بقلم السًيد محمد الأمين
الطائفة الشيعية في لبنان تواجه اليوم استنزافاً كبيراً لطاقاتها بفعل ارتباطها بمشهد السلاح الذي يختزل هويتها ودورها الوطني. وتاريخها المشرق، الذي أفرز العلماء والمفكرين وأسهم بعطاءات عظيمة للوطن، وهو يُطمس بفعل حصرها في مشهد القوة العسكرية المؤقتة.إن هذا الاختزال يشوه صورتها ويعطل إمكانياتها الحقيقية في بناء وطنٍ متنوعٍ قائمٍ على الشراكة والتعاون.
وليس من الصحيح اختزال طائفة بحزب، كما لا يصح اختزال لبنان بطائفة واحدة. فالأحزاب هي أجزاء من الطوائف،والطوائف هي أجزاء من لبنان،ولبنان هو كلهم،والتنوع هو الذي يُكمل صورة هذا الوطن.إن ما نشهده من سوق اليوم الطائفة الشيعية في مشروع سياسي خارجي، كولاية الفقيه، يسهم في إذابتها ضمن مشروع أوسع يطمس خصوصيتها اللبنانية. هذا الربط السياسي يقوض إيمانها بوطنها ويُضعف من قدرتها على المشاركة الفعالة في بناء لبنان الوطن والدولة.
الدولة فوق الجميع
فلا بد أن تكون الدولة هي المرجعية الوحيدة للعلاقات الخارجية، سواء مع إيران أو أي دولة أخرى. أي علاقة بين طائفة وأي جهة خارجية يجب أن تمر عبر مؤسسات الدولة، لأن تجاوز الدولة في العلاقات الخارجية فيه تجاوز لسيادة لبنان ويجعل الطوائف أدوات لتحقيق نفوذ خارجي.
وان العلاقات الروحية أو الثقافية مع أي دولة لا يجب أن تُلغي الانتماء الوطني،وعندما تتحول هذه العلاقات إلى ولاءات سياسية، فإنها تُخلّ بأساسيات الوطن الواحد.
ان الطائفة الشيعية، باعتبارها جزءاً أصيلاً من النسيج اللبناني، مدعوة لإعادة ترتيب بيتها الداخلي تحت سقف الدولة اللبنانية.
ومن الخطوات المطلوبة نحو التغيير يجب السير بعملية تشمل:
إيمان الدولة بنفسها: ان تصدق نفسها انها دولة،بأن تكون هي الجهة الوحيدة لاتخاذ القرارات السيادية دون الخضوع لضغط من الأحزاب أو الزعامات.
• أن يكون ارتباط المواطن بالدولة مباشرة، دون وساطة من قوى طائفية حزبية.
• احتكار الدولة لجميع أدوات القوة: السلاح، الأمن، الدفاع، الثقافة، العلاقات الخارجية، والاقتصاد وغيرها من الشؤون التي تتولاها الدول في بلادها.
• منع تأسيس أي أحزاب أو تنظيمات على أسس طائفية.
تنظيم الشأن الديني
•ضبط السلك الديني ليكون متناسباً مع الواقع اللبناني، ويُعبر عن خصوصية الطائفة ضمن إطار الدولة.والاشراف على المؤسسات الدينية والمدارس والحوزات الشيعية واي مدارس مذهبية طائفية أخرى بما يضمن استقلالها عن التوجيهات الخارجية.
القيادات الشيعية
على القيادات الشيعية، سواء الدينية أو السياسية، والتي بيدها القرار والسلاح ان تقدم جردة حساب عن الانهيارات التي لحقت بلبنان وبالطائفة الشيعية،وعليهم العودة إلى ما يطمح له المواطنون من الامن والعيش بسلام مع باقي اللبنانيين.
وبما انهم عند كل مفصل وطني يذكرون الشيعة بانتسابهم الى المرجعيات الدينية في إيران أو العراق يتوجب عليهم ان لا يتجاوزوا الجانب الروحي في هذه العلاقة من دون التبني للأمور السياسية التي لا تتناسب مع الوضع اللبناني ودور الطائفة الشيعية فيه.
ونتمنى على المرجعية توجيهات تُصدرها تصب في مصلحة لبنان وسيادته. ودعوة مقلديها لاعتبار الدولة هي المرجعية الوحيدة لمواطنيها.. لأن إدماج الطائفة بالكامل تحت مظلة الدولة اللبنانية يضمن استعادة دورها التاريخي كجزء أصيل من لبنان .
ان عسكرة الطائفة الشيعية أضعفتها بدل أن تقويها، وقلّصت دورها الوطني لصالح أجندات خارجية. ولا يمكن للشيعة دفع أثمانها من القتل والتهجير والتدمير والانزواء خارج لبنانيتها التي أوصلتها اليها الشيعية السياسية،عندما حولتها من طائفة تبني الوطن مع شركائها فيه من الطوائف الأخرى إلى طائفة يخشاها.