هل يغرق التشكيل الحكومي في وحول السياسات التحاصصية القديمة ؟

بقلم د. فؤاد سلامة

بعد أيام على تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح وإعادة إعمار، بدأ ينفذ صبر المتأملين خيراً بوصول الثنائي الوطني والإصلاحي عون – سلام الى أعلى مواقع السلطة التنفيذية.

يقول البعض يبدو أن تشكيل الحكومة عاد يدور في مربعات ودوامة المطالب التعطيلية والتحاصصية لما يُسمى ب”الثنائي الشيعي” وحلفائه.

لا بد من تسجيل الملاحظات التالية :

١- عودة نغمة حكومات الوحدة الوطنية مع ما تعنيه تلك الحكومات من مشاركة الموالاة والمعارضة في نفس الحكومة. كان يفترض بقاء الذين لم يصوتوا للرئيس المكلف نواف سلام على مقاعد المعارضة خاصة وأنهم يتحملون نتيجة اتخاذهم لقرار الحرب المدمرة الأخيرة نيابة عن الأمة والشعب، وبالتالي كان عليهم أن يتحملوا سياسياً نتيجة استئثارهم بالسلطة وجرهم البلاد إلى ما وصلت إليه من دمار وإزهاق لأرواح بريئة، وأن يبقوا خارج حكومة الإنقاذ والإصلاح المزمع تشكيلها من قبل القاضي نواف سلام، لأن عملية الإنقاذ هدفها إعادة بناء ما خرّبه وعطّله الثنائي المذهبي وحلفاؤه المعروفون.

٢- عدم المشاركة بالتصويت للرئيس المكلف وعدم المشاركة في استشارات الكتل النيابية التي تعقب تعيين الرئيس المكلف كان يؤشر لرفض الثنائي المذهبي لرسو المعادلات على حكومة لا تنتمي لخطهم السياسي ولا لتاريخهم الموغل في الفشل وتعطيل الدولة والمؤسسات. كل ذلك كان من المفترض أن يضعهم على مقاعد المعارضة بانتظار فرصة سانحة يعودون فيها للسلطة في حال فشل الحكومة التي هي في طريق التشكيل.

٣- الغرق في أسلوب الابتزاز لحصر التمثيل الطائفي بالتابعين والفاسدين، وهو أسلوب يتقنه الثنائي الشيعي وكانت نتيجته في الماضي اقتصار التمثيل المذهبي فقط على أزلامهم من الوزراء الدمى و/أو الفاسدين، وفرض معادلات حكومية تعطيلية مثل الثلث المعطل ومقعد وزارة المالية، بذريعة التوقيع الثالث، هذا التوقيع المعطّل لكل قرارات الحكومة التي لا يرضى عنها الثنائي، وكانت نتيجته، في السنوات الأخيرة التي أعقبت الانهيار المالي الكبير، تعطيل الإصلاح المالي والمصرفي والقضائي المطلوب بشدة.

بالخلاصة، الموجة التي أطلقها العهد الجديد من التفاؤل والأمل بدأ يخشى بعض المراقبين أن تخفت قوة دفعها، مع ما يتم تسريبه عن احتمال عودة الثنائي الشيعي للهيمنة على حصة حكومية وازنة والهدف معروف سلفاً وهو ممارسة سياسة تعطيل قرارات الحكومة الإنقاذية وعرقلة مسار الإصلاح المالي والقضائي الموعود والذي يرى فيه اللبنانيون خلاصهم من السياسات القديمة التي أدت للانهيار الاقتصادي والمالي الكبير وجرت البلاد لحروب دورية.

اذا كان لا بد من نوع من حكومات الوحدة الوطنية بعد الحرب المدمرة التي تسببت بها آلة الحرب الإيرانية عبر الفصيل التابع لها في لبنان، فإن المأمول والحكيم هو أن تكون ميني حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها قوى الفساد والمحاصصة بنسبة ضئيلة لا تسمح لها بالتعطيل وضرب مصداقية العهد الجديد الذي يأمل معظم اللبنانيين أن يكون عهداً لبدء مسيرة الإنقاذ والإصلاح التي طال انتظارها من المحكومين.

اخترنا لك