#لبنان من وقف #الحرب إلى إعادة البناء

بقلم د. فؤاد سلامة

الحرب السابعة تضع أوزارها في لبنان، حروب سبعة وقعت بين لبنان وإسرائيل :

١- حرب ١٩٧٨
٢- حرب ١٩٨٢
٣- حرب ١٩٩٣
٤- حرب ١٩٩٦
٥- حرب ٢٠٠٠
٦- حرب ٢٠٠٦
٧- حرب ٢٠٢٣

سبعة حروب لم تكن الدولة اللبنانية طرفاً مباشراً فيها ولكنها كانت طرفاً مرغماً على حصد النتائج كل مرة. وبعد كل حرب كانت الدولة تتراجع وتتقدم القوى المعادية لفكرة الدولة القوية، القادرة والعادلة.

حروب سبعة أدت لنتائج كارثية فرضها على لبنان وجود قوى عسكرية غير شرعية، فلسطينية ويسارية بداية ومن ثم لبنانية موالية لإيران، ترفع شعارات تحرير فلسطين أو إسنادها. باستثناء حرب العام ٢٠٠٠ التي استبشر اللبنانيون خيراً منها والتي كان شعارها تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.

كان الجنوبيون وعموم اللبنانيين متفائلين بأن حرب العام ٢٠٠٠ ستكون آخر الحروب التي بعدها سينعمون بالأمن والاستقرار والازدهار.

كان الرهان كبيراً على تعقل حزب الله وتحاشيه إعطاء ذريعة لإسرائيل لتشن حرباً تدمر العمران والمؤسسات الكثيرة التي بناها اللبنانيون معتقدين أن توازن الرعب يحمي تلك الأملاك والمؤسسات التي شيدوها على امتداد الأراضي اللبنانية.

كان اللبنانيون بأغلبيتهم معارضين لحرب الإشغال والمساندة. أما المناصرون لحزب الله فكانوا واثقين أن الحرب التي أعلنها حزب الله ستبقى في حدود لعبة قواعد الاشتباك التي احترمتها إسرائيل طيلة ١١ شهراً لتطيح بها وبكل الآمال المعلقة على توازن الرعب.

كان ذلك خطأً استراتيجياً ارتكبه قادة الحزب ولم يعترفوا به بحجة أن العدو كان في جميع الأحوال سيبدأ حربه السابعة من دون ذريعة. ولكن من السهل الرد على هذه الحجة بسؤال بسيط: لماذا احترمت إسرائيل الهدنة طيلة ١٨ عاماً وأرسلت المبعوثين تلو المبعوثين لثني حزب الله عن الاستمرار في حرب الإسناد وتهديده بأنه في حال لم تتوقف حرب الإسناد فإن الحساب سيكون عسيراً؟

تعاطت قيادة حزب الله بخفة مع تلك التهديدات والمخاطر، لسبب لا يخفى على أحد وهو أن صاحب الكلمة الأولى في قرارات الحزب هو إيران وحرسها الثوري.

هل يمكن الرهان على تعقل القيادة الجديدة لحزب الله والوثوق في تعهداتها بالعودة إلى الدولة والمؤسسات؟ وهل يمكن الرهان على قبول تلك القيادة بإعادة الاعتبار لأولوية المصلحة الوطنية على المصلحة الإيرانية؟
نهاية حرب الإسناد والمشاغلة كانت كارثية، على اللبنانيين عموماً وحزب الله وبيئته الحاضنة بالأخص.

ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة جلبت الاحتلال ولم تحمي لبنان ولا قيادات حزب المقاومة الإسلامية وألحقت باللبنانيين نكبة ستبقى آثارها وصورها محفورة في ذاكرة الأجيال.

ليس حزب الله هو العقبة الوحيدة أمام مشروع قيام دولة الحق والقانون والمؤسسات في لبنان، وإن كان هو العقبة الرئيسية بسبب امتلاكه لأدوات العنف وللقوة الضاربة مقارنة بسائر القوى اللبنانية.

في الدرجة الثانية في المسؤولية تأتي الطبقة السياسية – المافيوية – المصرفية التي تشمل زعماء الطوائف المدنيين والروحيين وكبار أصحاب المصارف. هذه الكتلة المتراصة من الأوليغارشيين بنت علاقات وطيدة مع الكتلة العسكرية – المدنية للحزب الموالي لإيران. سيكون من الصعب حصول تفكك سريع للكتلتين المذكورتين.

بناء الدولة سيصطدم كما حصل بعد انتفاضة ١٧ تشرين بمصالح الكتلتين المرتبطتين بوشائج متينة.

نقطة التحول الإيجابي التي يأمل الكثير من اللبنانيين بلوغها بسبب ضخامة النكبة اللبنانية الراهنة ستكون بتشكيل حكومة إنقاذية مستقلة عن الكتلتين سابقتي الذكر، حكومة مدعومة من الجيش والشعب تباشر بالإصلاحات الأساسية وبتنفيذ اتفاق الطائف الذي أعلن أمين عام حزب الله الجديد موافقته عليه بعد وقف الحرب.

على الطرف الآخر يعطي حزب القوات اللبنانية، وهو أقوى الأطراف المعارضة لحزب الله، إشارات لموافقته على تلك الحكومة الإنقاذية والإصلاحية وعلى تنفيذ اتفاق الطائف. قوى المعارضة التغييرية والإصلاحية تؤيد بقوة تشكيل تلك الحكومة.

سيكون من الضروري توحيد مختلف قوى المعارضة خلف فكرة الحكومة الإنقاذية والإصلاحية المستقلة والضغط معاً في نفس الاتجاه.

الإشارة الأولى لبدء الإنقاذ وإعادة البناء ستكون بموافقة القوى السياسية اللبنانية على اختلاف مشاربها بتشكيل تلك الحكومة العتيدة. بذلك فقط نكون أمام فرصة حقيقية وجدية لبدء الخطوة الأولى على طريق قيام الدولة اللبنانية بأدوارها الطبيعية من دون معوقات كبرى.

اخترنا لك