المملكة السعودية تدخل على الخطّ الرئاسي بقوّة…

يبدو أنّ الحراك السعودي لن يهدأ قبل موعد 31 تشرين الاول في محاولة لإكتساح الساحة اللبنانية وإعادة تموضع المملكة في صلب القرار السياسي اللبناني، هي وإن كانت خسرت حليفها الاول السني بعد “سوء تفاهم” على مستوى “الباب العالي” تحاول اليوم تعويضه بسلسلة تحالفات ليس مع مكون سني كعادتها بل بالانفتاح على حلفاء من سائر المكونات الطائفية اللبنانية لمحاصرة حزب الله حليف ايران وخصمها اللدود من بيروت الى اليمن مروراً بسوريا والعراق.

هذا الحراك الذي بدأ من خلال لم الشمّل السني عبر تحفيز دار الفتوى على جمع النواب السنة لتكوين قوة سنية ضاربة في عمق الاستحقاق الرئاسي بمؤازرة قواتية واشتراكية (إن استطاع اليها سبيلا)، يرفع سفير المملكة وليد البخاري من وتيرته مع لقاءات الصف الأول من الأحزاب.

محاولة جديدة يحاول السفير السعودي القيام بها مع زعيم المختارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لإعادة “تموضعه السابق” فهو وإن كان يتفهم الموقف الجنبلاطي من التقارب مع حزب الله في الفترة الأخيرة، يسعى اليوم لرأب الصدع بين حليفيه أي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع بعد التداعيات التي خلفتها كلمات ستريدا جعجع في الداخل الدرزي والاشتراكي تحديداً.

فلقاء كليمنصو لم يتطرق فقط الى الملف الرئاسي منفرداً وما املاه السفير من مواصفات على الاحزاب للتقيّد بها عند اختيار رئيس جمهوريتها، بل شمل مختلف الملفات لا سيما العلاقة بين القوات والاشتراكي لأنّ هذا الخلاف اذا استمر سيسحب جنبلاط بإتجاه حزب الله وهذا ما لا تريده المملكة بعد أن بات الحزب الاشتراكي بيضة قبان المجلس الجديد لا سيما في الإستحقاقات الكبيرة.

رغم أنّ مصادر الإشتراكي نفت أن يكون اللقاء تطرق الى موضوع العلاقة مع القوات اللبنانية بل ان السفير السعودي يقوم بجولة على كافة الاطراف يحاول من خلالها إستطلاع ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية ووجهة نظر هذه الأطراف من الإستحقاق، وبالطبع دار الحديث عن تأمين الإستحقاق في موعده وانتخاب رئيس قادر على انقاذ البلد إصلاحي يستطيع التواصل مع كل الأفرقاء لا رئيس لإدارة الأزمة.

وأكّدت المصادر على تطابق وجهات النظر بين الطرفين، كاشفة أنّ هذه الزيارة هي ردّ صريح على بعض الأصوات التي تحدثت عن مقاطعة المملكة العربية السعودية لجنبلاط بسبب لقائه مع وفد حزب الله.

أما ما يجري الحديث عنه حول وساطة سعودية بين كليمنصو ومعراب، فنفت المصادر ذلك مشددة على أنّ “السفير لا يقوم بدور الوسيط، خصوصاً أنّ هناك أمور يتقاطع معها الاشتراكي مع القوات وأمور أخرى لا تتقاطع بين الطرفين”.

كما نفت أن يكون السفير يحاول تسويق اسم رئيس جمهورية معين بل إن الأمر اقتصر على التشديد على إجراء الانتخابات في مواعيدها وأن يكون الرئيس المقبل قادر على الانقاذ واعادة فتح القنوات مع الدول العربية.

وبما أنّ المجالس بالأمانات لم ترشَحْ أي معلومات عن رد جنبلاط على ما طرحه السفير البخاري، الذي سارع اليوم لزيارة معراب حيث قاما كما صرح جعجع بجولة افق كبيرة في المنطقة ولبنان، وبالطبع ركّزا على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإن الخلاص الوحيد للبنان هو بعمقه العربي، وتمسك أهله به أكثر من أي وقت آخر من خلال الدستور.

جعجع الذي يعلم تماماً أن حظوظه صفر في أن يكون رئيساً للجمهورية في المرحلة الراهنة أقله، لم يتأخر في اعلان ذلك، فهل نقل له السفير رفض جنبلاط المطلق لأن يعتمد ترشيحه وأنّ زعيم المختارة لا ينسى أبداً ولذلك حمّل السفير ما مفاده أنه لن يسير به كرئيس أو غيره من القواتيين.

ولكن السفير السعودي الذي يسعى لضمّ أطياف المعارضة والمستقلين وحتى أنّه يجس نبض التغييرين الذين تربط بعضهم مصالح مع السعودية، يراهن على الموقف السني الموحد الذي قد يخرج عن دار الفتوى بعد 4 أيام ليبني طموحاته بإيصال رئيس للجمهورية اللبنانية بنكهة سعودية لا ايرانية هذه المرة.

فهل تخدم الرياح الدولية والاقليمية سفن إبحار سفير مملكة الخير، أم أنّه يبقى مجرد حلم تُطيح به حيثيات الواقع اللبناني كما حصل في كل المحطات التي شهدها لبنان في الآونة الأخيرة وفي ظل واقع جديد قد تحسمه جملة من الملفات أبرزها موضوع ترسيم الحدود البحرية التي ستُحدث ما يشبه التسونامي في الإطاحة بكل الرهانات على محاصرة حزب الله في الداخل؟

اخترنا لك