كتبت الإعلامية نانسي اللقيس
@lakiss_nancy
دخل لبنان مرحلة جديدة بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” و”إسرائيل”، وهو إتفاق يتجاوز أبعاده الأمنية ليحمل دلالات سياسية واستراتيجية قد تعيد تشكيل مستقبل البلاد والمنطقة. ومع ذلك، يبدو أن سوء تقدير “حزب الله” للأوضاع الإقليمية والدولية أدى إلى إضعاف موقفه، مما مهد الطريق لوضع لبنان تحت وصاية دولية غير معلنة.
خطأ التقييم الذي غيّر المعادلة
بعد سنوات من الهيمنة السياسية والعسكرية، أخطأ “حزب الله” في قراءة التحولات الكبرى على الساحة الدولية، وخاصة التغيرات في موقف الدول الكبرى من النفوذ الإيراني. هذا الخطأ سمح بتكثيف الضغوط عليه وعلى لبنان، ليجد الحزب نفسه مضطراً لتقديم تنازلات استراتيجية، أبرزها التخلي عن “وحدة الساحات” والقبول بشروط دولية كانت تبدو مستحيلة سابقاً.
إتفاق يتجاوز الشأن الأمني
الإتفاق، الذي صيغ تحت رعاية أميركية وفرنسية، لا يقتصر على وقف العمليات القتالية. بل يشمل:
1. تفكيك البنية العسكرية للحزب: بدءاً من جنوب الليطاني وصولاً إلى مناطق محددة شماله.
2. تعزيز سيادة الدولة اللبنانية: من خلال تفعيل المؤسسات وانتخاب رئيس جديد ضمن معايير اللجنة الخماسية الدولية.
3. توسيع مهام “اليونيفيل”: لمراقبة الحدود ومنع تهريب السلاح.
الوصاية الدولية على لبنان
بسبب فشل “حزب الله” في إدارة ملفاته الإقليمية والمحلية، أصبح لبنان خاضعاً بشكل شبه كامل لإشراف دولي، حيث تقود الولايات المتحدة لجنة تشرف على تنفيذ الاتفاق وتراقب الحدود والمنافذ البرية والبحرية والجوية.
فرصة أم تهديد؟
يتيح الاتفاق فرصة لإعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس جديدة، لكنه يضع البلاد تحت ضغط دولي غير مسبوق. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستطيع لبنان تحويل هذه الوصاية إلى استقرار مستدام، أم أن الاتفاق سيزيد من انقساماته الداخلية؟
إن خطأ “حزب الله” في تقييم التحولات الإقليمية لم يضعفه وحده، بل جرّ لبنان بأسره إلى واقع جديد، واقع يتطلب إعادة تعريف دوره ومكانته في المنطقة وسط وصاية دولية قد تكون طويلة الأمد.