وداعًا جورج روكز.. العدالة آتية !

بقلم د. ميشال الشمّاعي

مرّة جديدة يضرب السلاح غير الشرعي ضربة ليؤكّد للمرّة ما بعد المليار بأنّ زمن الدّويلة والتفلّت والتسيّب لم يجلب إلى النّاس سوى المآسي والدّمار والخراب والحروب والقتل والتّهجير. جريمة قتل المواطن جورج لويس روكز في مكان عمله وبدم باردٍ ليست إلا استمرارًا لهذه الثقافة. فإلى متى سيدفع الأحرار أثمان تفلّت العبيد؟

نعم إنّ قاتل جورج روكز هو عبد لغريزة القتل التي تأصّلت في فكره نتيجة الشعور الإستكباري والإستعلائي الذي أكسبته إيّاه البيئة المتحصّنة بسلاحها غير الشّرعي. هذه البيئة التي لا زالت حتّى الساعة ترفض الدّولة، في حين أنّ أبرز قادتها الرّوحيّين أمثال الشيخ علي الخطيب بات هو نفسه يطالب بالدّولة. ولعلّ في هذه المطالبة صحوة وطنيّة حقيقيّة يجب الاستثمار في تعزيزها، لتحرير عبيد السلاح غير الشّرعي.

لا يمكن بعد اليوم الاستمرار بعيش مشترك مع روّاد هذه الثقافة. لا يمكن مشاركة هؤلاء بالذات بشعور وطنيّ مشترَك. لا يمكن بعد اليوم القبول بألا ينال هؤلاء عاقبة أفعالهم الجرميّة. لكنّ هذا لا يعني أنّ مبدأ التعميم يجوز. فالشرّ لا هويّة دينيّة أو طائفيّة أو مذهبيّة أو مناطقيّة أو وطنيّة له، بل هو موجود أينما كان. وواجب اقتلاعه من قلب البيوتات الحضاريّة هو واجب إنسانيّ وأخلاقيّ.

لذلك كلّه، البيئة التي يعشعش فيها الشرّ، ويتغلغل فيها التفلّت الأمني والتسيّب الاجتماعي، هي نفسها مدعوّة لأن تتحرّر من قلب بيتها الدّاخلي. ولا يمكن لأحد أن يقوم بهذا الواجب الإنساني عن هذه البيئة المنتشية دومًا بالنّصر على دماء أبنائها ودموع أمّهاتها. ولنا ملء الثقة بأنّ الخير سيغلب الشرّ في نهاية المطاف. ولن يستطيع الشرّ الاستمرار إلى ما لا نهاية. ودماء جورج وهاشم السلمان ولقمان سليم وباسكال سليمان والياس الحصروني ورولان المر وغيرهم كثر من أبناء ثالوث الحرّيّة والإخاء والسلام لن تذهب سدى، بل ستزهر وطنًا يليق بشهادتهم هذه.

لكن ما يطمئن في جريمة المغدور جورج روكز أنّ الدّولة اللبنانيّة سرعان ما أبطلت قدرة الدّويلة على إخفاء جرائم بنيها. فألقت القبض على القاتل وكشفت هويّته وهي تعمل لكشف دوافع جريمته النّكراء هذه.

منسّق “القوّات اللبنانيّة” في منطقة صيدا ـ الزهراني عماد روكز، وهو ابن عم المغدور، طالب الدّولة بإنزال أشدّ العقوبات بحقّ قاتل ابن عمّه جورج، متمنيًا إعادة تعليق المشانق ليكون القاتل علي حسن عون عبرة لمن اعتبر.

ولم يستبعد روكز في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروتي، احتمال وجود دوافع غير السرقة، كون ابن عمّه جورج كان من أبرز النشطاء السياسيّين في حزب القوّات اللبنانيّة؛ بغضّ النّظر عن كونه في المرحلة الأخيرة قد انصرف لإدارة أعماله وللاهتمام بشؤون عائلته. لكنّ منسّق القوّات إيمانًا منه بثقافة الدّولة والمؤسّسات أكّد هو والعائلة أنّهم سيحتكمون إلى النتائج التي سيظهرها التّحقيق مع الجاني، كما أبدى عماد روكز ثقته المطلقة بالدوّلة اللبنانيّة وبالقضاء اللبناني، معتبرًا أنّ عدالة الأرض ستتحقّق في العهد الجديد.

وشكر روكز الأجهزة الأمنيّة لحسن أدائها ولسرعة تجاوبها مع مناشدات العائلة، طالبًا طلب من كلّ رفاق جورج عدم اتّخاذ أيّ موقف عدائيّ تجاه أيّ شخص ينتمي إلى المكوّن الحضاري الذي ينتمي إليه الجاني، لأنّنا “أبناء وطن واحد وجنوب واحد وعائلة واحدة، ولا بدّ لنا أن نعيش بعضنا مع بعض في دولة سيّدة حرّة ومستقلّة، لا يحكمها سوى القانون ويسودها العدل والسلام والطمأنينة.”

ودعا رفاق جورج لمواكبة العائلة بالصلاة لراحة نفس فقيد العائلة، وإذ كرر مطالبته الدّولة اللبنانيّة ككلّ ولاسيّما فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزيف عون، باتّخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار هكذا حوادث، أكد أنّه لا بدّ للعدالة أن تأخذ مجراها، ولا بدّ أن يصحّ الصحيح في العهد الصحيح.

اخترنا لك