على شيعة لبنان أن يستوعبوا سقوط الأسد… افرحوا وتصالحوا

كان النظام الحاكم في سوريا يحرص على أن يؤمن لهما الامتيازات سواء كانت في المؤسسات أو في تسهيلات الميدان وتصفية الخصوم

بقلم محمود فقيه

أقحم الثنائي الشيعي الطائفة الشيعية في صراع يخوضه نظام البعث في الداخل اللبناني. كان نظام الأسد العرّاب الأساسي لكلا الاثنين كي ينالا حصّتهما في تركيبة الدولة خاصة ما بعد 1991 ومصالحة الإخوة الخصوم.

كان النظام الحاكم في سوريا يحرص على أن يؤمن لهما الامتيازات سواء كانت في المؤسسات أو في تسهيلات الميدان وتصفية الخصوم.

وكان هذا الثنائي وكيل النظام والمشرف على تنفيذ قراراته في الداخل والذابح “بظفره”، دون أن ننسى بكل تأكيد أن هناك أفرقاء صنعهم النظام من غير الشيعة منهم من هجره ومنهم من لازمه حتى النهاية.

بعد خروج السوري من لبنان في نيسان 2005 ظل مدّعو تمثيل الطائفة الشيعية متمسكين به رغم كل موبقاته. ابتعد رئيس البرلمان نبيه بري عنه لكن لم ينفصل نهائياً، فيما شكل لـ”حزب الله” جسر عبور لإمداداته على مرّ عقود وكانت الاستفادة متبادلة.

التحالف مع السوري أتى قبل الحرب الأهلية بسبب الحاجة إلى حليف عربي داعم لهذه الأقلية لتجاوز معاناتها في الجنوب. كان السوري هذا اللاعب الأقوى على الساحة اللبنانية والسند المنيع.

الأداء السياسي والتلميع الدائم، خلق بيئة تسير بالبروباغندا وتقتنع بها وتصدّقها وتحارب لأجلها، وأدى ذلك إلى حكم مسبق نشأ في أذهان العامة من الأطراف الأخرى التي باتت ترى أن من البديهي إن كنت شيعياً أن تكون مع نظام الحكم في سوريا.

عام 2011 انخرط “حزب الله” في النزاع السوري، وقدّم شباباً من نخبته في المعركة واستطاع أن يقلب الميزان لمصلحة الأسد، لكن الموازين انقلبت حالياً.

سقط الأسد، وانهار نظام البعث القابض على قلوب السوريين بالأمن والعسكر. كانت سلطة البعث حاكمة للبنان في فترة تسلّم الرئيس الأب وتحوّل إلى عامل مؤثر بعد خروج الابن من لبنان إلى الأمس.

اليوم ارتحل الأسد عن السلطة، وأمام الشيعة فرصة كي ينخرطوا في مصالحة حقيقية في لبنان ومع الجوار، هي مصالحة مع أولي الدم الذين لا يبرّئون النظام السوري من دم ذويهم، وهي مصالحة مع عائلات المخطوفين الذين طالما أنكر مسؤولو لبنان وسوريا وجودهم في المعتقلات السورية وها هم يخرجون منها في خريف عمرهم.

لا يمكن لأحد أن يعارض تحرّر الشعوب، وإلّا فسيبقى في غياهب التاريخ. انزلوا واحتفلوا بهذا السقوط المدوّي، وافرحوا لفرح أشقاء لكم في بلد لا جار لكم سواه، هذا قرارهم وما عانوه منه ما عرفتم فظاعته.

لا تخفوا مخاوفكم من تقسيم، ولا من نظام متطرّف ولا من دولة تحكمها دول متعددة أو فئة موالية لدولة إقليمية أو غربية، لا تخفوا خشيتكم من احتلال إسرائيلي للأراضي السورية.

مخاوفكم هي مخاوف كل الشعب السوري. تصالحوا اليوم مع السوريين المعارضين قبل الموالين للأسد فكلاهما اليوم يحتفل، تصالحوا مع سنّة لبنان ومسيحييه ودروزه، البسوا الثوب اللبناني دون سواه بعدما أثبتت الحروب أنه ما من حليف يحمي مصالح الشيعة بل كل يقدّم مصالحه على دمهم. وعلى غيركم أن يبادلكم مد الأيدي بالمثل والعناق.

لننخرط في مشروع شامل وليعمل كلّ منّا في بناء لبنان جديد على ضفاف سوريا الجديدة.

اخترنا لك