كتبت كارين القسيس
يدفع النازحون ثمن محاولة عناصر “حزب الله” للاختباء بينهم وفي شققهم وأحيائهم الآمنة، التي هربوا إليها بحثاً عن ملاذ آمن، وباتوا، مع سكّان هذه المناطق، يعيشون مع هاجس احتمال وجود قياديين من “الحزب”، فيما بينهم، ما قد يعرّضهم لخطر الموت إذا كان هؤلاء مستهدفين.
من هنا برزت مطالبات بإخلاء عدد من المنازل في مناطق عدّة، أو لجأ البعض الى مطالبة النازحين المستأجرين في بلداتهم بالتوقيع على تعهدّات بعدم استقبال زوّار “مشبوهين”، إلاّ أنّ الوضع في بعض المناطق خرج عن السيطرة، حيثُ بات هناك تخوّف واضح وعلنيّ من اتساع نطاق الإشكالات ونشوء فتن متنقلّة.
فمنذ بداية النزوح، استقبلت أكثريّة المناطق اللّبنانيّة النازحين برحابة صدر، لكنّ الوضع سرعان ما تغيّر بعد استهداف مبان بأكملها في المناطق التي تعتبر آمنة نسبياً، ليرتفع منسوب الذعر بين الأهالي. وهذا ما شاهدناه في الأسابيع الأخيرة، حيثُ وقعت إشكالات عدّة بين عدد من النازحين القادمين من المناطق المستهدفة، وبعض أهالي المنطقة المضيفة.
في حديث مع “نداء الوطن”، أوضح عضو تكتّل “الجمهوريّة القويّة” النائب رازي الحاج أنّ حزب “القوّات اللّبنانيّة” وضع استراتيجيّة ثابتة تتعلّق بكيفيّة التعاطي مع ملف النازحين، مشدداً على أهميّة احترام القانون والحفاظ على الانتظام العام، إضافةً إلى منع تواجد أي مظهر غريب في مراكز الإيواء حمايةً لهم ولأهل المنطقة.
وتابع، يتمّ استقبال النازحين المدنيين في قضاء المتن الشمالي كأهل ومن مبدأ الإنسانيّة، إنّما نخاف أن يتم استخدامهم كدروع بشريّة من قبل الأمنيين في “حزب الله”.
وشدّد الحاج على أنّ القوى الأمنيّة تقوم بمهامها على أكمل وجه، وأنّ هذه المرحلة تشهد تقدماً واضحاً في مسك زمام الأمور، معتبراً أنّه يجب وضع معايير وشروط للحفاظ على السلامة العامّة والاستقرار.
في المقابل، أكّد أحد سكّان بلدة الدكوانة أنّ الاستهدافات الأخيرة لم تقتصر على مناطق محسوبة على طائفة معينّة، بل شملت مناطق محايدة نسبياً، ومن الطبيعي أن يتخوّف السكّان من وجود نازحين قد يشكلون خطراً عليهم.
وشدّد على أنّ المناطق التي كانت تُعتبر ملاذاً آمناً تحوّلت إلى مناطق تعيش على وقع الذعر والخوف، حيثُ بات سكّان المتن يعيشون في رعب دائم.
ولفت المصدر إلى أنّ هناك ظاهرة جديدة، وهي وجود مركبات تتجوّل من دون لوحات وبزجاج داكن في الشوارع، وهذه المشاهد تثيرالهلع والرعب في نفوس المواطنين.
ورأى أنّ “البيئة الشيعيّة” التابعة لمحور المقاومة، انخدعت بشعارات “الحزب” الرنّانة، فبدلاً من تطبيق شعار “نبني ونحمي”، اختار “حزب الله” جلب الدمار والتهجير والخراب.
إنّها المرحلة الأكثر خطراً، يعبر اللّبنانيون نفقها المظلم، ولا يلوح أيّ بريق أمل بقرب نهاية طريق الآلام والجلجلة في حرب الإسناد التي أدخل “حزب الله” لبنان بها، من دون أن يوفّر، حتى لمناصريه أي مقوّمات للصمود والعيش بكرامة وأمان.
حاولت بعض البلدات “ترقيع” ما اقترفه “الحزب” ولم تتأخّر في احتضان عدد كبير من النازحين الفارّين من مناطق الصراع، لكن لا أحد يستطيع لوم المناطق التي تمنّعت عن استقبالهم، لأسباب عدّة، أبرزها عدم المخاطرة بأن تصبح هدفاً للقصف الإسرائيلي.