القى البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي ، في افتتاح مؤتمر المدارس الكاثوليكية الثامن والعشرين الذي انعقد في ثانوية مار الياس للراهبات الأنطونيات في غزير عن”الحوكمة في المدارس الكاثوليكيّة من منظور الدينامية الجماعية”.
وقال : “يسعدني أن أفتتح معكم هذا المؤتمر باسم صاحب الغبطة بطريرك اليونان الحاضر معنا، وأصحاب الغبطة البطاركة والسيادة المطارنة والرؤساء والرئيسات العامين والإقليميّين أعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. فيطيب لي أن أحيّيكم جميعًا، وأن أشكر كل الحاضرين والمشاركين والمشاركات”.
وتابع، “لقد شئتم من خلال موضوع هذا المؤتمر أن تواكبوا الكنيسة الكاثوليكيّة في مسيرتها السينودسيّة، بما تعني من شركة ومشاركة ورسالة، من أجل حوكمة أفضل في مدارسنا الكاثوليكيّة”.
وأشار الى أن “المدرسة الكاثوليكيّة، بحكم صفتها “كاثوليكيّة” تحمل بعدين : الأوّل، التزامها رسالة الكنيسة؛ والثاني، جامعيّتها أي إنفتاحها أمام الجميع، دونما تمييز”.
وأوضح أن “لكي تقوم المدرسة الكاثوليكيّة برسالتها، تحتاج إلى شركة بحيث يضع كلّ واحد من مكوّنات الأسرة التربويّة-إدارة، هيئة تعليميّة، أولياء التلامذة، الموظفون التربويّون، الطلاب، المجتمع، الدولة ، ما عنده من نظرة ورأي ورؤية في القضايا التعليميّة والتربويّة المطروحة”.
وأضاف، “حياة الشركة تعطي المدرسة الكاثوليكيّة وجه السينودسيّة التي تعني السير معًا، والإصغاء المتبادل، بحيث يعود لكلّ واحد أن يتعلّم شيئًا”.
ورأى أن “هذه الأعمدة الثلاثة، التي تبنى عليها المدرسة الكاثوليكيّة، هي وحدة متكاملة: شركة سينودسيّة رساليّة. وعلى أساسها يتمّ إصلاح الحوكمة التربويّة والإداريّة. وكم نتمنّى أن يسير في موازاتها إصلاح الحوكمة في المدرسة الرسميّة، من أجل ضمانة رفعة مستوى التعليم والثقافة في لبنان، المشهود له في العالم. فموهبة العلم عندنا هي ثروتنا الطبيعيّة”.
وشرح أن “إصلاح الحوكمة عبر الشركة السينودسيّة الرساليّة مدعوٌ ليتمّ من جهة في داخل كلّ مدرسة كاثوليكيّة، ومن جهة أخرى بين المدارس الكاثوليكيّة على مستويين: مستوى مجموعة المدارس التابعة للأبرشيّة أو للرهبانيّة الواحدة من خلال المكتب التربويّ فيها، ومستوى المدارس الكاثوليكيّة ككلّ من خلال أمانتها العامّة. وكذلك من جهة المدارس الرسمية من خلال وزارة التربية والتعليم العالي”.
وتابع، “تقتضي الحوكمة التربويّة الجمع المتوازن بين التقليد والحداثة، مع السهر على ألّا يذوب التقليد في الحداثة، وألّا تهيمن الحداثة على التقليد. تهدف الحوكمة إلى غاية أساسيّة هي تكوين نوعيّة الإنسان المواطن بوسائل أربع: اولا”، تربيته الشاملة روحيًّا وأخلاقيًّا وعلميًّا وولاءً لوطنه؛ ثانيًا، تأمين التعليم النوعيّ له؛ ثالثًا، توفير التعلّم للجميع لكونه ثروتنا الطبيعيّة؛ رابعًا، الجودة الشاملة (راجع المجمع البطريركي المارونيّة والتربية: في التعليم العام والتقني، الفقرة 64)”.
واستكمل، “من هذا المنطلق، تأتي ورشة “تحديث وتطوير المنهج التربويّ” التي أطلقها معالي وزير التربية والتعليم العالي القاضي عبّاس الحلبي في أوائل آب من العام الماضي 2021. وباشروا العمل بهذه الورشة في الشهر عينه في المركز التربويّ للبحوث والإنماء بمشاركة القطاع الخاص. وقد شاء الوزير مع القطاع الخاص بالتعاون مع خبراء علميّين وتربويّين، وهذا كان حديثنا منذ أربعة أيام، أن يكون هذا العمل بعيدًا من التمثيل الحزبيّ والسياسيّ، لئلا يتعطّل تحقيق هذه الورشة، ولئلا تُفسد في جوهرها، إذا ما تحقّقت تحت هذا التمثيل”.
سياسيا، أردف الراعي، “يكفينا أن النزاعات الحزبية والسياسية أفسدت الإدارة في الدولة، وعطلت القضاء وفكفكت أوصال الجمهوريّة. وآخر مظهر لهذا، التدخّل الحزبي والسياسي الهدّام نراه في عدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيّات لكي تمارس سلطتها الإجرائيّة، وفي فذلكات إدارة الشغور الرئاسيّ، وكأنّه أمر حاصل. والكلّ يناقض كلّيًّا الدستور، الموضوع جانبًا والمخالف يوميًّا، تأمينًا للمصالح الشخصيّة والفئويّة”.
وقال: “أنتم تدركون، يا معالي الوزير، خطورة هذا الأمر وصعوبة تجنّبه. لكن ثقوا مع معاونيكم أنّنا معكم في هذا السعي ومدارسنا الكاثوليكيّة واللجنة الأسقفيّة والأمانة العامّة تناضل معكم من أجل تحقيق مشروع “تحديث وتطوير المناهج التربويّة”، ونصب أعيننا جميعًا حماية نموّ الإنسان اللبنانيّ بكلّ أبعاده”.
وختم بالقول، “إنّني، باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، أتمنى لهذا المؤتمر النجاح الكامل، تمجيدًا لله، وحماية للمدرسة الكاثوليكيّة وللمدرسة الرسمية، والتزاما لخدمة الإنسان المواطن اللبنانيّ لتتحقق فيه كلمة القديس إيريناوس: “مجدُ الله الإنسان الحيّ””.