بقلم عقل العويط
أكتب هذا المقال على هامش بعض ما جرى في جلسة الانتخاب الأولى، مُوجِّها المحتوى إلى مَن يُفترَض فيهم أنْ يكونوا شعاعًا في هذا النفق السياسي المظلم (ثمّة مَن يسارع إلى القول إنّكم لستم بشعاع!)، تاركًا رأيي في “الخطّة ب الانقاذيّة” إلى مقالٍ آخر. قريبًا. قريبًا جدًّا.
التذاكي يا سيّدات يا سادة، ليس ذكاءً. وإنْ دلّ على شيء فهو يدلّ على خفّةٍ ومراهقةٍ وسذاجةٍ وسخافةٍ وتهرّبٍ وضحالةٍ ثقافيّةٍ وفكريّة وانعدام شجاعة و… قلّة ذوق. وخصوصًا إذا كان هذا التذاكي مترافقًا مع عدّته المثيرة للشفقة، الشبيهة بوصفةٍ مَرَضيّةٍ من هواجس وكوابيس “النأي بالنفس” و”التعالي” و”الترفّع” و”التطهّر” و”المثاليّة”، خوفًا من خوض غمار (ثقافة) السياسة الوطنيّة البطوليّة المشرّفة التي تحتاج إليها بلادنا في خضمّ هذا الانهيار الأعظم.
حين أنّ ذلك كلّه إنْ دلّ على شيءٍ فعلى جبنٍ خرتيتيّ، وعلى هربٍ من المسؤوليّة، وعلى ضعفٍ في الشخصيّة، وعلى انعدام ثقةٍ بالذات، وعلى شعورٍ بالنقص. وهلمّ.
في مقدوري انْ أضيف سيلًا عرمرماً من الأوصاف السلبيّة لتقويم الأداء السياسيّ الذي أدّيتموه في تلك الجلسة لانتخاب رئيس الجمهوريّة، وقبلها في جلسة الموازنة، وقبلهما في جلسة انتخاب رئيس مجلس النوّاب ونائبه، واللجان. أداء ترك خيبةً ومرارةً وأسًى لدى الوجدان الشعبيّ العارم الذي التفّ حولكم ومنحكم ثقته في انتخابات 15 أيّار النيابيّة. هل تذكرون ذلك الوجدان الشعبيّ العارم، أم أنّ الخرف المبكر الذي يُصاب به النخاع الشوكيّ و”العقل المسوّس المتهالك”، قد “مرّ من هنا”، أي حيث تتموضعون في تكتّلٍ – بل في كوكتيل – بل في كشكول – ثمّة مَن أراد أنْ يسمّيه “قوى تغيير”؟!
هذا المقال، يا سيّدات يا سادة، ليس سياسيًّا. إنّه مقالٌ في التأنيب السياسيّ، الذي يحذّر من مغبّة الاستمرار في مَضحكةٍ أو مَهزلةٍ مُخجلةٍ ومأسويّةٍ كهذه المضحكة.
فتهَيَّبوا، وتَواضَعوا، وتوقّفوا عن الحرتقات والتوهّمات والتخرّصات والاختراعات والهروبات والتربّصات والفيتوات المتقابلة، وشغِّلوا عقولكم – ما بقيَ من العقول – لكي لا تكونوا (بعضكم في الأقلّ) سببًا مباشرًا في الفراغ المُفضي هذه المرّة إلى احتمال تغيير النظام ووجود لبنان وهوّيّته، أو سببًا موضوعيًّا لإعادة إنتاج رئيسٍ من “8 آذار”، بحجّة أوهى من خيط عنكبوت.
مقال تأنيبيّ؟ تحذيريّ؟ نعم. لكنّه مكتوبٌ بحرقة وبخشيةٍ من الأسوأ، ومكتوبٌ دائمًا باحتضان.