بقلم أسعد الراعي – ناشط سياسي
بعد طول غياب عن محاسبة الطبقة السياسية، وبعدما وصلت اليه البلد ومواطنيها أي حجراً وبشراً من ذل وفقدان ثقة وانحلال للإدارة العامة والتي أدت الى تفليس القطاع الخاص وهجرة الشباب انتفض الشعب الراقي في ١٧ تشرين ٢٠١٩ لذلك عليه ان يكون عيداً وطنياً بامتياز.
نعم أعني ما أقول. في هذا النهار، هرعنا الى الساحات من كل الأديان مستقلّين ومحازبين كبار وصغار نساء ورجال، في هذا النهار تكلّم الأخرس وأبصر الأعمى وسمع الأطرش وعاش الميت ومشي المخلّع…
في هذا النهار انتفض شعب مقهور تنهار امامه هيبة الدولة هيبة القضاء هيبة القوى الأمنية الشرعية، في هذا النهار كانت “الصحوة” وصرخ الشعب اللبناني بصوتٍ واحد وكلّمه أيضا اللبناني في الانتشار :
وطننا، كياننا، إيماننا في حالة احتضار لن ندعه يموت امام اعيننا وتوحّد على كلمة : “كلن يعني كلن”… وكيف لا !!
لأننا نحن شعب يؤمن بلبنان وطنه النهائي
نحن شعب يحب الحياة
نحن شعب لا يركع إلا لخالقه
نحن شعب لا نخاف الحديد والنار
نحن شعب أَبيّ، راقٍ، يعشق التطور والنمو والإبداع
نحن شعب – بشهاداتٍ دوليةٍ – مميّز مسالم خلّاق
نحن شعب كل واحدٍ منا في الانتشار سفير
نحن شعب يموت بفرحٍ وإيمان
نحن شعب نرفض التهديد والوعيد
نحن شعب لا يساوم على عزَّة النفس…
شعبنا حين خرج من بيته الى الشارع في ١٧ تشرين ٢٠١٩ لا ليعود إليه كما خرج ولو بعد حين. عقارب الساعة لن تعود الى الوراء.
شعبنا الذي اختار لبنان وطنه النهائي اخفق باختيار حكّامه : لقد مرّ ١٠٠ عام على إعلان دولة لبنان الكبير وقد حكمه من هم اكفاء ومن هم غير صالحين للمسؤولية، أوصلونا الى وضعنا الحالي فهذه كانت نتيجة ممارسة الحكم طيلة المئة عام.
صحيح اختيار المسؤولين يعود الى الشعب حسب نظامنا لكن لا أحد ينكر الضغوطات الهائلة وبأساليب مختلفة، جعلت من هذا الشعب مسيّراً وليس مخيّراً وقد تحمّل النتائج…
لقد مرّ على شعبنا :
حروب
انتفاضات عسكرية
محاولات انقلاب
اغتيالات
تفجيرات غايتها الترهيب والتركيع
تهجير داخلي
هجرة
قمع
تزوير
عمالة الخ…
شعب لبنان خرج عفوياً ليقول : كفى
سوف ندخل بكل ما أُوتينا من حكمة وقوَّة ملعب تقرير المصير ونستعيد كيان وميزة وطننا لبنان، شاء من شاء وأَبى من أَبى.
لن نرضى بأن نُنجب أَولادنا ونكبّرهم ونعلِّمهم في لبنان لتصديرهم للخارج مستوفيين جميع المصاريف والشروط لسبب؛ غياب فرص العمل. هذا مدمّر نفسياً واجتماعياً.
نتزوّج لنكوِّن اسرةً متلاحمةً، لا لينسلخ رب الاسرة عنها ليتمكَّن من إعالتها من الخارج بسبب هشاشة الوضع الاقتصادي وسوء تنظيمه .
حالة معظم الناس – كباراً وصغار – في المجهول لا ركائز ثابتة يعود اليها المواطن.
انه الدليل الساطع لفشل مَن تناوب على السلطة ومَن دخل الحياة السياسية.
لكن لكل مستنقعٍ حل .
نحن في سنة ٢٠٢٢ من هذا الزمن، ولو نظرنا لواقعنا لا ندري الى أي حدٍ سبقنا الزمن : أرضاً وشعباً.
لا تنظيم مدني
لا طرقات
لا ارصفة
لا إشارات
لا دوائر حديثة
لا بيئة
لا نظافة
لا شطوط بحرية خالية من التلوث
لا كهرباء
لا ماء… بالحقيقة أخجل بأن أُكمل التعداد .
نعم لن نعود الى بيوتنا دون نتيجة. لقد خرجنا الى الشارع حضارياً و ابهرنا العالم بانتفاضتنا .
حركتنا هذه أدَّت الى متغّيرات كثيرة : كشفنا المستور، اسقطنا الخوف، فضحنا مؤامرات، اسقطنا حكومات، كشفنا نواياهم ومدى استعدادهم لقمعنا، قمع الشعب الحر المؤمن بلبنان الدولة المدنية.
ومع الأسف كانت نتيجة إيدأهم اللامسؤول ونظامهم الفاسد، تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠ وما نتج عنه من ويلات لغاية اليوم.
لا، لن نسكت ولن نستكين، سننتفض بشتّى الوسائل الحضارية السلمية القانونية إكراماً لضحايانا منذ ١٧ تشرين حتى اليوم.
ولوضعنا الاجتماعي المزري
ولاستعادة حقوق بلدنا
ولاستعادة حقوق الشعب في المصارف
ولتجذير شاباتنا وشبابنا في لبنان
ولنمو هذا البلد الحبيب
ولضمان الشيخوخة
وللاستشفاء المجاني
وللتعليم المجاني
وللثقافة
وللفن ولأمورٍ كثيرة لن ادخل بتعدادها اكثر كي لا يغيب عن بالي أشياء أُخرى…
لن نسمح بعد اليوم عدم التقيُّد بالدستور وتطبيقه
لن نسمح بعد اليوم بالمراهنات الفاشلة و الارتهانات للخارج مزاجياً
لن نسمح بعد اليوم بالتدخل السياسي في القضاء والجيش
لن نسمح لأي مسؤول الاستخفاف بالشعب اللبناني أو بمقدِّرات الوطن
لن نسمح بتسبيب المرافئ الشرعية و التطنيش المبرمج على كل اشكال التهريب
لن نسمح بصورة الماضي السيئة ان تعود وتتكرر في المستقبل
ولن نورث الأجيال الناشئة ما ورثناه ممن سبقونا بل الأفضل.
وأخيرا لنثق ببعضنا ونضع ايادينا ببعضنا ليقوم لبنان …
من يُقيم لبنان من الخارج لن يُقيمه مجاناً . لن نرتهن لأحد ويدنا ممدودة للجميع للتعاون والتنسيق حسب الأصول بين الدول فلبنان عضو مؤسس في الأمم المتحدة وكذلك في جامعة الدول العربية.
حكّام صالحين أصحاب رؤية يكسبون ثقة الداخل والخرج يُنتجون إدارة رشيدة ومواطنة صحيحة.
عيد ثورة ١٧ تشرين عيد شعبٍ ابيّْ يستحق الانحناء أمامه والسلام.