باتريك مارديني : هذا ما جناه دعم المحروقات على أموال المودعين

جنوبية

بين ملامسة دولار السوق السوداء الـ 38 ألف ليرة ورفع رفع الدعم بشكل كلّي عن مادة البنزين، دخل اللبنانيون في نفق أكثر ظلمة جراء ما ستكون عليه الأمور في المستقبل.

الارتدادات السلبية لذلك ستطال مختلف النواحي الاقتصادية والمالية، ما سيزيد الأثقال على كاهلهم المثقل بالهموم المعيشية.

بدأت المحطات استيفاء سعر المادة من المواطنين بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، إلا أن المشكلة بالنسبة للمحطات لا تزال على حالها وخسائرهم مستمرة جراء التفاوت بين تسعيرة جدول التركيب وسعر الصرف، ووفق ما أكده خبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني لـ “جنوبية” فإن “الدولار في السوق السوداء أعلى من دولار صيرفة بنسبة 25%.

وبالتالي عندما كان مصرف لبنان يؤمن الدولارات لمستوردي المحروقات على سعر صيرفة، كان بالحقيقة يدعم المحروقات بنسبة 25 %، وهذا الدعم كان يأتي من أموال المودعين أو ما تبقى منها”، مشيراً الى أنه” المودعين خسروا الكثير من أموالهم، وهناك القليل منها موجود في المصارف وهي بحدود الـ 10 مليار في احتياط مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، كان يتم الصرف منها لدعم المحروقات”.

عندما كان مصرف لبنان يؤمن الدولارات لمستوردي المحروقات على سعر صيرفة كان بالحقيقة يدعم المحروقات بنسبة 25 % من أموال المودعين

وأوضح أن “هذا الصرف كان يحصل بطريقة غير شفافة ومليئة بالشبهات لأن الدعم كان يجب أن يحصل عن طريق الحكومة وليس عبر المركزي، لأن قيام الحكومة بالدعم يجعلها تحت رقابة المجلس النيابي ، ولكن عندما يكون الدعم قبل المصرف المركزي لا توجد رقابة سليمة، وبالتالي لا يمكن معرفة ما إذا كانت الدولارات التي تصل لاستيراد المحروقات تصل الى لبنان والى المحطات ويتم ضخها بالسوق اللبناني”، لافتاً الى أن” هذه السياسة المتبعة تفتح المجال أمام تلاعبات معينة، لذلك فإن الرجوع الى هذه السياسة كان بمحله لأن يوقف هدر ما تبقى من أموال المودعين على دعم المحروقات أي أحد مزاريب خسارة المزيد من أموال هؤلاء”.

الصرف كان يحصل بطريقة غير شفافة ومليئة بالشبهات لأن الدعم كان يجب أن يحصل عن طريق الحكومة وليس عبر المركزي

واعتبر مارديني “أن الخطوة تأخرت، وكان يجب أن تحصل منذ سنة عندما بدأ رفع الدعم عن المحروقات، لأنه لو رفعت نهائياً كانت أسعار المحروقات أقل بكثير وتم توفير هدر سنة من أموال المودعين”.

وقال:” للأسف نحن في لبنان لا نذهب الى الخيارات الصحيحة إلا بعد أن نستنزف كل الخيارات الخاطئة قبلها”.

هناك مسؤولية على مصرف لبنان في أن يؤمن استقرار لسعر صرف الليرة حتى لا تتغير أسعار المحروقات مع تقلبات السوق السوداء يومياً

ولفت الى “أن هناك مسؤولية على مصرف لبنان في أن يؤمن استقرار لسعر صرف الليرة حتى لا تتغير أسعار المحروقات مع تقلبات السوق السوداء يومياً، وفي حال عدم قدرته على تأمين ذلك الاستقرار على سعر الصرف، سنذهب الى خيار الدولرة، فقطاع المحروقات لا يمكنه البيع على سعر صرف معين ويشتريه بسعر آخر، لذلك على المركزي أن يوقف من تمويل عجز الموازنة العامة وضخ الليرة اللبنانية لكي يحد من ارتفاع سعر صرف الدولار”، مشدداَ على “أن هناك إصلاحات يجب أن تحصل في هذا المجال، وإذا لم يكن قادراً على ذلك، على وزارة الاقتصاد أن تتحمل المسؤولية وتسمح لقطاع المحروقات التسعير بالدولار، لأنه إذا كان السعر لا يعكس الكلفة الحقيقة سيؤدي ذلك الى أزمة في المستقبل”.

اخترنا لك