شاركت المملكة المتحدة بتأثر واضح في جنازة مهيبة للملكة إليزابيث الثانية “الفرحة” والمتفانية انتهت الاثنين بدقيقتي صمت في كاتدرائية ويستمنستر بحضور مئات قادة دول العالم في مراسم ترقى إلى مستوى شعبيتها العالمية.
داخل الكاتدرائية أشاد كبير اساقفة كانتبري جاستن ولبي بالملكة التي “كرست حياتها في خدمة الأمة والكومونولث” مشددا على طابعها “الفرح”.
وأكد “كانت فرحة، حاضرة للجميع، وأثرت بحياة كثيرين”.
Queen Elizabeth II passes Buckingham Palace for the final time, as her coffin is drawn past the royal residence after her state funeral at Westminster Abbey https://t.co/3XDoK7N7a0 pic.twitter.com/OvQRNFAtwr
— Bloomberg UK (@BloombergUK) September 19, 2022
ودخل نعش إليزابيث الثانية إلى كاتدرائية ويستمنستر بعدما نقل على أنغام مزامير القربى وقرع الطبول عزفها عناصر من البحرية الملكية من قصر ويستمنستر حيث كان مسجى منذ خمسة أيام. وحمل النعش الملفوف بالراية الملكية والذي يعلوه تاج الإمبراطورية ثمانية عناصر من الحرس الملكي ووضع على عربة مدفع في مسيرة إلى كاتدرائية ويسمتنستر.
ووصل النعش في مسيرة ومشى وراءه نجلها الملك تشارلز البالغ 73 عاما وأبناء الملكة الآخرون آن واندرو وادوارد ووريث العرش وليام الذي بات أمير ويلز والأمير هاري باللباس المني نظرا إلى انسحابه من نشاطات العائلة الملكية في 2020. وانضمت إليهم داخل الكاتدرائية قرينة الملك كاميلا وزوجة وليام أميرة ويلز كايت وميغن زوجة الأمر هاري. وقد مشى الأمير جورج (تسع سنوات) والأميرة شارلوت (سبع سنوات) طفلا الأمير وليام وراء نعش الملكة لدى دخوله الكاتدرائية.
وانتهت المراسم بدقيقتي صمت في كل أرجاء البلاد ومن ثم النشيد الوطني الجديد “غود سايف ذي كينغ” (ليحفظ الرب الملك).
“كنت هناك”
بعد حداد وطني امتد 10 أيام تخللته مراسم تكريم وطقوس تعود لمئات السنين، شارك ألفا مدعو في المراسم الدينية من بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن وامبراطور اليابان ناروهيتو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
مع غزوها أوكرانيا، لم توجه دعوة إلى روسيا، في المقابل تتمثل كييف بزوجة الرئيس أولينا زيلينسكا.
لم يسبق للندن أن جمعت هذا العدد الكبير من المسؤولين الأجانب منذ فترة طويلة. وحضر أيضا ممثلون عن عائلات ملكية أوروبية من بينهم ملك بلجيكا فيليبي وملك إسبانيا فيليبي السادس وأمير موناكو ألبير.
في كاتدرائية ويستمنستر تزوجت إليزابيث عندما كانت لا تزال أميرة في سن الحادية والعشرين في تشرين الثاني 1947 فيليب ماونتباتن قبل أن تتوج فيها في الثاني من حزيران 1953.
وقد دقت ساعة كل دقيقة 96 مرة وهو عمر الملكة عند وفاتها قبل بدء المراسم في الكاتدرائية.
ويوم الاثنين هو عطلة رسمية في المملكة المتحدة ويمثل أكبر تحد أمني لشرطة لندن في تاريخها.
وهذه أول جنازة رسمية وطنية تشهدها العاصمة البريطانية منذ تشييع ويسنتون تشرشل في 1965.
في لندن امتلأت الشوارع المحيطة بالكاتدرائية بالناس من شباب ومسنين وفضوليين ومؤيدين للنظام الملكي وقد ارتدوا الأسود او حملوا علم البلاد. وقد امضى الكثيرون ليلتهم لا بل أياما عدة في المكان ليضمنوا موقعا في الصفوف الأمامية.
وقالت مارغريت ماكغي (72 عاما) التي أتت خصيصا من إيرلندا الشمالية “عملت بجهد طوال حياتها وتفانت من اجل بلادها. لم تستسلم حتى النهاية”.
وقال جاك البالغ 14 عاما “سأخبر أولادي عن هذه اللحظة، سأقول لهم: كنت هناك”.
أما بيثاني بيردمور المحاسبة البالغة من العمر 26 عاما بعد ليلة من دون نوم “هذا جزء من التاريخ لن يكون هناك ملكة أخرى في حياتي”.
وبين الحضور أشخاص وقفوا لساعات في طوابير امتدت على كيلومترات عدة في لندن للمرور أمام نعش الملكة عندما كان مسجى.
مسيرة غير مسبوقة
وينقل النعش في ختام المراسم الدينية في رحلة أخيرة إلى ويندسور التي تبعد 35 كيلومترا غرب لندن حيث ستوارى الثرى.
وسيوضع النعش مجددا على عربة مدفع تابعة للبحرية الملكية تعبر شوارع وسط لندن حتى حتى قوس ويلنغتون حيث سيوضع في سيارة تنقله إلى قصر ويندسور.
ويشارك في هذه العملية اكثر من ستة آلاف عسكري.
وتراجعت صحة الملكة في الأشهر الأخيرة وراحت تعاني من مشاكل في التنقل وتوفيت في الثامن من أيلول/سبتمبر في قصر بالمورال الملكي في اسكتلندا. وقبل يومين على ذلك، ظهرت مستقبلة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس التي ظهرت معها مبتسمة في آخر صورة قبل وفاتها. وكانت أكبر قادة العالم سنا. خلال حياتها عرفت الحرب العالمية الثانية وشهدت انهيار الإمبراطورية البريطانية.
وكانت عند وفاتها ملكة على المملكة المتحدة ورئيسة للبلاد في 14 دولة أخرى من بينها أستراليا وكندا ونيوزيلندا. ولم يخف بعض من هذه الدول رغبته بتغيير طبيعة علاقته مع النظام الملكي. خلال حياتها شكل مجموع رحلاتها الخارجية ما يوازي 42 جولة حول العالم.
وتوارى الثرى مساء الاثنين في مراسم عائلية في ضريح جورج الخامس المحاذي لكنيسة قصر ويندسور حيث عاشت في السنوات الأخيرة. وسترقد إلى جانب والديها وشقيقتها ماغريت وزوجها فيليب الذي توفي في نيسان 2021. وقد دام زواجهما 73 عاما.
بعد زيارات منهكة استمرت 12 يوما في الأقاليم الأربعة التي تتشكل منها المملكة المتحدة، وتخللها الاختلاط بالجموع، يضاف إليها الحزن الناجم عن فقدان والدته، يبدأ شارلز الثالث البالغ 73 عاما عهده فعلا.
وكان البعض يحلم بعملية انتقالية سريعة مع أمير ويلز الجديد نجله وليام البالغ 40 عاما. لكن تشارلز الثالث وعد على غرار والدته، بخدمة ابناء المملكة المتحدة طوال حياته.
وأضفت خطواته الأولى التي اتسمت بالسعي إلى المحافظة على وحدة الصف وقبول الجميع، الطمأنينة مع وجود كاميلا الهادئ إلى جانبه.
وارتفعت شعبيته بشكل كبير وباتت عند مستوى 70 في المئة على ما أظهر استطلاع جديد للرأي أعده معهد “يوغوف” فيما حصل وليام على 80 في المئة.
إلا أن التحديات الكثيرة لا تزال في بداياتها.
وتعود الحياة إلى طبيعتها في المملكة المتحدة الثلاثاء ويتوقع أن تحتل أزمة غلاء المعيشة والإضرابات صدارة الصحف.
The coffin of Queen Elizabeth II is carried out of Westminster Abbey as her funeral ceremony concludes https://t.co/3XDoK7N7a0 pic.twitter.com/6XCRUXNR9I
— Bloomberg UK (@BloombergUK) September 19, 2022
وبانطلاق الجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية تنتهى 10 أيام من الفعاليات التي شهدتها شتى أرجاء المملكة المتحدة منذ وفاة الملكة.
Queen Elizabeth II's coffin is placed on the State Gun Carriage for the procession from Westminster Hall to Westminster Abbey, where dignitaries are gathered for the monarch's state funeral
The carriage is pulled by members of the Royal Navy https://t.co/3XDoK7N7a0 pic.twitter.com/eK6QSFo7O8
— Bloomberg UK (@BloombergUK) September 19, 2022
وقال الملك تشارلز، الذي جاب المملكة المتحدة منذ وفاة والدته، في بيان: “على مدى الأيام العشرة الماضية، تأثرت أنا وزوجتي بشدة برسائل التعزية والدعم العديدة التي تلقيناها من هذا البلد ومن جميع أنحاء العالم”.
وأضاف: “في لندن وإدنبرة وهيلزبورو وكارديف، تأثرنا بدرجة لا توصف بكل من تحمل عناء المجيء والتعبير عن تقديره للجهود التي بذلتها والدتي العزيزة، الملكة الراحلة، طوال حياتها”.
هذا ومضى يقول: “بينما نستعد جميعاً لوداعها الأخير، أردت ببساطة أن أغتنم هذه الفرصة لأقول شكراً لكل هؤلاء الأشخاص الذين لا حصر لهم والذين قدّموا مثل هذا الدعم والراحة لعائلتي ولي في هذا الوقت الحزين”.
وشارك رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وعقيلته في مراسم الجنازة الرسمية، وقد غادر الرئيس ميقاتي لندن الى الولايات المتحدة الاميركية لترؤس وفد لبنان إلى اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك.
من حهته، رثى ماكرون الملكة، وكتب في تغريدة عبر “تويتر”، “وداعاً جلالتك”.
Merci Votre Majesté. pic.twitter.com/rza9r8KLA6
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) September 19, 2022
وستمثل الجنازة نهاية فترة الحداد في أنحاء بريطانيا، على الرغم من أن حداد الأسرة المالكة سيستمر لسبعة أيام أخرى.