أعلن الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي برنامج ترشحه للانتخابات الرئاسية في نادي الصحافة، في حضور شخصيات اقتصادية وثقافية واجتماعية وسياسية.
وفي عرض لبرنامجه الانتخابي قال: “الوضع الدولي مأزوم والوضع الاقليمي ضبابي وغير مستقر. الأمن الغذائي مهدد عالمياً وأسعار السلع الأساسية في إرتفاع مستمر. الاقتصاد العالمي يتهاوى والعملات الدولية تترنح. الدول الفقيرة والنامية والمدينة مهددة بالمجاعة، كذلك دول متقدمة مهددة بنقص حاد في حاجاتها الأساسية. لقد أدرج لبنان في برنامج منظمة الاغذية العالمية بين الدول المعرّضة للمجاعة، وأضحى النازح السوري على عاتق الأمم المتحدة بينما اللبناني على عاتق برنامج إغاثة الدول المهددة بالجوع”.
وأضاف: “السلطة في لبنان لم تتغير لا بالإنتخاب ولا بالتعيين، ولن تفلح في أي تغيير أو إصلاح بل نجحت في إعادة التاريخ إلى الوراء وإسقاط اللبنانيين في العبودية بعد أن حرمتهم كامل حقوقهم، وجعلتهم يشحذون حقوقهم ويستدركون عطف الأقوياء وهي لا تزال تتبادل الخدمات والمصالح بين أعضائها بدل تقديمها إلى اللبنانيين”.
واعتبر يشوعي أن “أمامنا إستحقاق مصيري، إذا نجحنا فيه نجا لبنان، وإذا وقعنا معه في نسج العنكبوت تفكك لبنان”.
وقال: “أنا مستقل سيد نفسي، أرفض الارتهان والتبعية، وأؤمن بالتحالفات الندية. ملتزم قضايا لبنان وتاريخي يشهد على ذلك. عارضت تجاوزات الميليشيات وتعدياتها على الحريات وممارساتها الشاذة خلال حرب 1975- 1990. وعارضت حكومات بعد الطائف خصوصا حكومة 1993 التي إعتمدت سياسات نقدية ومالية واقتصادية وخدماتية معمولا بها إلى اليوم، أوصلت لبنان إلى إفلاس قطاعيه العام والخاص، وانهيار نظامه المصرفي والمالي العريق”.
وأشار الى أنه “من البديهي ألا يستمر أي رئيس جمهورية جديد مع حكومة جديدة في إدارة الأزمة، ما يعني الاستمرار في إدارة الفقر والبؤس والهجرة القسرية وانحلال مؤسسات الدولة وإداراتها الرسمية. واجب عليه إنقاذ لبنان وإعادة النهوض به وانتشال اللبنانيين من عبوديتهم الجديدة، وإعطاؤهم كامل حقوقهم، وبذل الجهود لاستعادة لبنان عافيته ونموذجه واعتداله وأدواره الريادية وتحصين حدوده الواضحة وحمايتها حماية كاملة”.
وتابع :”الدستور هو القانون الأعلى، هو ملزم لكافة السلطات ولا يمكن المساومة عليه، ينظم السلطة ويضمن حقوق المواطنين ويعطيهم صلاحيات كبيرة في نظام ديموقراطي برلماني. لذلك، أنا لست ميثاقياً، أنا دستوري جمهوري، لأن الميثاقية طبقت خطأ إذ بنوا عليها الديموقراطية التوافقية ثم حكومات الوفاق الوطني إنتهاء بسياسات الحصص وتقاسم المنافع وتوزع المغانم في التجارة المذهبية للسياسة”.
ولفت الى أن “الجمهورية هي دولة المؤسسات الفاعلة في أدوارها وأدائها وفي الفصل بين سلطاتها، وهي التي تحمي الشعب من الديموقراطية الخالصة أي تلك التي تجتاحها الفوغائية، وتتعدى على الحريات والحقوق، وتسمح لمجموعة صغيرة بالسيطرة الكاملة على مقدرات البلاد”.
وقال: “إن حرية الرأي والضمير والمعتقد في دستورنا فخر للبنان في إحترام الارادة الشخصية في الانتماء. إن قصور الدولة في تأمين الحقوق الفردية والحق العام، جعل اللبنانيين يتقاعسون عن القيام بكافة واجباتهم تجاهها”.
وعملاً بنظام فصل السلطات، شدد يشوعي على أهمية أن يمنع تدخل السياسة في القضاء وفي الادارة وإنغماسها في الاعمال أيضا، كما رؤية البرلمان في الحكومة اي السلطة التشريعية داخل السلطة التنفيذية.
وقال: “ينص الدستور على أن الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة. إن السلطة الدستورية المعطاة للشعب نريدها كاملة غير منقوصة، إن بواسطة الاحتكام إليه في المسائل المصيرية بواسطة الاستفتاء أو بواسطة جعله الناخب الأوحد لشاغل أعلى سلطة، أي رئيس الجمهورية كما تعطى له سلطة المحاسبة والمساءلة”.
وأضاف: “نظامنا الاقتصادي حر في الدستور، أي إقتصادنا اقتصاد سوق، لكن ادارته السيئة حولته إلى نظام اقتصادي مسخ برؤوس ثلاثة: اقتصاد احتكاري متوحش، اقتصاد أسود مبني على الريع والسمسرة والغش والتهريب والتهرب الضريبي وتبييض الاموال، واقتصاد مركزي ثبت سعر الصرف وحدّد نسب الفوائد بمعزل عن العمل الطبيعي لأسواق النقد والقطع، فراكم الديون على القطاع العام وقلص الاستثمار الخاص وفرص العمل، وهجر شباب لبنان، وقضى على النمو الكمي والتنمية الاجتماعية والانماء الجغرافي المتوازن”.
واستطرد يشوعي :”إن إستكمال تطبيق الدستور يفترض تحقيق غايتين أساسيتين وبالسرعة اللازمة: الأولى اللامركزية الإدارية والضرائبية والمالية التي وحدها تصنع الانماء الجغرافي المتوازن، والثانية تشكيل الهيئة الوطنية المتخصصة لإلغاء الطائفية السياسية، إلغاؤها حصن منيع أمام مشاريع التقسيم والفرز والتجزأة والتوطين، وحافز كبير للمحافظة على صيغة العيش المشترك والسلمي بين المذاهب والطوائف والاديان والحضارات”.
ورأى أن “الالتزام بالنص الدستوري على أن لبنان وطن سيد حر مستقل ونهائي لجميع أبنائه يفترض حماية السيادة اللبنانية على كامل أراضي الجمهورية والتي تحكمها القرارات الدولية. يجب التوقف أيضا عند القرار 1680 الذي يطالب لبنان بترسيم الحدود مع سوريا. فلبنان لم يرسم حدوده بعد، لا مع سوريا ولا مع قبرص، والمفاوضات غير المباشرة لا تزال جارية مع إسرائيل من أجل الترسيم، ما يفترض عقد اجتماع ثلاثي الاطراف يضم لبنان وسوريا وقبرص من أجل حل مسألة الحدود البحرية بينهم والتوصل إلى نقاط تقاطع ثلاثية. فحسب قانون البحار، إن بلوكات البلدان الثلاثة متداخلة في ما بينها ما يفرض وضع إحداثيات جديدة تحدد الحدود وتوافق عليها الدول الثلاث. إن الحفاظ على الجمهورية وعلى دولة المؤسسات يفرض على رئيس الجمهورية احترام كل تلك القرارات الدولية والالتزام بمضامينها والعودة اليها في جميع المفاوضات والاتفاقات والمعاهدات الدولية”.
وأردف يشوعي :”إن الطريقة المثلى لاخراج لبنان من نزاعاته الاهلية الداخلية وارتهاناته الخارجية، تغليب الاقتصاد على السياسة. فإذا السياسة تغرق الاقتصاد يجمع. المصالح الاقتصادية للافراد تقوى على انتماءاتهم المذهبية والحزبية والعقائدية، فلنؤمنها لهم. إن ممارسة السيادة المالية والاقتصادية والنقدية والتنموية والانمائية في لبنان تحافظ على سيادة الدولة وتمنع الصراعات السياسية والاهلية. فسياسات نقدية محفزة للاستثمار وفرص العمل، ومالية داعمة للانماء والتنمية، واجتماعية تضمن الصحة والشيخوخة، وخدماتية توفر حياة كريمة وبنى تحتية متطورة، وبيئية نظيفة، وتربوية متطورة، كلها تجعل اللبنانيين يضاعفون اهتمامهم بمصلحتهم الاقتصادية الفردية والعائلية، فيتخلوا تدريجاً عن عصبياتهم الدينية والحزبية والعقائدية”.
وشدد على أن “واجب لبنان كعضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية منذ 1945 وملتزم مواثيقها، توثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق كافة الخطط والسياسات معها وتحقيق أقصى التعاون في الشؤون الاقتصادية والمالية والتكنولوجية والاجتماعية والتربوية والصحية والتعاون مع الهيئات الدولية لضمان الأمن والسلام بين الدول العربية ومع دول العالم. في هذا الاطار لبنان قادر ان يعمل على الوحدة الاقتصادية العربية وعلى مشاريع مشتركة للاستثمار والتنمية وعلى صندوق نقد عربي يسهر على سلامة الاقتصادات العربية. وواجب لبنان كعضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان منذ 1945 ولأن ميثاق الامم المتحدة أداة من أدوات القانون الدولي، واجب لبنان خدمة السلم والامن وحقوق الانسان في العالم والتنمية المستدامة والقانون الدولي. وعليه يستطيع طلب المساعدة الدولية لاسترجاع اللبنانيين كامل حقوقهم المالية الضائعة”.
وأكد أن “من أساسيات السياسة الخارجية اللبنانية، بناء شراكة دائمة مع أبناء لبنان المنتشرين في كل العالم، هؤلاء الذين أبعدوا عنا كأس الافلاس المر لسنين طويلة بسبب تحويلاتهم السخية، لكن فساد الداخل كان أقوى وجعلنا رغما عنا نرتشف هذه الكأس المرة”.
وختم يشوعي :”إن بناء دولة المؤسسات القائمة على فصل السلطات يسقط ثقافة تقاسم السياسة والقضاء والإدارة والإنفاق ومراكمة المال من حساب الدولة والشعب. وقد فشلت هذه الثقافة في اعطاء شعب لبنان أسبابا للحياة وللأمل. ولن تستقيم الدولة وتنتظم أعمالها إلا بثقافة سياسية جديدة مبنية على فضيلة محبة لبنان وشعبه”.