مستر بريزيدنت دونالد ترامب

بقلم عقل العويط

رسالتي هذه، في الغالب الأعمّ لن تصل إليكَ ولن تقرأها، وإذا وصلتْ فلن تعيرها ربّما أيّ اهتمام. ستقول، وأنتَ تقلب شفتيكَ، وتخاطب نفسكَ أمام مرآتكَ الشعبويّة، مَن هو هذا الآتي من بلدٍ غير مرئيّ على خرائط الكون، لأمنح رسالته لحظةً من وقتي وجهدي (بلدي، للمفارقة، مستر بريزيدانت، وطنُ صهركَ العزيز، ابن بلدة كفرعقّا، المحاذية لقريتي الصغيرة بزيزا، من أعمال الكورة، شمال لبنان).

إنّما تهمّني رسالتي هذه من أجل نفسي، ومعاييري، ولأنّها تخاطب الذين يؤمنون بالحقّ والحرّيّة والمساواة والكرامة الإنسانيّة، القيم التي تواجه المعس والهرس والاستئصال والإبادة في جهات العالم الأربع.

يخيفني ما ينتظر العالم كلّه، في ولايتكَ الثانية هذه، من أحوالٍ ومصائر. بل يخيفني مصير هذا الشرق الأوسط، ولا سيّما مصير بلدي اليتيم، يحيط به وحوش الأرض من كلّ حدبٍ وصوب. فضلًا عن الوحوش يلتهمونه من الداخل.

نعم، تخيفني إعادة انتخابكَ، لأنّها تؤكّد الفجوة الهائلة التي تفصل أميركا عن عالم المعايير مطلقًا، خصوصًا التي كانت تلهم الولايات المتّحدة، زمن جورج واشنطن، ابراهام لنكولن، وتوماس جيفرسون، والأخير كان يُعتبَر من أبرز المدافعين عن الحقوق الفرديّة والحرّيّات المدنيّة، وكان كاتبًا لـ”إعلان الاستقلال الأميركيّ” عام 1776، الذي تضمّن مبادئ حقوق الإنسان الأساسيّة، بما فيها الحقّ في الحياة والحرّيّة والعدالة والتعبير الحرّ والسعي وراء السعادة.

ألا ترى، إلى أيّ “سعادة”، وأيّ مستوى من المادّيّة الرأسماليّة المتوحّشة والظلم والتشييء والمصلحة والبزنس ومنطق الصفقة والانحياز إلى القاتل والمستبدّ، راحت تنحدر أمّتكَ، قائدة “العالم الحرّ”، والدولة العظمى في هذا العالم؟!
كم يشعرني بالهول يقيني أنّ شخصكَ (السياسيّ) يخلو من المشاعر الإنسانيّة، وأنّ “القيم” الظلاميّة التي أومئ إليها، هي التي ترشد خطاكَ. وهي، ولا بدّ، مضادّةٌ لأيّ أنسنة، وعدالة، وحقّ، وحرّيّة، فضلًا عن احتقارها المعيار الأخلاقيّ والوجدانيّ.

ستُنَصَّب في العشرين من كانون الثاني 2025، لتكون الرئيس الأميركيّ السابع والأربعين، ولتكون “البزنس مان” الذي يُعلي المصلحة والربح والاستثمار على كلّ اعتبار، وإن فوق أنهرٍ من الدماء، وركامٍ جحيميٍّ من الجماجم والآلام والفواجع.

فليقلْ لكَ أحدهم (صهركَ مثلًا)، فقط لأنّكَ وعدتَ: أنظر قليلًا جهةَ لبنان، وقليلًا جهةَ فلسطين. أنتَ لن تفرّط بالكيان الصهيونيّ، لكنْ لا تضع الفيتو على قيام دولةٍ فلسطينيّة، وامنع الإرهاب الإسرائيليّ اليمينيّ المتطرّف من إبادة فلسطين، ومن أنْ تكون له يدٌ مجرمةٌ تتطاول، بعد الآن، على لبنان، دولةً وأرضًا وشعبًا.

أنتَ لن تفرّط على الأرجح بمصالحكَ في إيران وسوريا، وسواهما. لكنْ، دع بلدي يتحرّر من وصاية واحتلال هذين النظامَين الرهيبَين. وفِّرْ له الظروف والمعطيات التي تمكّنه من أنْ يكون دولةً، وبلدَ كرامةٍ وحقٍّ وعدلٍ وحرّيّة.
أعرف أنّ أميركا، والدول، لا تُحكَم بالعواطف. إنّي لا أستعطفكَ، بل أطالب بأنْ يعيش بلدي لبنان في سلام.

اخترنا لك