تعيين محقق عدلي رديف في جريمة تفجير مرفأ بيروت : تخريجة سياسية للاطاحة بـالبيطار ؟

تصاعد الصراع السياسي في أكثر من اتجاه واكبه أمس اجراء مفاجئ لم تتبلور حيثياته الكاملة بعد، يتعلق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت عبر الموافقة على تعيين محقق رديف للمحقق العدلي المعلقة مهماته.

هذه الخطوة اضفت بغموضها المريب أجواء أخرى من الريبة والشكوك حيال ما يحصل في المرحلة الانتقالية الراهنة على مستويات مختلفة، وكان البلاد دخلت في متاهات تفلت مؤسساتي وتصفية حسابات تنذر بخطورة عالية وسط الهرولة الى متاهات سقوط القطاعات تباعا.

وقد وافق مجلس القضاء الأعلى على المضمون الكتاب الذي أرسله وزير العدل الى المجلس لتعيين محقق عدلي رديف عن القاضي طارق بيطار.

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود قد استقبل وفداً نيابياً مؤلفاً من النواب شربل مارون، جيمي جبور، ندى بستاني، جورج عطاالله، سامر توم وسيزار ابي خليل لمناقشة ملف بدري ضاهر مع عبود.

وذكرت «البناء» أن المجلس وافق بجميع أعضائه على كتاب وزير العدل وذلك نظراً للظروف الصحية والإنسانية السيئة التي يعاني منها بعض الموقوفين. كما علمت أن ضغوطاً سياسية عدة بالإضافة الى التحرك الشعبي في الشارع لأهالي الموقوفين دفع بمجلس القضاء الأعلى الى التجاوب مع وزير العدل.

وأفادت معلومات «البناء» أن كتاب وزير العدل وقرار المجلس جاء بعدما تبين للمسؤولين أن البت بأمر القاضي بيطار سيطول بسبب الخلافات السياسية على استكمال التشكيلات والتعيينات القضائية لا سيما في محكمة التمييز العليا التي ستنظر وتبت بالدعاوى المرفوعة ضد بيطار، وبالتالي لا يجوز ربط مصير الموقوفين بمصير بيطار، لا سيما وأننا في ظل حكومة تصريف أعمال وتعثر تأليف حكومة جديدة وربما الى فراغ رئاسي قد يطول ويؤجل معه البت بملف الموقوفين الى العام المقبل.

ونقلت ” النهار” عن مصادر قضائية ان مجلس القضاء الأعلى وافق على هذا الاجراء على ان يقترح وزير العدل هنري خوري اسم القاضي تمهيدا لابداء مجلس القضاء رأيه وذلك الى حين ان يتمكن قاضي التحقيق العدلي طارق بيطار من وضع يده على الملف .

وهي المرة الأولى التي يتخذ فيها مثل هذا القرار على ان تقتصر مهمة القاضي الرديف الذي سيتم اقتراحه من وزير العدل على بت طلبات التخلية فحسب . وجاءت موافقة مجلس القضاء الأعلى على هذا الاجراء بناء على اقتراح عاجل من وزير العدل بما اثار الاعتقاد بانه يمهد لاطلاق سراح بدري الضاهر .

وأبدت أوساط قضائية خشية من ان يحمل قرار مجلس القضاء الأعلى القاضي بيطار على الاستقالة .

ونقلت «اللواء» عن مصادر متابعة للموضوع، ان المجلس الاعلى للقضاء وافق بالإجماع على تعيين القاضي البديل خلال فترة قريبة جدا وبسرعة، نتيجة الاوضاع الصحية والإنسانية لعدد كبير من الموقوفين للبت بمصيرهم، خاصة لمن لديه مظلومية حصلت بسبب تعثر ملف التحقيق نتيجة الظروف ولتي احاطت بملف التحقيقات في ضوء دعاوى رد المحقق طارق البيطار..

واستنكرت مصادر سياسية السيناريو المضحك المبكي الذي حُبِك بين اكثر من طرف رئاسي ونيابي لانهاء التحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، وتزامن مع خطوة وزير العدل بإرسال كتاب الى مجلس القضاء الاعلى لتعيين رديف بالقضية، ريثما يستطيع القاضي طارق البيطار استئناف مهمته، بعد زوال العقبات التي تعرقلها، وتجاوب مجلس القضاء مع الكتاب.

ما يعني انصياع المجلس لرغبة الاطراف السياسيين المؤثرين بالقضية، ولا سيما الملاحقين والموقوفين فيها، بالتزامن مع قيام مجموعة من النواب العونيين بزيارة رئيس مجلس القضاء الاعلى ومطالبته بالانصياع والافراج عن الموقوفين وخصوصا رئيس المجلس الاعلى السابق للجمارك بدري ضاهر.

وقالت المصادر ان السيناريو الاخراج تم بضغط مباشر من العهد لتحقيق انجاز امام الرأي العام المسيحي تحديدا في اخر أيامه باطلاق العوني بدري ضاهر،بالاتفاق لاطلاق موقوفين لاحزاب اخرى، ما يعني وجود صفقة معدة بين هؤلاء، ستؤدي، ليس عن الإفراج عن الموقوفين بقضية التفجير وانما بتضارب الصلاحيات بوجود اكثر من محقق عدلي فيها، وقد تكون أولى نتائج هذا السيناريو، تنحي القاضي طارق البيطار عن القضية.

واستغربت مصادر سياسية كيف انه «وبعد اكثر من ٩ اشهر من تجميد العمل بالملف تم بسحر ساحر الاتفاق على تعيين محقق جديد»، مرجحة «الا يقبل المحقق الاصيل اي القاضي طارق البيطار بهذه التخريجة الترقيعية».

واشارت المصادر في حديث ل»الديار» الى انه «ورغم ما حكي عن ان المهمة الوحيدة للمحقق الجديد ستكون النظر في القضايا الإنسانية، وما يتعلّق منها بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين، الا ان ذلك سيفتح ابوابا لاجتهادات كثيرة حول صلاحيات هذا المحقق وما اذا كان يمكن ان يحل كليا بدل البيطار في حال قرر الاخير الاستقالة مثلا رفضا لقرار مجلس القضاء الاعلى».

اخترنا لك