بقلم عقل العويط
عالمٌ يحكمه نتنياهو وخامنئي وبشّار وبوتين ودونالد وكيم جونغ أون وشي جين بينغ، وقياميّون، وإلهيّون، وشيطانيّون، وظلاميّون، وديكتاتوريّون، ووحوشٌ، ومسوخٌ، وسواهم، وشرور الذكاء الاصطناعيّ، لا يولّد حلولًا ولا سلامًا. بل الأحقاد والكراهات والثارات. فكيف يمكن أنْ تُعاش الحياة في هذا “العالم”؟
هل العيش الكريم ممكنٌ في ظلّ هؤلاء؟ مستحيل. هل يمكن تفادي هذا العيش؟ مستحيل، حتّى الآن.
لكن، إذا كان هذا وذاك مستحيلَين، يجب ألّا يكون مصير العالم بأسره سجينَ هؤلاء، ورهينهم؟. يجب أنْ يكون ثمّة ملجأ، ومفرّ، أو قصيدة، وأغنية، وشجرة، يهرع إليها المرء ليكون في منأى من هؤلاء. إنّي أصرخ: ما العمل، أيّها الناس، للعثور على مكانٍ في الأمكنة، وزمانٍ في الأزمنة، لا تصل إليه أيدي هؤلاء، وعيونهم، ونظراتهم، وأسنانهم، وأظفارهم، وخيالاتهم، وأفكارهم الجهنّميّة؟
يشرّفني أنّي عشتُ حياةً وأمضي ما بقي لي منها، في الكفاح من أجل العثور على أعجوبة. أنجح قليلًا جدًّا، وأفشل كثيرًا جدًّا. أخشى ما أخشاه أنْ لا يعود في مقدور المرء، بعد الآن، أنْ يظلّ ينجح، ولو للحظةٍ يتيمة.
من المرعب حقًّا، أنْ يشعر المرء بأنّ هؤلاء القادة – الوحوش، وإنْ تبدّلت أسماؤهم، هم قَدَرُ هذه الحياة، وغدها، ومستقبلها، ومصيرها!
عيبٌ أنْ لا يوضَع هنا في لبنان وفلسطين، وحيث تُرتَكب المجازر والمظالم والإبادات، حدٌّ لهذه “الكوميديا الإلهيّة”. لمن العار أنْ لا نتمكّن من إفساد هذه المعادلة القسريّة المشؤومة.
يجب أنْ نفسدها، وبأيّ ثمن.
تخطر في بالي “حلولٌ” مستحيلة: ارتجاجٌ كونيّ يقلب الدنيا. زلزالٌ يغيّر وجه الأرض. كائناتٌ فضائيّة تستولي على مجلس الأمن والأزرار النوويّة والقصور الرئاسيّة. إنّها أضغاث أحلامٍ لا جدوى منها.
بين أسبوعٍ وآخر، أكتب ما يؤجّج التمرّد على هذه التراجيديا. وإلى صديقاتي وأصدقائي والقرّاء صورٌ لفنجان قهوة، لمشهد غروب، لليل، للقمر، للفجر، لما بُعَيدًه، للصمت، للمكتبة، للحجر، للعرزال المتدثّر، للعرزال العاري، وحينًا سطرٌ شعريّ، وأغنية، وقد تُغني نظرةٌ ولمسةٌ عن العمر كلّه.
يجب بأيّ ثمن
لا بدّ من عملٍ يفوق القدرة: “قوّةٌ” ما، معنويّة، مادّيّة، مدنيّة، ثقافيّة، ما بعد سياسيّة، إنسانويّة، عابرة الإيديولوجيّات والعقائد والأفكار والحضارات والاثنيّات والأجناس والأعراق، تطيح العربدة الكونيّة الهمجيّة التي يستخدمها أسياد العالم مفتاحًا لإبادة الحياة الكريمة في العالم.
أرجو منكم أنْ لا تستخفّوا بهذه المهمّة.
“بحصة بتسند خابية”، يقول المثل اللبنانيّ.
الحياة تستغيث.
يجب بأيّ ثمن أن ننقذ حياتنا. وأنْ ننقذ هنا، ونحن، حيث الأحياء والموتى، والذكريات، والاحتمالات، والحبّ، والشجر، والأطفال، والهواء، والحلم، والوجدان، وخفق القلب، والينبوع، والشعر، والفنّ مطلقًا، والنظرات، واللمسات، والجسد جميعاً، يستغيثون.
يجب. وبأيّ ثمن.