بقلم طارق أبو زينب
المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال وستبقى رائدة في العمل الإنساني، ونموذجاً على مستوى العالم في عملها وتعاملها مع متطلبات الشعوب، التي تحتاج إلى المساعدة، وحرصها على أن تداوي الجراح، وتنقذ الضحايا، وتلبي احتياجات الفقراء والمحتاجين في مختلف أنحاء العالم .
منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم شهدت الأعمال الإنسانية تنامياً غير مسبوق، وهو القائد الإنسان الذي يحمل هموم الأمتين العربية والإسلامية، والشعوب المحتاجة و المستضعفة على مستوى العالم .
ولكي يكون العمل الإنساني منظماً ومستجيباً لاحتياجات الدول والشعوب المحتاجة، والتي تعاني من الصراعات والكوارث والحروب، جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليكون مظلة للأعمال الإنسانية والإغاثية الخارجية، بما يضمن تقديم عمل مؤسسي ومنظم وفق المعايير الدولية والعالمية، وليُظهر الدور المهم الذي تسهم من خلاله المملكة العربية السعودية في مجال العمل الإغاثي والإنساني على المستوى الإقليمي والعالمي.
رسخت المملكة العربية السعودية مكانتها العالمية وحضورها القوي في العمل الإنساني والتطوعي وتقديم المساعدات الإنسانية على مستوى العالم، التي تتضح عبر ما تقدمه من برامج إغاثية و اجتماعية وطبية ومالية بسواعد سعودية في مناطق الكوارث والحروب والصراعات، من خلال ذراعها الإنساني من خلال “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ” الذي يمثل قيمة إنسانية وإغاثية في العالم .
العلاقة اللبنانية – السعودية
وفي “مناسبة العيد الوطني السعودي 92 ” نؤكد ما بين لبنان والمملكة العربية السعودية ارتباط عربي وروحي وثقافي وتاريخي، فهي الى كونها دولة ذات دور إقليمي مُقرر تبقى انها أرض الحرمين الشريفين يوجه المسلمون جميعهم وجوههم نحوها عند كل صلاة ومن دون تمييز والعروبة التي تجمعنا هوية وانتماء واتقان اللغة لا يعفي ناطقها من “هستيريا الاحلام القومية” واعني الفارسية على وجه التحديد ،و لن تلغيها اطلالات الولي الفقيه وهو يرطن بالعربية والسعي الى الهيمنة على لبنان والعواصم العربية .
السعودية لا تستثمر بالدم
اعتقد هناك لحظات مميزة في الحياة لا يمكن أن ينساها من يعيشها والمملكة العربية السعودية استطاعت أن تبلسم جراح اللبنانيين ولا يمكن نسيانها لان بصمات قيادتها وإنجازاتهم وتأثيرهم في الحياة كبيرة فأصبحت الأجيال تتناقلها والثقافات تتبادلها والإنسانية تفتخر بالسعودية على مر الأزمان .
لكن هناك سؤال أبعد من هذا وذاك وهو موجه لمن يغامر بسلم لبنان واستقراره وعلاقته مع الدول العربية والسعودية على وجه التحديد : متى اشترطت السعودية موقفا سياسيا مقابل دعم مالي او سياسي ؟ ومتى استثمرت المملكة العربية السعودية بالدم على ما يفعل أصحاب السبابات المهددة بالويل والثبور لشق وطن الرسالة، على ما يقول السينودس، عصا الطاعة على امبراطورية فارس وولي ففيهها ؟
عدد مشاريع مركز الملك سلمان
ورغم تحويل لبنان الى منصة عدائية للأنشطة السياسية التي تهدد أمن المنطقة وتهدد الأمن القومي العربي و السعودي، لن تتخلى الحكومة السعودية عن دورها والوقوف بجانب الشعب اللبناني والذي يعاني من أزمات عديدة وذلك بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز و ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان .
فمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مستمر بتقديم الكثير من المساعدات الإنسانية والإغاثية والإنمائية للشعب اللبناني والنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، ولا ينسى اللبنانيون الجسر الجوي السعودي الذي سيّره مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ، بالتنسيق مع السفارة السعودية في بيروت لمساعدة المتضررين من انفجار مرفأ بيروت ،وبحسب إحصائيات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للمشاريع ( المنجزة – و قيد التنفيذ ) هي 48 مشروع حتى 31 – أغسطس – 2022 بتكلفة 34,727,498 دولار أميركي بحسب إحصاء المركز، تتوزع المشاريع ما بين الأمن الغذائي، الصحة، قطاعات متعددة، التعليم، الإيواء، الأعمال الخيرية، التعافي المبكر، الحماية.
المساعدات المالية منذ اتفاق الطائف
بالعودة الى أهمية الدعم المالي والاقتصادي السعودي للبنان اقتصادًا ودولةً، منذ اتفاق الطائف في عام 1989، أسهم دعم المملكة العربية السعودية في دعم الاقتصاد اللبناني، فضلاً عن المشاركة في حصة كبيرة من إعادة إعمار ما هدمته الحرب الاهلية اللبنانية والاعتداءات الإسرائيلية وضخت السعودية في الدورة الاقتصادية اللبنانية بين 1990 و2015، أكثر من 72 مليار دولار، بشكل مباشر وغير مباشر، بين استثمارات ومساعدات ومنح وهبات، وقروض ميسّرة وودائع في البنوك والمصارف.
وبحسب التقارير الذي يستند إلى مراجع علمية موثقة، حولت المملكة العربية السعودية، إضافة إلى التقديمات السابقة، وديعة مالية بقيمة مليار دولار خلال حرب 2006، إلى أنه «ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار، أي 10 في المئة من الودائع غير المقيمة في لبنان هي مملوكة لمستثمرين سعوديين إلى أن بلغت الاستثمارات السعودية في لبنان بين عامي 2004 و2015 نحو 6 مليارات دولار.
الصندوق السعودي الفرنسي
أما أول الغيث بعد الانهيار الاقتصادي في لبنان أتّفق وزير أوروبا والشؤون الخارجية السيد جان إيف لودريان ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود في باريس في 28 فبراير / شباط الماضي، على أن تقدّم فرنسا والمملكة العربية السعودية دعمًا ماليًا طارئًا لتنفيذ سلسلة من المشاريع الإنسانية المكرّسة لدعم الشعب اللبناني، وذلك تنفيذًا للقرار الذي اتّخذه رئيس الجمهورية الفرنسية وولي العهد السعودي في 4 كانون الأول / ديسمبر الماضي، وترمي باكورة تلك المشاريع إلى مساعدة مستشفى طرابلس بوجه خاص، فضلًا عن عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية في مختلف المناطق اللبنانية، وإلى تقديم دعم طارئ للشعب اللبناني من خلال النهوض بخدمات مكافحة جائحة فيروس كورونا، وإلى توزيع مساعدات مالية وغذائية طارئة إلى اللبنانيين الأكثر عوزًا، تشمل حليب الأطفال على وجه الخصوص، فضلًا عن دعم مؤسسات تعليمية عدّة، وتمثّل هذه المشاريع الإنسانية المشتركة مرحلة أولى ستُفضي إلى حشد فرنسا والمملكة العربية السعودية جهودًا مشتركة ومعززة، في ظل الأزمة الفادحة التي يعانيها لبنان.
ونشأُت في هذا الصدد آلية دعم مشتركة مخصصة للمنظمات غير الحكومية الناشطة ميدانيًا بغية تلبية احتياجات الشعب اللبناني .
العيد الوطني السعودي
من جانبها تقول الناشطة الاجتماعية ريتا طانيوس إن المملكة العربية السعودية لم تترك الشعب اللبناني يومياً رغم تقاعس الدولة اللبنانية على كل الأصعدة ولا تبالي بالأزمات والكوارث التي حلت على لبنان، ولم تفرق السعودية بين الطوائف والمذاهب والأديان وهي على مسافة واحدة بين جميع مكونات المجتمع اللبناني، ومنذ اللحظة الأولى لانفجار مرفأ بيروت شاهدت الطواقم الطبية والإسعافات التابعة للمركز يعملون على مساعدة أهالي المناطق التي تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت، واتذكر في يوم العيد الوطني السعودي الذي يصادف في 23 سبتمبر / أيلول من كل عام ، شاهدت فريق عمل المركز يعمل في يوم العيد الوطني السعودي، يوزع المواد الغذائية في منطقة الاشرفية، ولفتت ” الناشطة الاجتماعية ريتا طانيوس” شاهدت من بين المتطوعين في مركز الملك سلمان للإغاثة ، طفلة سعودية فسألتها عن اسمها وعمرها وماذا تعمل في لبنان في الظروف الصعبة ؟
فقالت اسمها “اجوان فهد القناص” عمرها 10 سنوات والتي تعد أصغر متطوعة سعودية في مركز الملك سلمان للإغاثة فرع لبنان، والتي كانت مقيمة في بيروت سابقاً و عملت كمتطوعة لمساعدة اللبنانيين والنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين وشاركت بتقديم العون والمساعدات للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت، وأعربت “الناشطة ريتا طانيوس” عن اعتزازها لصورة تحمل أسمى معاني الإنسانية والرحمة يتسابق عليها متطوعو مركز الملك سلمان للإغاثة لرسم الفرح والبهجة على وجوه الأسر المنكوبة، وكان جواب “الطفلة السعودية اجوان فهد القناص” أن أعظم الأعمال الإنسانية هي جبر الخواطر لذلك جاءت لبنان لتساعد الأسر المتضررة .
ومن جهته، اعتبر رئيس اتحاد الجمعيات الاغاثية في صيدا والجوار – جنوب لبنان وعضو المجلس البلدي الأستاذ كامل كزبر، لبنان هذا البلد الصغير الذي تتصدره الأزمات والمشاكل والآلام منذ استقلاله وحتى اليوم، وعند كل ازمة كانت المملكة العربية السعودية أول المبادرين والساعين لإنقاذه ومساعدته، وهذا ما شاهدته خلال مسؤوليتي بالعمل الإغاثي والبلدي حيث كانت المملكة أول المستجيبين لإغاثة لبنان بعد حرب تموز عام 2006 وتدمير العدو الإسرائيلي لأكثر من 110 الف وحدة سكنية إضافة الى تدمير العديد من المدارس والمراكز التعليمي وتهجير مئات الالاف من اللبنانيين من قراهم وبيوتهم فكانت قوافل المساعدات السعودية تصل الى لبنان وتوزع على كل اللبنانيين المتضررين دون أي تفريق بين لبناني وآخر او بين طائفة وأخرى.
وأضاف الأستاذ كامل كزبر إن العلاقة القائمة بين لبنان والمملكة العربية السعودية اكبر بكثير من تصريح هنا او قرار سياسي هناك إنها علاقة شعبين، حيث لا يمكن لأحد ان ينكر ما قدمته وما زالت تقدمه مملكة الخير للبنانيين عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية فرع لبنان، والوقوف مع المحتاجين في محنهم و أزماتهم، كما كان للمملكة دوراً بارزاً في دعم اللبنانيين والنازحين السوريين الذين نزحوا الى لبنان خلال الحرب في سوريا، ومن هنا بمناسبة العيد الوطني السعودي 92، لا يسعنا الا ان نتوجه بالشكر الجزيل الى مملكة الخير على اياديها البيضاء وعلى وقوفها الدائم الى جانب الشعب اللبناني.