بقلم أحمد عياش
يدخل الجيش اللبناني الثلثاء المقبل مبدئياً، مرحلة حاسمة في تاريخه.
ففي هذا اليوم سيكون الى طاولة اللجنة الخماسية يتابع تطبيق القرار 1701.
كما سيكون على عاتقه متابعة انهاء وجود “حزب الله” المسلح في منطقة جنوب الليطاني.
فهل سينجح في أداء هذه المهمة التي أخفق فيها منذ العام 2006 عندما صدر هذا القرار؟
تؤكد المعطيات ان الجيش سينجح هذه المرة. ولا يعود هذا النجاح الى الظروف التي ترافق ولادة اللجنة وما سبقها من حرب مروعة شنتها إسرائيل على لبنان بذريعة تصفية “الحزب” فحسب، وإنما يعود الى ان دولة لبنان بلغت منعطفاً مصيرياً: إما ان تكون دولة تستحق البقاء، وإما ان تكون دولة فاشلة تستحق الزوال.
هل من غرابة في القول: إن “حزب الله” يساعد فعلياً في نجاح الجيش في هذا الاختبار المصيري؟ وكيف يحصل ذلك؟
يجيب على ذلك، الحال الذي وصل اليه “الحزب” بعد حرب إسرائيل التي بدأت ذروتها في 17 أيلول الماضي وبلغت ذروتها في 27 تشرين الثاني المنصرم. وكرّر الأمين العام لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم هذا الأسبوع القول: “اننا مررنا في أخطر مرحلة منذ نشأة “حزب الله” قبل 42 عاماً عام 1982…”.
ويستطيع المرء ان يدرك ان تنفيذ القرار 1701 قبل 17 أيلول الفائت كان أمراً مستحيلاً. وما زالت العبارة التي وردت على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري لشهور خلت على كل شفة ولسان: “من الأسهل نقل الليطاني الى الحدود مع إسرائيل من الطلب الى “حزب الله” الانسحاب من منطقة جنوب النهر”.
يستمر نهر الليطاني الآن يتدفق في مجراه التاريخي. وسنشهد في الأسابيع المقبلة بدءاً من الثلثاء المقبل، ان “حزب الله” انتقل الى شمال النهر.
ربما يكون الكلام عن حقيقة ما اسفرت عنه الحرب ما يخدش الحياء المحلي. لكن الصراحة تقتضي القول بلا تردد ان وجود “الحزب” المسلح انتهى في منطقة جنوب الليطاني وشماله على حد سواء.
وأتت واقعة اطلاق بضعة صواريخ في اتجاه مزارع شبعا الاثنين الماضي بمثابة توجيه تحية الوداع لحقبة العمل العسكري الذي أسسته ايران في ثمانينات القرن الماضي واصبح لهذا العمل إسم “حزب الله”.
حمل النبأ حول زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “الحزب” وفيق صفا لقائد الجيش العماد جوزيف عون هذا الأسبوع معطيات مبهمة. فقد عنونت صحيفة “الاخبار” بالآتي: “صفا زار قائد الجيش: تنسيق وتناغم مع المقاومة”.
أما “نداء الوطن”، فأوردت في عنوانها ان “حزب الله” و “أمل” يعترضان على تمثيل الجيش”.
وزادت ان المستشار الأمني لرئيس مجلس النواب أحمد بعلبكي كان الى جانب صفا في اللقاء مع قائد الجيش. وحمل الرجلان مطالب تتعلق بنوعية تمثيل الجيش في اللجنة الخماسية.
أعادت زيارة صفا للمسؤول العسكري الأرفع في لبنان الى الاذهان زيارة مماثلة قام بها المسؤول الأمني الأبرز في “الحزب” لقصر العدل في 20 أيلول عام 2021 .
ففي ذلك التاريخ زار صفا المحقق العدلي في الملف، القاضي طارق البيطار الذي كان منهمكاً في تحديد جلسات لاستجواب وزراء السابقين مدعى عليهم في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.
وترددت انباء لم يجر نفيها او توضيحها حتى اليوم مفادها “تهديد ووعيد من صفا بـ”قبع” (اقتلاع) البيطار. وقال حساب النيابة العامة اللبنانية، في تغريدة على تويتر، إنّ النائب العام لدى محكمة التمييز، القاضي غسان عويدات، طلب من المحقق العدلي بيطار “إعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة شفهية وصلته بالواسطة من صفا. وحتى اليوم ، لم ترد معلومات حول مصير التقرير الذي طلبه عويدات.
ليس هناك من معلومات حول ما دار بالتفصيل بين قائد الجيش وبين صفا. لكن من المؤكد ان واقعة تهديد الأخير للمحقق العدلي في انفجار المرفأ لا يمكن ان تتكرر على الاطلاق. إلا ان ذلك لا ينفي ان “حزب الله” يحاول استدراك انعقاد اللجنة الخماسية الأسبوع المقبل وما سيصدر عنها من إجراءات ملزمة للجيش كي ينهي وجود “الحزب” جنوب الليطاني.
وما لم تورده المعلومات حول زيارة صفا لعون ، افصح عمّا يشبهها نعيم قاسم في اطلالته الأخيرة. فقد قال قاسم ان اتفاق وقف اطلاق النار الذي انبثقت منه اللجنة الخماسية هو “آلية تنفيذية للقرار 1701 يدعو إلى انسحاب إسرائيل من كامل الأرض اللبنانية وإيقاف عدوانها، بالمقابل يمنع تواجد المسلحين وسلاح المقاومة في جنوب نهر الليطاني حيث ينتشر الجيش اللبناني الوطني كقوة مسلحة وحيداً. إذا، هو اتفاق لجنوب نهر الليطاني”.
ما قاله قاسم لا بد وان نقله صفا الى قائد الجيش. ما يعني ان “الحزب” متمسك بسلاحه خارج جنوب الليطاني.
ما زال هناك وقت لتبيان مصير سلاح “الحزب” ليس في منطقة عمليات القرار 1701 فحسب وانما مصير هذا السلاح في كل لبنان . فبموجب القرارين 1559 و1680 والذي شدد على تنفيذهما اتفاق وقف اطلاق النار، يجب نزع سلاح “حزب الله”.
في المرحلة الراهنة ، بات من المسلم به ان لا سلاح لـ”حزب الله” جنوب الليطاني بعد اليوم. ويعني ذلك بلغة صفا “قبع” هذا السلاح من هذه المنطقة وعلى يد الجيش اللبناني تحديدا. هل من اعتراض على هذا الكلام؟