بقلم وفيق الهواري
مرت اليوم الجمعة 22 تشرين الثاني 2024 ذكرى مرور 81 عاماً على استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي، والكيان اللبناني يترنح بفعل العدوان الاسرائيلي المستمر على المناطق اللبنانية المختلفة، والمؤسسات اللبنانية العامة تتحلل وتنهار بفعل سياسة نظام المحاصصة الطائفية وتتجه الى مؤسسات تتبع اقوياء المكونات الاجتماعية المختلفة.
لا يلعب هذا الواقع السيء دور الحاجز امام مطالبة معظم الاطراف السياسية ببناء دولة في الكيان اللبناني، لكن احد منهم لم يشر عن أي دولة يتحدث، كل طرف منهم يبحث عن حصة ما في الدولة المقترحة، ويتنازعون على موقع سلطة هنا أو هناك، من دون البحث بكيفية بناء شعب واحد من مواطنين يحملون الانتماء اللبناني بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، ويحتمون بدولة وطنية ديمقراطية ولا يلجأون للاستقواء بالخارج ضد خصومهم في داخل الكيان.
في هذه الذكرى يتجه البلد اكثر الى الفوضى الكيانية بسبب العامل الداخلي الذي يتصف بالنزاع على السلطة، وعلى موقع زعامة النظام الطائفي، وعدم المبادرة للقيام بالمهام الدستوري المطلوبة، وبسبب العامل الخارجي الذي يسعى لاعادة رسم منطقة الشرق الأوسط بما يتلاءم مع مصالح الغرب الاستعماري عبر الوكيل الاسرائيلي.
في هذه اللحظات التي يمر بها البلد المترنح ما زالت هناك مواقع وطنية صغيرة لكنها مثيرة للاهتمام، وقد تجلت وطنيتها وانسانيتها خلال الازمة الأخيرة التي شهدت نزوحاً كبيراً من مناطق مختلفة، واعني بذلك الموقع الوطني الصيداوي من خلال احتضانه الآلاف من أبناء شعبنا، حيث بادرت المؤسسات الأهلية والمدنية الى الاهتمام بالوافدين وتأمين الاحتياجات المطلوبة على الرغم من ضعف الامكانات، وعلى الرغم من السياسة الرسمية التي ماطلت عاماً كاملاً من دون تأمين متطلبات الخطة التي اقترحتها قوى مدينة صيدا في كانون الاول 2023.
السياسةةاللبنانية الرسمية كانت تمييزية ضد مدينة صيدا ومنطقتها، ما جعل المؤسسات الرسمية مقصرة في القيام بمهامها تجاه المدينة.
ان السياسة التي اعتمدها النسيج الصيداوي الوطني لا تستطيع أن تستمر من دون بناء مؤسسات السلطات المحلية وتأمين المستلزمات الضرورية لحياة المواطنين من تعليم وصحة واجتماع ومشاركة ديمقراطية. ان بناء هذه المساحات المشتركة هو المدخل لبناء الدولة الواحدة لشعب واحد ويشكل المفتاح لمواجهة العدو الإسرائيلي وتحقيق الاستقلال الحقيقي.