ميّاس وكهنة البَعل !

بقلم الخوري الدكتور طوني الخوري – النشرة

لم تكن فِرقة “ميّاس” “Mayyas” اللبنانيّة وحدها مَن تمايل على خشبة مسرح America’s got talents ، بل كان جمهور المُشاهدين العريض يتماهى معها مغبوطاً، مأخوذاً، مسحوراً بمشهدية نادرةٍ لَم يَرَ لها مثيلاً، وأنا كنت من بينهم ! عرضٌ رائع…باهِر…جذّاب، جميلٌ، خلاّب، ساحِر ومُزلزل، يخطف الأنفاس ويُبهر العيون، ويستحق عن جدارة، ما قيل فيه من مديح.

على خشبة المسرح كان المُشاهد يرى الحياة والحركة، واللون، والتناغم، والانسجام. يرى السّحر والحلم. يرى الإبتسامة التي تجعل الأمل أقرب إليه.

يرى بريق العيون المتطلّعة إلى غدٍ مُشرِق، غَدٍ تجتاحه الرغبة الجامحة في النجاح والانضمام إلى ملحمة الانتصارات التي يُسطّرها شبابنا وشابّاتنا من تحت أنقاض الموت وسياسات التيئيس التي ترسمها زُمرةٌ من الدّجالين المتآمرين على الحياة، من رجال دُنيا ودين !

يرى البُكاء المُشَبَّع بآهات الوجع وصيحات الفرح؛ وجع الواقع المرير، وفرح الأمل بانبلاج فجر ٍجديد على قدر تطلّعاتهم! نعم، هذه كلُّها رآها المُشاهد، ومَن رأى غير ذلك، لا يرى !.

ولم يكن أحد ليتصور، ولَو للحظة واحدة، أنّ هناك مَن كان رابِضاً على رجاء الانقضاض على أحلام الشباب ! ومن بين هؤلاء كهنة البعل! الذين يستيقظون فجأةً من جحورهم المُظلمة ليُشيطنوا كلّ جميل، باسم الله وملائكته وصحبِه : ففي الوقت الذي كانت فرقة “ميّاس” يشغلها الحلم بغدٍ جميل، جمال الخالق الساكن في قلوب أعضائها، كان كهنة البعل يشغلهم حسدهم وغيظهم والقباحة الساكنة في قلوبهم !.

مَن كان ليتصوّر بأنّ أحداً ما سيرى في اللوحة الفنيّة التي قدّمتها فرقة “ميّاس” بشاعةً شيطانيّة وتمجيداً للشيطان، وترويجاً لعبادة الشيطان ! أيّ عيون هي تلك التي تُبصر البشاعة في الجمال إلاّ تلك المحبوسة في ظلام السّفاهة والتخلُّف ! أيٌ عقولٍ هي تلك التي تَخَال الشرّ في كلِّ شيء، إلاّ العقول المُغمّسة بالجهل والمُزنّرة ببخار المعرفة الهزيلة التي تجعل صاحبها أقرب إلى البلاهة منه إلى الإدراك والتمييز !

ألا بربِّكم قولوا لنا، كيف رأت عيونكم ما لم تره عيوننا،وملايين العيون ! لِماذا أنتم وحدكم رأيتم ما لم تره عينٌ أُخرى، وخطر على بالكم ما لَم يخطُر على بال إحدٍ آخر! أتريدون أن تقنعونا بأن إبن وبنات قرطبا المؤمنة، وبنات قُرانا اللبنانية التي تتألف منهنّ الفرقة يعبدون الشيطان من دون أن ندري !

أتُرانا أغبياء وأنتم حُكماء ! أ فيكونون أقرب إلى الإيمان منّا، وإلى الله منّا، ولا نَعلَم ! العفو… العفو …فاتنا أن نتذكّر، ونحن الجُّهال الذين لا نرى، ولا نقرأ، ولا نفهم، ولا نتّعِظ من خُرافاتكم، أنَّ العزّة الإلهيّة اصطفتكم دون غيركم من بني البشر، أنتم كهنة البعل، وانتدبتكم لتحلّوا محلّها في أرض الناس، ولتحشروا أنوفكم في كلّ شيء، حتّى في الغائط !

ولتقتحموا كُلَّ المساحات، حتى الحميمة منها وصولاً إلى جعل أنفسكم حُرّاس اًلغُرف النوم، وتُعَكّروا على الناس صفاء حياتهم، وتعدموا الأحلام والآمال والفرح، وتُسطّروا دروساً في الدين والتديّن، والأخلاق والتّخَلُّق، وفي السياسة والاقتصاد والطبّ، وحتّى في جنس الملائكة ! العفو منكم “ما تواخذونا” إن لم نُحسن القراءة وأنتم أحسنتم، وإن كنّا نحن العميان وأنتم المُبصرون !.

إلى كهنة البعل وأتباعهم من المُخدّرين بسُمّ الجهل، نقول : أطبقوا شفاهكم الغليظة، واحتفظوا بألسنتكم المليئة بالسّموم…بالقذارة…بالجهل…بالسفاهة…بالوهم، وبرائحةِ أنفاسكم الكريهة داخل أفواهكم المريضة !

لقد تعبنا منكم ومن قرف تعاليمكم ومن طَبَق الإيمان الميت الذي تُقدّمونه للأحياء! فلا يُريد أحد أن يسمعكم، ولا أن يرى وجوهكم المُتجهّمة التي تُعادي الحياة والفرح والموسيقى والرّقص والبهجة، أنتم المهوسون بالشيطان والشيطنة.

لَن أعود وأُكرّر ما سبق وقلته في كهنة البعل الذين ينخرون صفاء إيمان وعقيدة شعب، ويَعيثون في عقله خراباً من الصّعب أن يشفى منه طالما لا حسيب يُحاسب، ولا رقيب يُراقب، ولا سُلطة تُحاسب، ولا مَن يحزنون !.

اخترنا لك