بقلم السفير خليل كاظم الخليل – محامي وناشط سياسي
المطروح هو جزء من التمني ونظرة مستقبلية يغلفها الكثير من الضبابية.
قبل ولوج أعماق هذه التجربة لابد لي أن أنوه بأهمية الخبرة العامة بالحياة ووجوب اعتماد الواقعية في الحياة العامة بالتعاملات والممارسة. لا يكفي أن تحمل شهادة علمية مهما كانت الخبرة هي الوسيلة الوحيدة للاستفادة مما تعلم الإنسان.
إن التعامل بالشأن العام هو تعامل مع أفراد المجتمع ولهذا التعامل متطلبات خارج نطاق الشهادات والتحصيل العلمي ولذا المطلوب من كل من يرغب التعامل في الشأن العام أن يتمتع بمقدرة فهم المجتمع الذي يعيش فيه ويتفاعل معه، لا يكفي أن نتمسك ببعض المبادئ أو بعض نواميس دون ارتباط ذلك بأوضاع المجتمع الذي نعيش فيه. وهو الذي يؤلف نمط الحياة ونتاج الأفعال ومردود الأهداف لذلك كان التخطيط ووضع مستقبلية.
خطط من هنا نشأ ما يسمى بالبروتوكول السياسي الذي تتمتع به معظم الجمعيات والتجمعات السياسية والاجتماعية وسواها… وإذا تعمقنا بدراسة البروتوكولات نجد أن معظمها تتنوع بين أهداف حالية ومستقبلية وهو الأمر الطبيعي الواجب اعتماده من هنا تأتي أهمية الخبرة والمعرفة والخبرة هي التي تقرر الأولويات وما يجب التمسك به أو التعامل معه ضمن مراحل. وهو ما يقرر المبادئ التي لا يمكن استبدالها والمبادئ التي يمكن التعامل بها مع الوقت بعد نضج المجتمعات والأفكار السائدة. لذلك أقول أن المواقف المتشددة اليوم قد تصبح أمور طبيعية بالمستقبل.
لذا يجب التفريق بين المبادئ والنواميس والأهداف، إن الأهداف يمكن أن توضع وتنفذ على مراحل وليس بالضرورة أن تكون كافة الأهداف سبيلها للتنفيذ رأساً ودون الأخذ بالاعتبار عامل الوقت والزمن.
وهذا ما نشهده اليوم ويسيء إلى موقف المجموعة إذ أن هناك من يدعو إلى التمسك بالمبادئ والنواميس دون الاعتبار أن الأهداف بالنظر للوضع العام يجب مرحليا أن يأخذ الأولوية وبالتالي أن ما سنقدم عليه من مواعيد قد لا يحقق ما نصبوا إليه من تغيير الأوضاع وسوف تفوت الفرصة المتاحة إذا لم تعدل المواقف.
إن ما يسيء إلى حركة 17 تشرين الأول هو عدم التوافق وعدم الإدراك أن الأهم ليس التمسك بالموقف العقائدي إنما المهم إنهاء حالة الضياع والتشرذم والانهيار الذي أصاب لبنان، ونقله من بلد ذات معجزات نفتخر بها إلى حالة الانحلال، إن استمرار حالة الفساد والكذب وعدم المسؤولية نقل تصنيف لبنان إلى البلد “الفاشل”.
لقد استفاق المواطن اللبناني على حالة الفساد والإهمال ونهب الأموال واعتماد سياسة النفاق والكذب وتغليف الأمور بما ليس فيها متأخراً في 2017/10/17 وقام بتحركات خجولة ولايزال، والتي لم تحدث أي تغيير في الكيان اللبناني و أنت الانتخابات عام 2018 وانتخابات 2022 دون أن تحقق التغيير المطلوب والمأمول وإعادة انتخاب نفس المنظومة الفاسدة التي تسببت بالانهيار وفشل لبنان.
نستدل من ذلك أن الشعب اللبناني المتصف بالذكاء والحنكة لم يدرك حقيقة ما يحدث وكيف أن من تولى المسؤولية خلال الفترات الحالية والسابقة افقد لبنان موقعه كدولة تتمتع بالعافية والإنتاج على كافة الصعد، كما أفقده موقعه الدولي ودوره العربي لقد استمر المواطن بإعادة ترتيب التركيبة اللبنانية على قياس ما فرضه الوجود السوري في لبنان منذ 1990 بعد اتفاق الطائف، حين تأمر على لبنان وجره إلى محاور لا يؤمن بها معظم أبنائه.
ولتحقيق ما نصبوا إليه وننتظر تحقيقه من حركة 17 تشرين الأول لعودة الاستقرار لحياة الناس وعودة الأمن بكافة أشكال الأمن الاجتماعي والأمن السياسي والأمن الغذائي والأمن الصحي والتعليمي وإلى ما هنالك من حاجات المواطن اليومية من مياه غير ملوثة وكهرباء ودواء وكبح الجشع وغلاء الأسعار له ولأسرته وأبنائه ومستقبل لبنان.
يجب أولا وقبل كل شيء الخروج من زاوية التقوقع المتمسك بمبادئ ونواميس بعيدة عن الأهداف المطلوبة اليوم بهذا الظرف لا يمكن لنا أن نتمسك ببعض الأفكار والمبادئ على نقيض ما هو مفروض ومطلوب وهي حالة حرجة وخطرة لا يمكن المجازفة في إطارها يجب ان نطرح المبادئ والنواميس جانباً ونهرول نحو الأهداف، وهذه الأهداف وضع لها تعريف “كلن يعني كلن”.
لا يمكن أن نسمح باستمرار حكم الانتهازيين، الفاسدين، سارقي أموال الدولة و مفلسي أبناء الوطن هكذا تصنع التغيير وتبني وطناً لأبنائنا يليق بحياة كريمة.
ونقول بصوت جهوري أننا لا نزال ننتظر تحقيق ما نصبوا إليه والمانع لهذه الساعة هي الأنانية والاعتداد بالنفس وعدم القبول بالشريك الآخر.
حان الوقت أن يتمتع المواطن اللبناني بحياة كريمة تؤمن له متطلباته وتقييم المؤسسات التي ترعى الصالح العام. ان استمرار الوضع الحالي سوف يؤدي إلى اليأس والقنوط ويزيد من الهجرة والتخلي عن الوطن. “أهكذا نريد لبنان…؟؟”
نختصر لنقول ما فائدة العقائد والنواميس والأحلام لمجتمع مثالي إذا استمرينا في عجزنا عن تحقيق الأهداف التي هي في صلب حياتنا. عسى الله أن يرشد الجميع ويفيد لبنان وأجياله..
خليل كاظم الخليل
حائز على إجازة في الحقوق الحقوق ومنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت.
عمل محام ومدير مكتب المرحوم النائب والوزير الأستاذ كاظم بك الخليل.
سفير لبنان مطلق الصلاحية في إيران ومعتمد لدى المملكة الأفغانية.
سفير لبنان مطلق الصلاحية في جمهورية ألمانيا الاتحادية.
وزارة الخارجية اللبنانية – مدير دائرة الأبحاث والشؤون القانونية.
سفير لبنان مطلق الصلاحية في المملكة الهولندية.
سفير لبنان مطلق الصلاحية في تركيا.