“كلنا إرادة”… مسارٌ وطنيٌّ صنعته إرادةُ الشعبِ من قلب الثورة

بقلم كوثر شيا

لم نكن كثوّار مجرد صرخةٍ عابرة، بل مشروعًا وطنيًا رصينًا يُعيد الاعتبارَ للكفاءةِ والنزاهة. انبثقت “كلنا إرادة” من رحم الثورة، كجزءٍ من مسار التغيير، وعملت بصمت، بعيدًا عن الاستعراضات، بحثًا عن الخبرات الفائقة القادرة على انتشال لبنان من جحيم الأزمات.

لم تسمِّ وزراء، ولم تفرض أسماء، بل سعت إلى تقديم رؤيةٍ انتخابيةٍ واضحةٍ في وقتٍ قياسيٍّ، فجمعت نخبةَ الكفاءاتِ من داخل لبنان وخارجه، بعيدًا عن المحسوبياتِ والانتماءاتِ الضيقة. قدمنا سِيَرًا ذاتيةً حينها، وتعرّفنا على أشخاصٍ مؤهَّلين، واليوم تمكّنا من تسليط الضوء على خبراتهم. هذه الأسماء الموثَّقة قُدّمت للقاضي نواف سلام، ليس لفرضِ خيارات، بل لإعلاءِ مبدأ “الأصلحِ للأوطان”.

ما سمعناه بالأمس في برنامج “صار الوقت” كان كلامًا مستفزًا وواضحًا عن “كلنا إرادة”… “كلنا إرادة” لم تُوالف أو تساوم، بل استطاعت أن تصل إلى أشخاصٍ يمتلكون كل الكفاءة والخبرة، فباتت كل الأسماء الحزبية عاجزة أمام خبراتهم. هذا ما يخيفهم، وهذا هو سلاحنا: العلم والعمل.

لكن التحدي الأكبر يكمن في إصرار البعض على تكرارِ التجربةِ الفاشلة: التمسُّك بوجوهٍ أثبتت فشلها، وترهّلها، وتورّطها في الأزمات. كيف ننتظرُ الحلَّ ممن كانوا سببَ الأزمة؟ كيف نثقُ بمن حوّلوا الوطنَ إلى ساحةٍ للمصالح؟

الحل ليس مستحيلًا. نماذجُ مثل رئيسنا جوزاف عون والقاضي نواف سلام تثبت أن الكفاءةَ والنزاهةَ ليستا شعارًا، بل منهجًا. لذا، يجب أن تُبنى الحكومةُ على أسسٍ واضحة: خبرةٌ تُدارك الأزمات، نزاهةٌ تُعيد الثقة، ورؤيةٌ تُحيي الأمل.

أيها اللبنانيون، “الشعبُ مصدرُ السلطات”، كما يقول الدستور، فلنمارسْ هذه السلطةَ بحكمة. لنُوحِّدْ صوتَنا خلفَ من يُجسِّدون قيمَ التغيير، لا خلفَ من يبيعون الوهم. الحكومةُ ليست مناصبَ، بل مسؤوليةٌ مصيريةٌ، ولن تُبنى إلا باختيارِ الأكفأ، لا الأقرب.

كونوا صوت الناس على كل وسائل التواصل، واجعلوا الأحزاب تدرك أن لا أحد يثق بها بعد اليوم.

About The Author

اخترنا لك