ساعة الحريّة لـ سوريا ولبنان

بقلم د. فؤاد سلامة

اليوم الأوّل من العصر السوري واللبناني الجديد.. ٨ كانون الأوّل ٢٠٢٤، أوّل يومٍ من فجرٍ جديدٍ ومختلفٍ يبزغ في الشرق الأوسط كلّه.

اليوم الأوّل على حريّة الشعب السوري بعد ما يقرب من ١٤ عاماً من الصراع والمآسي، من أجل استعادة الشعب السوري لقراره الحرّ وانتصار ثورته المجيدة.

يومٌ تاريخيٌ لعصرٍ جديد.. كيف سيكون هذا العصر؟

المتشائمون يقولون: إنّه عصر الظلاميّة الأصوليّة والتشظّي والتفتيت، والمتفائلون يقولون: إنّه عصر زوال الاستبداد بكلّ أشكاله وألوانه السوداء والحمراء.

ليس بإمكاننا إلّا الانتظار والتفاؤل بانتهاء عصر الدكتاتوريّة والأيديولوجيّات الصمّاء.

في اليوم الأوّل، لا بدّ من تسجيل بعض الملاحظات السريعة:

١- معركة إسقاط النظام الأسدي شارك فيها ورافقها الشعب السوري بكلّ أطيافه، ولم تكن معركة دمويّة ولا معركة سريعة على غرار معركة إسقاط صدّام حسين، التي خاضها الجيش الأمريكي وسلّم بعدها السلطة للعراقيّين الذين جاءوا على ظهور الدبّابات الأمريكيّة.

٢- الجيش السوري انسحب من معظم المعارك أمام تقدّم المعارضة بعد أن قاوم قليلاً في البداية في كلّ مدينةٍ سوريّة. وبذلك تمّ حقن دماء السوريين من جيش النظام ومن فصائل المعارضة على السواء. الجيش السوري سيبقى بعد تطهيره من الأيدي الملوّثة بدماء السوريين، ولن يتمّ حلّه كما حصل في العراق.

٣- الدولة السوريّة لم تنهَر وسيتمّ التسليم والتسلّم من أعوان الأسد إلى الجيل السوري القادم من مخيّمات اللجوء.

٤- الفصائل المعارضة لم تهدّد اللبنانيّين والعراقيّين والإيرانيّين، بل بعثت برسائل تطمين وتهدئة. وهذا دليل على وعي الثوّار القادمين بضرورة العفو عن الماضي وفتح صفحةٍ جديدةٍ مع جيران سوريا.

٥- المبادرة إلى فتح السجون وإطلاق سراح من بقي من السجناء، علماً بأنّ أعداداً كبيرة من هؤلاء تمّت تصفيتهم من النظام البائد.

لا بدّ من وقتٍ طويلٍ كي يستيقظ الخائفون من المارد السوري. ستكون الفترة القادمة فترة حدادٍ لتيّار الممانعة بعد أن تهاوت أوهامه وأساطيره وأكاذيبه.

الخوف الذي زرعه أنصار الممانعة من الشعب السوري، وبالأخصّ من الجماعات السوريّة المعارضة باعتبارها جماعات تكفيريّة لا تريد الخير للبنان وشعبه، ذلك الخوف سيأخذ وقتاً كي يزول، وسيزول -باعتقادي- بأسرع ممّا نتصوّر.

الشعب السوري عانى كثيراً من الخوف. السوريّون بكلّ أطيافهم عانوا من الظلم بكلّ أشكاله، ومن شبه المؤكّد أنّ المخاوف ستزول تدريجيّاً عندما يكتشف جيران سوريا أنّ النظام الجديد لن يكون معادياً لشعبه ولا لمحيطه وجيرانه.

أمام السوريين مهامٌ كثيرةٌ ومسؤوليّاتٌ ضخمة. سيعيد السوريّون أوّلاً ترميم وبناء ذواتهم المحطّمة بفعل أكثر من خمسة عقودٍ من الطغيان والترويع، وسيكتشفون أهميّة الحرّيّة والسلام والعدالة لبناء سوريا الجديدة، بعد كلّ ما عانوه من ظلمٍ ومآسٍ.

إنّها ساعة الحريّة لكلّ من لبنان وسوريا، ساعة اليقظة واكتشاف ما سبّبته لهم أنظمة القهر والقمع والخوف والعنف والعداء للآخرين المختلفين.

إنّها ساعة الصحوة من الكوابيس والهوامات والوعود الخلاصيّة، والالتفات لإعادة إعمار ما هدمته حروب الطغاة وأطماعهم وسعيهم للاحتفاظ بسلطة الأبد.

اخترنا لك