فادي أبو جمرا من مجلس الشيوخ الفرنسي : المرحلة تتطلب جهوزية لبناء دولة عادلة ولا حل غير انتخابات مبكرة
لبناء دولة لبنانية عادلة بعيداً عن الطائفية
خاص بوابة بيروت
شدد المعارض السياسي فادي أبو جمرا خلال كلمة له في مجلس الشيوخ الفرنسي، على أن لبنان يمر بمرحلة حاسمة تتطلب من جميع الأطراف تحمل مسؤولياتهم لبناء دولة عادلة وقادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
أبو جمرا لفت إلى أن لبنان يحتاج إلى قيادة سياسية جديدة تستطيع إخراج البلاد من دائرة الأزمات المستمرة، مشيرًا إلى أن النظام السوري، الذي كان يحكم لبنان لعقود قد سقط، وهذا يفتح الباب أمام فرص جديدة ولكن أيضًا تحديات خطيرة قد تهدد استقرار البلاد.
أبو جمرا اعتبر أن أفضل وسيلة لضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان هي من خلال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وهو ما سيؤدي إلى إعادة انتظام عمل المؤسسات السياسية، وفتح الباب أمام إصلاحات سياسية حقيقية. وحث على ضرورة أن يكون هناك نقاش جدي بشأن تطوير النظام الانتخابي اللبناني ليكون أكثر شفافية وديمقراطية.
وإلى جانب هذه الرؤى المحلية، طرح أبو جمرا أيضًا تساؤلات بشأن دور القوى الدولية، وتحديدًا فرنسا، في لبنان. ففي الوقت الذي تؤكد فيه فرنسا دعمها للبنان، يرى أبو جمرا أن السياسات الفرنسية، منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، ساهمت في تكريس الزعماء السياسيين الذين كانوا جزءًا من الحرب الأهلية وأدى استمرار دعمهم إلى تكريس النظام الطائفي والإقطاعي الذي حكم لبنان لعقود.
إلى جانب هذه الانتقادات، يشير أبو جمرا إلى أن الوضع اللبناني اليوم لم يختلف كثيرًا عما كان عليه بعد اتفاق الطائف، حيث تبقى الطبقة السياسية الحاكمة نفسها، التي تتحكم بمفاصل الدولة، بينما غالبية الشعب اللبناني عانت من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي فاقمتها النخبة السياسية. في هذا السياق، أكد أبو جمرا أن الشعب اللبناني، الذي يعاني منذ عقود، بحاجة إلى تغيير حقيقي يضمن تكريس دولة القانون والمؤسسات، بعيدًا عن النظم الطائفية والإقطاعية التي تتسبب في استمرار الأزمات.
أما عن كيفية تحقيق هذا التغيير، فقد طرح أبو جمرا سؤالًا مهمًا خلال كلمته في مجلس الشيوخ الفرنسي: ما هي الأدوات التي يمكن لفرنسا والمجتمع الدولي تفعيلها لضمان أن تشجع القوى الخارجية، وخاصة فرنسا، قيادة لبنانية جديدة تهدف إلى إقامة نظام سياسي قائم على الكفاءة والعدالة؟ وفي هذا السياق، طالب فرنسا بأن تكون أكثر تأثيرًا في الضغط على القوى السياسية اللبنانية لتغيير النظام الحالي، وأن تساهم في دعم القوى السياسية التي تنادي بتغيير حقيقي بعيدًا عن الحسابات الطائفية والحزبية.
أبو جمرا دعا أيضًا إلى أهمية أن تراجع فرنسا سياستها في لبنان، معتبرًا أن دعمها المستمر للنظام الطائفي والإقطاعي أضعف الإرادة الشعبية وأدى إلى ترسيخ واقع سياسي يعاني منه الشعب اللبناني. ودعا إلى ضرورة أن يكون هناك تفكير استراتيجي جديد يعتمد على دعم بناء دولة مدنية حديثة قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين وتطبيق العدالة.
ختامًا، أكد أبو جمرا أن لبنان يعيش في مرحلة مفصلية، حيث يمكن أن تكون هذه الفرصة الأخيرة لبناء دولة حقيقية وقوية، تعتمد على الكفاءة والنزاهة بعيدًا عن الانقسامات الطائفية، وهو ما يتطلب دعمًا داخليًا ودوليًا يتجاوز الحسابات السياسية الضيقة.