بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي
على مدى سنوات، غرقت بعض القوى السياسية في لبنان في حالة من الإنكار، متجاهلة الحقائق الصارخة التي عاشها الشعب اللبناني. اختبأت خلف شعارات براقة وأيديولوجيات خاوية، لكنها لم تستطع التهرب من المسؤولية الوطنية الحقيقية التي تتطلب الشفافية والمحاسبة. اليوم، المسرحية التي استمرت لعقود بلغت فصولها الأخيرة، والشعب اللبناني ينتظر لحظة الحسم والمحاسبة.
من الإنكار إلى المواجهة
الإنكار هو ملاذ الضعفاء الذين يرفضون مواجهة الحقائق. أن يعيش فرد أو جماعة في حالة من الإنكار يعني الهروب المؤقت، لكن هذا الهروب لا يمكن أن يدوم. لبنان عانى من سياسات فاسدة وتبعية أفرغت مؤسسات الدولة من مصداقيتها. في وجه كل هذا، اعتمد البعض أسلوب التخوين والشتائم لإسكات المعارضين، معتقدين أن هذا الأسلوب يضمن لهم البقاء.
لكن التاريخ أثبت أن الشعوب لا تُقهر للأبد. الحقائق تتكشف، والظروف تنضج، وحينها تكون المحاسبة حتمية. الفساد الذي دمر الاقتصاد وأفقر اللبنانيين لن يُغفر، كما أن ارتهان البلاد لأجندات خارجية سيواجه عدالة لا هوادة فيها.
المحاسبة ليست انتقامًا
العدالة ليست أداة للانتقام، بل هي حق للشعب اللبناني الذي عانى لعقود من سياسات خاطئة وانهيارات متتالية. المحاسبة ليست ترفًا بل ضرورة لاسترداد الحقوق وبناء مؤسسات قوية على أسس سليمة. إنها وسيلة لاستعادة كرامة المواطن اللبناني وتحقيق العدالة.
لذلك، يجب أن تكون المحاسبة قائمة على الأدلة والقانون، بعيدًا عن تصفية الحسابات الشخصية أو السياسية. العدالة الحقيقية هي ما يعيد للبنان هويته، وما يضع حداً للفساد والإفلات من العقاب.
رسالة لأصحاب الخطابات التخوينية
إلى من يختبئون وراء أساليب التخوين والشتائم كوسيلة للدفاع عن ماضٍ مشين: الناس أكثر وعيًا اليوم، والخطابات الفارغة لم تعد تجدي نفعًا. الحل ليس في الإنكار أو الدفاع عن الأخطاء، بل في الاعتراف بالمسؤولية والمساهمة في إصلاح ما أفسدته السياسات السابقة.
الشعب اللبناني لن يُخدع بشعارات خاوية بعد اليوم. المرحلة القادمة تتطلب مواجهة الحقائق بشجاعة والعمل بإخلاص على إنقاذ الوطن.
العدالة قادمة
لبنان يمر بمرحلة دقيقة، لكن الحراك الشعبي، والضغط الدولي، وازدياد وعي المواطنين كلها إشارات على أن العدالة قادمة لا محالة. المحاسبة ليست خيارًا بل ضرورة لإنقاذ لبنان وإعادة بنائه على أسس سليمة.
لن يستطيع أحد الإفلات من المحاسبة. كل من ساهم في الفساد أو أضر بمصلحة الوطن سيواجه العدالة، ليس بدافع الانتقام، بل بدافع الأمل في بناء وطن جديد يعيش فيه الجميع بكرامة وأمان.
إن الشتائم والتخوين لن تُسكت صوت الحق ولن تُخفي الحقيقة. العدالة هي مطلب الشعب اللبناني، وهي السبيل الوحيد لبناء دولة تحترم كرامة مواطنيها. المرحلة المقبلة ستكون عنوانها القانون والمساءلة، وستكون بداية نهضة لبنان الحقيقية.
لن يبقى شيء مخفيًا… العدالة قادمة.