بقلم الإعلامي العربي طارق أبو زينب – جسور
بدأت المملكة العربية السعودية قصّة نجاحها عام 2016 برؤية مبنية على مكامن قوة هذا الوطن وقدراته الفريدة، رؤية الحاضر للمستقبل، رؤية 2030 والتي حققت خلال خمسة أعوام نتائج ملموسة لأمة طموحة تبني مستقبلاً أكثر إشراقًا، حيث حققت برامج تحقيق الرؤية نجاحات ملحوظة على صعيد محاور الرؤية الثلاثة: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
وكما يعلم الجميع، خاضت المملكة العربية السعودية حربها على الفساد ونفذت عملية إصلاح واسعة ووضعت قوانين لخدمة الإنسان ومستقبله، واستخدمت الشفافية لتحقيق إنجازات، ووضعت برنامج التحوّل الوطني لتطوير أداء الأجهزة الحكومية.
تستعد المملكة العربية السعودية للاحتفاء بذكرى اليوم الوطني السعودي 92 ولم يعد حدثًا عاديًا منذ الإعلان عن رؤية “2030”.
شعور وطني يعم السعودية في يومها الوطني الـ92 وكتلة من المشاعر تتنامى بشكل غير مسبوق، وارتفاع للحس الوطني المقرون بالفعل، فالفخر وحده لم يعد ما يحرك الناس، بل تحول إلى عمل دؤوب.
ومنذ الإعلان عن رؤية “2030” باتت القفزات الاستثنائية التي حققتها وما تزال تحققها هذه الرؤية لا تخطئها العين، بدءاً من النهضة على جميع الأصعدة وفق خطة بعيدة المدى، مرورًا بالتحولات المجتمعية الجريئة، وصولاً إلى معدلات النمو الاقتصادي التي فاقت كل التوقعات، وألجمت الأبواق المتآمرة على المملكة، والنتائج التي حققتها جعلت السعودية تشهد حراكًا واسعًا في المجالات كافة منذ انطلاق الرؤية، ونستطيع القول بأن الرياض عاصمة الذكاء الاصطناعي حيث تستضيف حاليًا القمة العالمية الثانية للذكاء الاصطناعي، والتي تأتي في إطار حرص ولي العهد السّعودي أن تكون المملكة العربية السعودية نموذجًا عالميًا في بناء اقتصاد المعرفة من اجل مستقبل الأجيال المقبلة.
عمل احترافي
ما يسعى إليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود منذ إطلاق رؤية 2030 التسابق مع الزمن ويعمل بشكل احترافي وعال جدًا ومشروعه عربي شامل متكامل ينظر إلى المنطقة على أنها جسم واحد بقوة اللغة والتاريخ والهوية والتراث، وهذه كلها عوامل مناعة سياسية ونقاط قوة دفاع لا قوة اعتداء على أحد.
فكل الحروب والتوترات الأمنية بالمنطقة ومنذ العام 1979 (الثورة الإيرانية) إنما كانت نتاج ما تحكيه مخيلة الدول الإمبراطورية من طراز “بلاد فارس” التي تعادينا بثقافتنا وبتراثنا وبهويتنا ولا تجيد إلا الاستثمار بالدم المسفوح بين ذوي القربى من أهل العرب والإسلام، ويشهد بذلك سلوكها منذ أيام الخميني وانتاجها “وتصدير الثورة” “والمقاتلين” “والمستشارين” في سفك الدماء وإثارة النعرات الدينية والطائفية والقومية.
تحدّيات كبرى
بالعودة إلى رؤية “2030” ليس مبالغ به القول إن أهداف رؤية السعودية 2030 إلى الارتقاء بمستقبل المملكة العربية السعودية وشعبها والمنطقة، والتركيز على الاستدامة كمحور أساسي في التخطيط وتأسيس البنية التحتية وتطوير السياسات والاستثمار وانخفاض معدل البطالة، كما تلهم رؤية السعودية 2030 العالم من خلال تعاملها المسؤول مع التحديات العصرية للطاقة والمناخ للمشاركة في الجهود الرامية لبناء مستقبل مستدام.
وفي هذا الصدد صرّحت رئيسة جمعية مار أنطونيوس الخيرية المحامية ريتا بولس إن رؤية السعودية 2030 هي في صلب القيم العالمية لخطة التنمية المستدامة لمجموعة الأمم المتحدة والتي تعتبر من ركائز رؤية السعودية 2030 الطموحة ألا وهي المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي تمنح أهداف التنمية المستدامة قدرتها على إحداث تحولات حقيقية من خلال وضع الفرد وكرامته المتأصّلة في صميم العمل التنموي، وتمكين جميع أفراد المجتمع من أن يصبحوا شركاء كاملين في هذا المسعى، والتي تعالج قضية التمييز والأسباب الجذرية الأخرى لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وأضافت المحامية ريتا بولس تميّزت المملكة العربية السعودية ببرامج التوعية لتمكين المرأة من المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأممية وبخاصة الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة والخاص بالمساواة بين الجنسين، والهدف 4 الخاص بضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع تنفيذًا فعالاً.
وبهذا عبرت سابقًا المنسقة المقيمة للأمم المتحدة السيدة نتالي فوستيه عن فخرها كأول منسقة مقيمة للأمم المتحدة وثاني سفيرة امرأة في المملكة العربية السعودية وفي ندوة عن “تمكين المرأة في المملكة” بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ” في 7 مارس/آذار 2019، ثمنت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية من أجل تحسين إطارها المؤسساتي والسياسي بغية التعجيل بالقضاء على التمييز ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، وذلك باعتماد رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني الذي يهدف إلى تمكين المرأة وزيادة مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الإنسانيّة السّعودية
أما الإعلامية لينا دبسي فقد اعتبرت أن أكبر تحدٍ للمملكة العربية السعودية في ظل “رؤية 2030” هي الأزمة الصحية العالمية وانتشار فيروس كورونا، لأن هذا الوباء هو أمّ الأزمات التي كشفت الحكومات أمام شعوبها، وكبرى دول العالم عانت منه لجهة مرضاها وأطبائها وأجهزتها الصحية، لكن كانت الإنسانية السعودية والحكومة تتقصى مواطنيها في دول العالم لتقر أعينهم، وأثبتت السعودية أنها نموذج للعالم بتطبيق معايير حقوق الانسان، فكانت المملكة العربية السعودية نموذج واقعي من نماذج حقوق الانسان، ونموذج الإنسانية الراقي بين القيادة السعودية مع شعبها والمقيمين.
وأضافت الإعلامية لينا دبسي، يأتي من ضمن “رؤية 2030” مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، الذي أعلن عنه عام 2018، بدعم وتوجيه مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يشمل المشروع تأهيل وترميم 130 مسجدًا تاريخيًا في مناطق متعددة من المملكة لتتمكّن من المحافظة على الهوية العمرانية الأصيلة لكل مسجد منذ تأسيسه.
قدرات المملكة
وفي السياق نفسه يقول المحامي جيمي فرنسيس، إن رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود تعبر عن طموح كل شعب المملكة العربية السعودية وتعكس قدرات بلاده، وكانت الترجمة الحقيقية لما وصلت اليه السعودية اليوم على جميع الأصعدة داخلها وخارجها، وأهم ما أنتجته ” 2030 ” وبإشراف مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن خلال تطبيق مشاريع وبرامج عديدة ومتنوعة وبعض تلك النتائج المباشرة وغير المباشرة، أهمها اسقاط مقولة عدم قدرة القوانين والأنظمة الدينية على التطور.
فقد أثبتت رؤية 2030 أن التطور ليكون شاملا ويعكس طموح وقدرة شعب المملكة لا بد من أن ينطلق من قدرة هؤلاء على تطوير سلوكهم وأدائهم ومعرفتهم وقبول الانفتاح على الآخر وتعبيد الطريق امام دولة متطورة تحاكي تطلعات المستقبل من دون أن تجنح ولا تتخلى عن الاعتقاد بالدين وتطبيق شرع الله كما الاعتراف بجميع الأديان وخلق مساحات احترام وحرية للمعتقدات الأخرى وتقبل الاخر ونبذ خطاب الكراهية، وهنا لا بد من التركيز على دور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في السعي الى محاربة الإرهاب عبر خطوات عديدة منها: انشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ودوره إقليميا ودوليًا، واللافت في هذا المجال انتقال المملكة من مرحلة محاربة الإرهاب الى مرحلة الامن الاستباقي لاي عمل او تحضير إرهابي ما ساهم في رفع تهمة الإرهاب ولصقه بالإسلام بعد أي عمل انتحاري او إرهابي.
برنامج الاقتصاد المزدهر
وأضاف المحامي جيمي فرنسيس نتيجة تطبيق رؤية 2030 للبرنامج الاقتصادي انتقلت المملكة السعودية من اقتصاد عادي يرتكز على الصادرات النفطية، الى دولة منتجة على الأصعدة كافة ذات المصادر الاقتصادية المتعددة، واستطاع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من خلال طموحه والتخطيط الاستراتيجي المتكامل من نقل المملكة العربية السعودية من دولة محدودة الخيارات الاقتصادية، الى دولة غنية بقطاعاتها القديمة والمستحدثة كافة، فوضع المملكة على خارطة الدول الأولى في التكنولوجيا كما أصبحت هدفًا وملقى لجميع الشركات العالمية وملاذا لبقيّة الاستثمارات.
وأضاف المحامي جيمي فرنسيس لا بد من ذكر القطاع السياحي الذي نقل المملكة من خلف الأضواء الى تحت المجهّر وعلى حلبة المصارعة والمبارزة حتى بين دول مجلس التعاون الخليجي، ما ادى الى تراجع نجم بعض الدول لمصلحة المملكة العربية السعودية.
البدء بتنفيذ البرامج المتعددة التي شملتها رؤية 2030 أدت بشكل مباشر الى تقوية الدولة بكامل مفاصلها، ما انعكس مباشرة بزيادة نقاط القوة وقدرة المملكة على فرض واقع سياسي جديد إقليميا ودوليًا حتى على أقرب الحلفاء التاريخيين للمملكة، فلم تستطع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تغليب مصالح الولايات المتحدة على الجميع وخاصة الدول العربية، وكان ذلك جليًا بعد زيارة بايدن للمنطقة وعودته خالي الوفاض، كما كرّست مبدأ المصالح المشتركة والمتبادلة التي تحكم العلاقات بين الدول، وأخرجت المملكة من اصطفافات المحاور من خلال تمتعها حاليًا بالعلاقات المميزة مع جميع الدول حتى المتخاصمة بين بعضها البعض، اقصد من الصين الى روسيا مرورًا بأوروبا وصولا الى الولايات المتحدة ما أدى لان تكون المملكة قوة استراتيجية إقليميّة لها تأثيرها الدولي، كما أدى ابتعادها من الانقسام العالمي الحاد الذي نتج عنه الحرب الأوكرانية الروسية، كما استطاعت السعودية المحافظة على مصالح الخليج العربي والمنطقة ومنع أي تسوية على حساب هذه المنطقة لمصلحة المفاوضات النووية إضافة لقدرة المواجهة الدبلوماسية المباشرة التي تجمعها بإيران على ارض العراق، كل ذلك ليس الا جزءا متواضعًا من نتيجة نجاح تطبيق رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي أكدت نجاح إدارة مصالح المملكة العربية السعودية داخليًا وخارجيًا… والآتي حكماً أعظم …. من نجاحات ستبهر العالم