نيكيتا وبشار الوحش

بقلم د. علي خليفة

يُقال إن نيكيتا خروتشيف، بعد تقلّده السلطة على أثر وفاة ستالين، لا ينتقل الحكم مع اليساريين والقوميين والبعثيين والإسلاميين ومن شاكلهم إلا عبر تدخل ملك الموت، اعتلى منصة المؤتمر العام للحزب الشيوعي وراح يكيل النقد اللاذع للحقبة السابقة ورموزها وممارساتها. وبعد انتهائه من كلمته، وفتح الباب أمام الرفاق لتوجيه الأسئلة، وصلته قصاصة ورق مكتوب عليها: لماذا لم نسمعك خلال حكم ستالين يا رفيق نيكيتا تقول ما قلته للتو؟ انفعل الأمين العام الجديد واستشاط غضباً ووقف بعنف وصاح بأعلى صوته: من الذي طرح هذا السؤال؟ وكرَّر السؤال بحدَّة! ولكن ساد صمتٌ رهيب في القاعة الكبرى ولم ينبس أحد ببنت شفة. فانفرجت أسارير الرئيس وأردف بهدوء مخاطباً الرفاق الحاضرين بعدما أرعبهم: أرأيتم جميعاً لماذا لم تسمعوا أحداً يقول شيئًا من قبل؟

حافظ الأسد – أو الوحش بحسب ما يتوارد عن كنيته الأصلية، هو من فصيلة الوحوش التي ينتمي إليها ستالين وغيره. طبعاً بشار لم يكن مثل نيكيتا، لا بداهةً ولا نباهةً.

ابن الوحش هذا، شبلٌ هجين ولم يخرج كثيراً على تركة أبيه السيئ الذكر. أبقى المعتقلات والمظالم. قصف شعبه بالبراميل المتفجرة التي لأجل تأمين خطوط إمدادها خزّن مرتزقة “حزب الله” في مرفأ بيروت أطناناً من نيترات الأمونيوم ما لبثت أن انفجرت ودمّرت جزءاً كبيراً من العاصمة.

من كان يخال نفسه أسداً، إبناً عن أب، ظلّ ينظر إلى البلاد كما لو كانت غابة. فيجذب إلى رقعة نفوذه وسطوته من يرتضون لأنفسهم أن يكونوا كالحيوانات. ثمة منهم الضبع الذي يقتات على الجثث ويبني كل مشروعه السياسي على الغلّ. والثعلب الذي يتذاكى فيوهم الناس ويخدّرهم بتعابير فنّ الممكن والواقعية. والذئب الذي يفترس أو يرعوي ليمثّل دور الضحية غب الطلب. والأفاعي والقرود التي استحضرها جنبلاط الإبن ذات ثورة من أجل هجاء طاغية الشام الذي شبّه له أنه أسد.

السياسيون، في سوريا الأسد البائدة وفي لبنان زمن الاحتلال والنفوذ كانوا إجمالاً من هذا القبيل. سقوط الأسد يستدعي سقوطهم معه، أخلاقيا وسياسيًّا، من رؤساء ونواب ووزراء، سابقين وحاليين، تودّدوا وتقرّبوا للوحش وأهدوه صكوك أرواحهم وأبناء جلدتهم وترابهم بدلاً من مواجهته حتى عقر جحره. ما خلا البعض القليل الذي واجه الطاغية بالصدور العارية ولم يتزحزح ولم يتنازل ولم يضعف ولم يألف ولم يأتلف ولم يؤثر التسليم بقول نيكيتا خروتشيف من أجل تبرير الخيانة والوضاعة والارتزاق.

اخترنا لك