–
أعادة أوساط فرنسية وأخرى لبنانية على صلة ببعض دوائر القرار الفرنسية تناقل معلومات تفيد بأنّ ماكرون مقتنع بأنّ “صديقه” سمير عسّاف ( مواليد الأشرفية في 20 حزيران/يونيو 1960 ) الذي واكب زيارتيه لبيروت وساهم في بلورة تشخيصه لأسباب الكارثة التي حلّت بلبنان وخريطة الطريق الواجبة لإخراجه منها، هو الأنسب ليكون رئيس الجمهورية اللبنانية.
وفي ذهن ماكرون، وفق هؤلاء الذين يتناقلون هذه المعلومات، إنّ لبنان في المرحلة المقبلة بحاجة الى رئيس للجمهورية لا يملك المعرفة الكاملة في عالمي المال والاقتصاد، فحسب بل لديه، أيضاً مروحة هائلة من العلاقات الإقليمية والدولية، وخبرة واسعة في التعامل مع كبار المستثمرين.
وفي اعتقاد كثيرين غير ماكرون إنّ هذه المواصفات تنطبق على قلّة لبنانيّة يتقدّمها سمير عسّاف الذي كان قد رفض في وقت سابق عرضاً بتولّي منصب حاكم مصرف لبنان مكان الحاكم الحالي رياض سلامة.
ويظنّ كثيرون أنّ ماكرون يملك ما يكفي من أدوات لـ”تسويق” اسم سمير عسّاف في مراكز القرار المعنية بلبنان، بدءاً بالولايات المتحدة الأميركية وصولاً الى المملكة العربية السعودية.
كما أنّ الرئيس الفرنسي يملك ما يكفي من قنوات تواصل مع “حزب الله” وإيران، لرفع العقبات التي يمكن أن تعترض إيصال عسّاف الى رئاسة الجمهورية اللبنانية، ناهيك عن التواصل القائم بين فرنسا وغالبية القوى السياسية الماثلة في المجلس النيابي اللبناني الحالي.
وماكرون، كما أظهرت الخلفية السياسية التي على أساسها طرح مبادرته الأصلية، ينتمي الى فئة ترى وجوب فصل الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية عن ملف سلاح “حزب الله”، على اعتبار أنّ الربط بينهما، في ظلّ موازين القوى المحلية والوضعية الدولية، من شأنه تجويع اللبنانيين من دون التمكّن من المسّ بسلاح “حزب الله”.
وهو يعتقد بأنّ الحلّ المرحلي يكمن في فصل مراكز القرار، بما أمكن، عن التبعيّة للقوى السياسية، لأنّه، في ظل عجز “المناوئين للنفوذ الإيراني” عن إيصال شخصية الى رئاسة الجمهورية، من الأفضل إقناع “النفوذ الإيراني” بإيصال شخصية مستقلة سياسياً تحتاجها البلاد، خصوصاً أنّ كبريات دول العالم، في المرحلة المقبلة، سوف تكون منشغلة بملفات ضخمة تحاكي محاولات منع نشوب حرب عالمية ثالثة، في ضوء المعطيات التي أبرزها الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا.
المصادر الرسمية الفرنسية رفضت تقديم أيّ تعليق على هذه المعلومات على قاعدة “بكّير”، ولكنّ أوساطاً لبنانية اعتبرت أنّه، بغض النظر عن صفات سمير عسّاف وخبرته، هناك خطأ منهجي في طريقة التفكير الفرنسي بالوضع اللبناني، إذ أثبتت التجارب الكثيرة والمريرة أنّ كلّ فصل بين الملفات “التقنية” والملف “السيادي” هو فخّ جديد يُنصب للبنان.
وتقول هذه الأوساط إنّ ماكرون، في حال صحّت هذه المعلومات، فهو يقترح للبنان حلّاً شبيهاً بذاك الذي اختبرته السودان مع رئيس الحكومة السابق عبدالله حمدوك.
والرئيس الفرنسي، كما ظهر في “مؤتمر باريس لدعم السودان” الذي انعقد في 17 أيّار (مايو) 2021 كان قد أبدى، علناً، إعجابه الشديد بحمدوك ونهجه، ممّا أسفر عن شطب غالبية دول العالم ديونها المستحقة على الخرطوم، وعن رفع مستوى الدعم المالي والاقتصادي للبلاد.
ولكن سرعان ما تمّ إفشال تجربة حمدوك، عندما انفرط الوئام مع الحاكم الحقيقي للسودان، أي “المجلس العسكري الانتقالي”، وعادت البلاد الى ما كانت تُعاني منه من ويلات.
وإذا كان “المجلس العسكري الانتقالي” هو صاحب الكلمة العليا في السودان، فإنّ “حزب الله” هو صاحب هذه الكلمة في لبنان.
وهذا يعني أنّ المواصفات الرئاسية لهذه المرحلة، ولو أنّها كانت متوافرة بشخص سمير عسّاف، إلّا أنّها، في اللحظة التي يراها “حزب الله” مناسبة، قد تُصبح بلاء على صاحبها وعلى البلاد.
ومهما كانت عليه الحال، فإنّ جديّة ما جرى تسريبه حول إمكان أن يحمل ماكرون اسم سمير عسّاف، سوف تتظهّر، في غضون ثلاثة أسابيع، بعد أن ينتهي الرئيس الفرنسي من هاجسه الأوّل حالياً، وهو الانتخابات النيابية الفرنسية التي تتهدّده بإمكان فقدان الأغلبية المطلقة في “الجمعية العمومية”.