بقلم بلال مهدي
سؤال محوري يتعلق بما أثير في ظهور “جوكر المحور” بالأمس، “وفيق صفا”، الذي يطرح تساؤلات عميقة حول المسؤولية السياسية والقرارات التي تؤثر بشكل مباشر على مصير دولة بأكملها.
من المؤكد أن مسؤولية إشعال “حروب الإسناد” لا تعود إلى شخص واحد فقط كما فعل “الخامنئي” في لبنان. بل هي نتيجة تداخل عوامل عدة، أبرزها القرارات السياسية الخاطئة لـ”حزب إيران” في لبنان، إضافة إلى التحولات الإقليمية وتأثيرات القوى الكبرى، فضلاً عن الخلل في توازن القوى داخل لبنان “المخطوف”.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد خطاب “الصحاف”: كيف لرئيس جمهورية أن يشعل حربًا؟
رئيس الجمهورية في لبنان، وفقًا للدستور، هو رأس الدولة وله صلاحيات كبيرة في توجيه السياسة العامة للبلاد. لكن إشعال حرب يتطلب قرارات استراتيجية، تشمل تشكيل تحالفات قوية وقرار يصدر عن الدولة بإجماع مكوناتها. كما أن إشعال الحرب لا يتوقف عند التصريحات بل يحتاج إلى تجهيز تام لوحدات الجيش اللبناني وإعداده للقتال المتقدم قبل اتخاذ أي مناوشات عسكرية. إذا كانت الحرب غير مدروسة كما هو الحال في الجنوب اللبناني، فإن تهديد الأمن الوطني والإقليمي يصبح أمرًا واقعًا.
من المسؤول عن إشعال الحرب القائمة ؟
الحرب التي يشهدها لبنان اليوم، أو التي قد تندلع في المستقبل، ليست نتيجة فعل فردي بل هي حصيلة سنوات من السياسات الفاشلة والتخبطات الداخلية والخارجية. الحروب في لبنان غالبًا ما كانت نتاج صراعات إقليمية وتدخلات القوى الكبرى، بالإضافة إلى العوامل الداخلية المتمثلة في قرارات الهيمنة والإلغاء الخاطئة. ولا شك أن هذا التورط المستمر من قبل القوى المسلحة الخاضعة لمحور “الخامنئي” أسهم بشكل كبير في إشعال هذه الحروب.
ولا ننسى السؤال عن المسؤول عن التدمير الذي لحق بلبنان منذ اتفاق الطائف ؟ الإتفاق، الذي جاء بعد “حرب الآخرين” على الأراض اللبنانية، كان يهدف إلى إرساء السلام وإعادة بناء الدولة اللبنانية. لكن مع مرور الوقت، فشلت الطبقات السياسية في تطبيقه بشكل فعّال، واستمرت عصابات الحرب بفسادها. كما ساهمت القوى الإقليمية والمحلية في تحويل لبنان إلى ساحة صراع دائم، دون إعطاء الأولوية لبناء دولة حقيقية وقوية. ومن ثم، تتحمل الطبقات الحاكمة منذ اتفاق الطائف مسؤولية كبيرة في تدهور الوضع السياسي والاقتصادي، الذي أدى إلى تدمير مؤسسات الدولة وهدر نفطها وتهجير أبنائها.
لبنان اليوم مازال في دوامة من التدمير نتيجة سياسات قادتها ميليشيات المحور، والتي كانت محكومة بقرارات غير حكيمة على مختلف الأصعدة، بدءًا من التورط في الصراعات الإقليمية وصولًا إلى العجز في بناء مؤسسات الدولة القادرة.
واليوم، بعد السقوط في حفرة الدمار والإفلاس، يطل علينا “أيتام المحور” بخطاب “الجنون”، بعدما وقعوا على “اتفاق العار” ثم انقلبوا عليه بعد أن أثبتت الأرض أن خسارتهم واقعة لا محال. لن يكون هناك خلاص للبنان إلا بإعادة القرار إلى مؤسسات الدولة، وإعلان استقلال الجمهورية عن محور الشر.