الأجواء المعرابيّة كلّها معطوفة على مبادرات واقتراحات معارِضة إن كان من النوّاب الجدد أو بعض المستقلّين الذين حدّدوا موقفهم من هذه القضيّة المصيريّة يجب أن يتمّ تثميرها إيجابيّاً. على هؤلاء كلّهم الإلتقاء على هدفين اثنين: الأوّل عدم السماح بإيصال رئيس من محور 8 آذار، والثاني وهو الهدف الأصعب لكن ليس المستحيل وهو إيصال رئيس يحمل المشروع الإنقاذي. وحذارِ الدخول في بازارات الوسطيّة أو المقبوليّة على قاعدة رئيس مدير للأزمة التي يعانيها لبنان، لأنّ ذلك يعني حتماً الموت السريريّ للوطن كلّه.
وبحسب المؤشّرات كلّها، إنّ الهدف الأوّل قد تحقّق حيث من الصعب جدّاً إيصال رئيس من محور 8 آذار بسبب خلافات أهل البيت الواحد أوّلاً، ولإدراك هذا الفريق ثانياً مدى خطورة وجوده في الرئاسة الأولى إقليميّاً ودوليّاً. من هنا، استماتته في تقديم التنازلات في ملفّ الترسيم، ليظهر نفسه القادر والقدير على إدارة ما أبقاه من لبنان الدّولة من دون أن يشكّل أيّ إزعاج للمجتمعين الإقليمي والدّولي.
فعلى ما يبدو، سنكون في القادم من الأيّام أمام ولادة جبهة معارضة باتت حتميّة بالنسبة إلى بقاء الوطن. ولمواجهتها قد يجد مايسترو محور الممانعة في لبنان نفسه مضطرّاً إلى إعلان مرشّحه للرئاسة. من هنا، سترتفع بورصة الترشيحات. وستظهر أسماء جديدة سيعمد محور 8 آذار على طرحها من خلف الستارة متحيّناً الفرصة المناسبة ليستطيع أن يكوّن أكثريّته من جديد بالترهيب إن اضطرّه الأمر، وقد اعتدنا ذلك، ليصدّ مشروع الرئيس الإنقاذي الذي سيرتبط مصير لبنان كلّه بقدرته على التحرّك إنقاذيّاً. والإنقاذ يعني حتماً المواجهة لأنّ مَن يريد أن ينقذ لبنان سيدخل بالتأكيد في مواجهة مع مَن أوصل وطن الأرز إلى جهنّم.