وطن على أنقاض الوهم : شهادة للأجيال القادمة

بقلم بلال مهدي

تمر الأيام، وتستعر الجبهات، ونحن ما زلنا أسرى خديعة المحور، الذي زُيّن لنا أنه المنقذ من براثن الشيطان. سنوات طويلة عاشها أجدادنا على وعد الخلاص، إلى أن أُحرقت الأرض تحت أقدامنا، وانهارت سقوف أحلامنا على رؤوس أطفالنا. ورغم ذلك، ما زلنا ندور في دوامة الغفلة، نصغي إلى الأكاذيب ذاتها، ونعيد الخطايا نفسها.

ذاك الشيطان المزعوم، المنشغل بحروب لا طاقة لنا بها ولا مصلحة لنا فيها، لم يلتفت إلينا يوماً. لا قريباً ولا بعيداً منه سالت دماؤنا، إلا بأيدٍ مدفوعة من بني صهيون، بينما الفرس – شركاؤه في اللعبة – شدوا أيديهم عليه، وأبرموا الصفقات فوق أشلاءنا، ثم مضوا غير آبهين بمصيرنا.

أما أمريكا، ذلك “الشيطان الأكبر” في رواياتهم، فهل تذكرت لبنان حقاً؟ هل سمعت أنين أمهاتنا ورأت بؤس أطفالنا؟ أم أنها غارقة في صياغة مشهدها الكبير لشرق أوسط جديد، حيث ذهب النفط أثمن من دماء الشعوب؟

خُدعنا بكذبة الحصار، بينما نحن من حاصرنا أنفسنا بأنفسنا. أوهمونا بأننا أقوى من جيوش الأرض، وأن أسلحتنا لا تُشهر إلا بأمر الأوصياء. لكن عند أول امتحان، انكشفت الحقيقة، وسقطت الأقنعة، وباتت رقابنا مطأطئة تحت وطأة الوهم الذي صدقناه.

يا ولدي، هذه كلماتي أكتبها لك اليوم شهادةً على زمن أخطأنا فيه الطريق. كانت خطايانا أننا آمنا بمن زيفوا الحقائق، وسلّمنا رقابنا لمن استباحوا عقولنا. أضع بين يديك هذه السطور لا لتُورثك اليأس، بل لتكون لك مرآةً ترى فيها ما كان، حتى تبني على أنقاضه وطناً جديداً.

لا تجعل الماضي قيوداً لخطاك، بل اجعله دافعاً نحو التغيير. لبنان يستحق مستقبلاً تُشرق فيه الكرامة على كل شبر من أرضه، وأنت، يا ولدي، شعاع ذلك الفجر المنتظر.

اخترنا لك