بقلم خلود الوتار قاسم
من المدهش أن نرى العِقَد التي تُحيط بوجود المرأة في مواقع القيادة، في حين أن التاريخ أثبت مراراً وتكراراً فشل النُظم الذكورية في مواجهة الأزمات وإيجاد حلول حقيقية لها. هذه ليست هجوماً على الرجال، بل دعوة لفتح المجال أمام النساء القادرات لعلّ لديهن مفتاح الخلاص مما نحن فيه.
لكن للأسف، عندما تخطو امرأة بخطوات ثابتة نحو مواقع القرار، تتحوّل بعض النفوس إلى منابر للهجوم على جمالها وشكلها وطريقة لبسها، وكأن الكفاءة تُقاس بالمظهر الخارجي. الأسوأ من ذلك هو استخدام حياتها الشخصية كسلاح لعرقلة تقدمها، معتمدين على بث الشائعات التي تهدف إلى زعزعة مكانتها وضرب عزيمتها، مما يُضيّع على الوطن فرصة استثمار طاقاتها.
علينا أن نُدرك أن كل امرأة تدخل معترك الشأن العام تُدرك تماماً حجم المخاطر التي تنتظرها. هي لا تُفاجأ بالشائعات ولا تُربكها محاولات التشويه، لأنها دخلت هذا المجال بوعي وإصرار، ولديها عائلة تُساندها وتُواجه معها. لذا، كفانا استخفافاً بقدرات النساء، وكفانا هروباً من حقيقة أن لبنان بحاجة إلى طاقاتهن في هذه اللحظة المفصلية من تاريخه.
لا يمكننا أن نُنكر أن لو تجرأنا وفتحنا ملفات الحياة الشخصية لبعض الرجال الذين شغلوا مواقع القيادة، لكانت الفضائح جُرصة وأكبر من أن تُغطى. ومع ذلك، لا أحد يُحاسبهم، لأن التقاليد تغض الطرف عن أخطائهم، بينما تُضاعف الضغط على النساء لتُجبرهن على التراجع.
لنُغيّر هذه الثقافة المريضة. فلنُركّز على الإنجازات لا على المظاهر، ولنحاسب الجميع – رجالاً ونساءً – على أخطائهم أو تقصيرهم في خدمة الوطن، بدلاً من استخدام حياتهم الشخصية كسلاح لتشويههم.
لبنان اليوم يمرّ بأزمة غير مسبوقة، لكنه أيضاً أمام فرصة نادرة للنهضة بدولة المؤسسات. فلنضع الكفاءة فوق كل اعتبار، ولنُفسح المجال أمام كل شخص قادر – سواء كان رجلاً أم امرأة – ليأخذ دوره في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
هذه دعوتي لكل مواطن ومواطنة: كفانا سطحية، وكفانا تضييعاً للفرص. لننظر بجدية إلى أزماتنا ولنستثمر في كل طاقة قد تُحدث الفرق. كلنا مسؤولون عن هذا الوطن.