بوتين و إسقاط إتفاق الإطار ؟

بقلم كارلوس نفاع – جسور

أسقطت مهسا امينى برقع المصالح الدولية فاستمع رؤساء دول العالم الحر إلى خطاب الرئيس الإيراني الثامن إبراهيم رئيسي الذي ألقاه من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك، متغاضين عن حقوق الإنسان والحريات ، فالحرية الشخصية التي افتتحت المرأة الإيرانية بروحها افق جديد للثورات السلمية،

تحرجهم جميعاً أمام شعوبهم، فهي ثورة الإنسان الفرد ، ليست حركة تحرر سياسية ولا ثورة دينية ولا صراع طبقي .

فالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ينتظره شتاء بارد، و الرئيس الاميركي جو بايدن أمام امتحان التضخم و القروض التعليمية و الطبابة و غيرها، و الروسي فلاديمير بوتين يمشي على جمر اجيال لا تريد الحرب فلا شيء مقدس لديها الا الأنا والرفاهية الشخصية، وحتى الصين تدرك أن مهسا امينى اخطر من جائحة كوفيد 19 فجيل ساحة تيانامين ينموا تحت الرماد.

لهذا الكل يريد من إبراهيم رئيسي أن يترجم ما قاله، بإنه جاد في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستعادة الاتفاق النووي ، لكن حجاب مهسا امينى يسابقهم فقد أصبح خطر حقيقي يهدد احتمالات إحياء الاتفاق إذا ظلت المحادثات متوقفة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية في ٨ تشرين الثاني. و في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ايلول.

قال رئيسي إن الولايات المتحدة “داست على الاتفاق” وإن طهران لا يمكنها الوثوق بواشنطن للوفاء بالتزاماتها دون “ضمانات وتأكيدات”.

في حين كرر الرئيس الأمريكي بايدن و من المنبر نفسه وفي نفس اليوم أيضًا التزامه باستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة إذا “وفت إيران بالتزاماتها”.

و أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين في 10 ايلول إن احتمالية التوصل إلى اتفاق في “المدى القريب” غير مرجحة.

كما و صرح جوزيب بوريل ، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، بشكل أكثر صراحةً أنه يتوقع استمرار الجمود في ضوء “الوضع السياسي” في الولايات المتحدة وأنه ليس لديه “ما يقترحه أكثر من ذلك” لكسر الجمود.

في اجتماع عُقد في 20 أيلول مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أخفى فيه الاخير شعار الحريه، والمساواه، والاخوة ( Liberté, Égalité, Fraternité) ، انتقد رئيسي الأطراف الأوروبية في خطة العمل الشاملة المشتركة لتصرفها بطريقة غير بناءة ، بينما حثه ماكرون على أخذ الصفقة في متناول اليد، فهو لا يستطيع الانتظار طويلاً ،فشتاء باريس سيكون بارداً هذه السنة.

وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا للصحفيين قبل الاجتماع إنه “لن يكون هناك عرض أفضل مطروح على الطاولة والأمر متروك لإيران لاتخاذ القرارات الصحيحة.”
و في أحدث رد لها على مسودة نص بوريل ، تضمنت إيران مطالبات بإغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي دام سنوات في موعد أبكر مما اقترحه الاتحاد الأوروبي.

كما تسعى إيران للحصول على تأكيدات بأن الوكالة لن تجري تحقيقات مستقبلية في الماضي النووي الإيراني. لكن بوريل ليس لديه مساحة كبيرة للتفاوض بشأن هذه القضايا لأن التحقيق يتعلق بالتزامات إيران بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بإعلان جميع المواد والأنشطة النووية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في خضم كل هذا الكباش ، قد تفرج الولايات المتحدة الأمريكية عن 7 مليار دولار لإيران مجمدة في كوريا الجنوبية.

كما و افرجت إيران بدورها عن أميركيين ، و في سياق اخر اعلنت واشنطن عن اقتراب إقرار اتفاق الإطار حول الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ، مما يخطر المتابع عن جهود مستمرة رغم تصريحات الطرفين الباردة، لولادة قيصرية للإتفاق النووي قبل الانتخابات التشريعية الأميريكية في ٨ تشرين الثاني المقبل ، فالديمقراطين بحاجة لنصر يترجم انتخابيا في المواجهة الشرسة مع الجمهوريين ونلاحظ ذلك جلياً في ظهور رأس جبل الجليد لسلة البنود الجانبية للاتفاق النووي و خاصة مما تم إقراره والتمهيد لاعلانه وأولها ضمان أمن إسرائيل عبر اغراء يائير لابيد بشبك المصالح الاقتصادية الإسرائيلية في بحر لبنان وعلى حساب الاخير، والتمهيد لتهدئة مخاوف الناخب الإسرائيلي تحت شعار إن تم اتفاق الإطار مع لبنان، فلا حرب بعد اليوم !!! ، و هذا يعتبرعرضا ايرانيا ليتنازل لابيد عن مطلبه بشأن استكمال تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ملف إيران النووي العائق الأخير لعودة الاتفاق إلى الحياة، و الذي يسعى لبيد ، أن تكون إدانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمثابة بداية لعملية من شأنها إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ” للعودة ” للعقوبات ، وهي خطوة لمنع إيران من تخصيب اليورانيوم دبلوماسياً ، والتي من شأنها أن تجنب اسرائيل الخيار العسكري .

من هنا ندرك أن هرولة الازلام اللبنانين ليست إلا جعجعة دون طحين ، فالهدية الايرانية لم تسقط بعد مطلب يائير لابيد بشأن تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، و بنيامين نتنياهو اعتبر أن الثمن يجب أن يكون ابعد من الخط 23 بكثير، فايران لا تدفع من جيبها بل من ثروات لبنان.

فيعتبر الصقور في اسرائيل إن اتفاق الإطار أتى متأخراً و متأخراً جدا ، فزمن إسقاط الحدود في مناطق النزاعات قد بزغ فجره في أرمينيا و كرسه فلاديمير بوتين في أوكرانيا ،فلما يسرع لابيد لتثبيتها مع لبنان المفكك، الذي ستباع أصوله بعدما دمرت بناه التحتية و نهبت أموال مواطنيه .

عليه لن يستطيع يائير لابيد من تحويل ورقة الإطار إلى اتفاق دائم فلن تمر في الكنيست لتصبح ملزمة و دائمة و لا الرؤساء الثلاثة في لبنان لهم القدرة بتوقيع اتفاقية رسمية تؤمن ديمومة استقرار اعمال الاستكشاف والتنقيب لاحقا.

فما يبشر به ويهلل له الطرفين سيتم الغائه فور وصول بنيامين نتنياهو إلى السلطة ، على غرار ما فعل دونالد ترامب بالاتفاق النووي الايراني. لهذا لن تكون ورقة الإطار الا وثيقة تنازل لبنان عن حقوقه المشروعة التي سيبنى عليها لاحقا الترسيم مع قبرص و سوريا والتي سيكلف لبنان خسارة المزيد من حقوقه و ثرواته.

من هنا يخضع الطرفان اللبناني والإسرائيلي المطلب الأميركي الاوروبي، الأميركي والأوروبي يريد استدراج إيران للسير في احياء الاتفاق النووي قبل أن يشعل فلاديمير بوتين مظاهرات الصقيع في عواصم الناتو الأوروبية، على وقع قرار مجموعة OPEC plus بتخفيض الإنتاج مليوني برميل يوميا.

من هنا يسأل المراقب، ما هو موقف موسكو من إيران في حال امنت الغطاء لكل هذا ؟ و هل وافقت إيران على تحويل صقور الحزب لحراس شركات النفط طيلة فترة عملها في ال 30 عامًا المقبلة ؟ فهل يكون اتفاق الإطار ، إطار لدمج الحزب في الاقتصاد والسياسة ؟ أم أن الاشتباك سيفك بحرا ، ليبقى مرتبطاً في منطقة النزاع في مزارع شبعا؟

اخترنا لك