الفرق بين وزارة الأمس واليوم !؟

بقلم كوثر شيا

في زمن تشتد فيه الحاجة إلى إصلاح حقيقي، يقف لبنان عند مفترق طرق؛ إما أن نستمر على نهج المحاصصة والولاءات الضيقة التي أدت إلى شلل العمل الحكومي، أو أن نتجه نحو نموذج جديد يبني وطنًا يستحقه الشعب. مشروع الرئيس نواف سلام يسعى إلى خلق توازن حقيقي بين الوزارات، بعيدًا عن الانقسامات التقليدية التي أرهقت مسيرة لبنان.

نهج جديد للحكومة الإنقاذية

يجب أن يكون العمل الحكومي الجديد مبنيًا على رؤية استراتيجية واضحة، لا تُعتمد على مجرد توزيع أسماء أو وزارات وفقًا للمصالح الشخصية أو الحزبية، بل على الكفاءة والالتزام بمصلحة الوطن. الوزارات ليست مجرد أجهزة إدارية، بل هي منصات لتحقيق التغيير الحقيقي؛ فكل وزارة تحمل في طياتها مسؤولية إنمائية يجب أن تُترجم إلى مشاريع ملموسة تخدم المواطن.

على سبيل المثال، وزارة التخطيط تُعد القلب النابض للتنسيق بين مختلف الوزارات؛ فهي التي تربط بين المشروعات النمائية وتوجه الاستثمارات لتكون في خدمة مصلحة لبنان الشاملة. فبدون تنسيق حقيقي، تصبح كل وزارة منفصلة عن الأخرى، وكأنها فاتحة على حسابها الخاص، مما يؤدي إلى إفلاس الفكرة الوطنية ويزيد من معاناة الشعب.

المحاسبة والشفافية : الركائز الأساسية للعمل الوزاري

المادة 12 من الدستور اللبناني تؤكد أن لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة على أساس الكفاءة، مما يستدعي اختيار وزراء يتجاوزون مجرد أسماء وتواريخ؛ يجب أن يكونوا فاعلين، قادرين على تنفيذ خطط إنقاذية حقيقية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من سيحاسب هؤلاء الوزراء؟

المحاسبة يجب أن تكون شاملة، تبدأ من البرلمان الذي يراقب الأداء، ويمتد إلى المجتمع المدني والإعلام الذي يضمن الشفافية. كما يجب أن يكون القضاء المستقل هو الحامي الأخير للقانون، بحيث لا يبقى أي وزير مرتكبًا للمخالفات دون مواجهة حسابية.

تحدي المحاصصة : أسماء قد لا تكون كفيلة بمصاحبة التغيير

إن الأسماء المرشحة للوزارات قد تكون مجرد واجهة لتحقيق خطوة إصلاحية مهمة، لكن نجاح هذه الخطوة لا يعتمد على الاسم وحده، بل على تنفيذ خطة شاملة تضمن أن كل وزير يعمل بروح الفريق الواحد دون تحيز. المحاصصة وفق الولاءات التقليدية تبني نظامًا يفشل في خدمة الوطن، إذ تصبح الوزارات أدوات لصالح الأطراف الضيقة بدلاً من أن تكون وسائل لإنقاذ الوطن.

إن لبنان بحاجة إلى حكومة إنقاذية تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، حكومة تعمل وفق آليات رقابية صارمة وخطط تنموية متكاملة. وزارة الإنقاذ لا تكون ناجحة إذا كانت كل وزارة تعمل بمعزل عن الأخرى؛ فالنهج الجديد يتطلب تنسيقًا مستمرًا وتواصلًا دائمًا بين المشاريع التنموية والوزارات والمؤسسات الحكومية.

هل نحن على أعتاب مشروع الشرق الأوسط الجديد؟

في خضم التحولات الإقليمية، يأتي مشروع الشرق الأوسط الجديد كدعوة لإعادة رسم خارطة التغيير، بما يتطلب من لبنان تبني منهج جديد يتخطى الأطر القديمة التي بنت سلطة “فرق تسد” بالولاءات والشد العصبي. إن إدخال لبنان في هذا المشروع يتطلب حكومة قادرة على تحقيق الانسجام بين الوزارات وتطبيق القوانين دون تدخلات حزبية، تعمل على إنقاذ الوطن من دوامة الفساد واللامبالاة.

بناء وطن من خلال العمل الجاد والتكامل الحقيقي

إن الفرق بين وزارة الأمس واليوم يكمن في القدرة على العمل الجماعي والتخلي عن المحاصصة القديمة. لا بد أن تكون كل وزارة منصّة للتنمية والتقدم، يحكمها وزير مسؤول يُحاسب على أدائه، ولا يكون مجرد اسم على قائمة. حان الوقت لأن نبني وطنًا جديدًا قائمًا على الشفافية، الكفاءة، والتكامل بين جميع مؤسساته، بعيدًا عن أساليب الخدمات الفاشلة والمحاصصة التي أدت إلى انهيار الدولة.

إن مشروع الحكومة الإنقاذية للرئيس نواف سلام يمثل فرصة لإحداث تغيير حقيقي؛ فرصة لا تعتمد على توزيع الأسماء، بل على تنفيذ خطة واضحة تضمن لكل وزير أن يكون جزءًا من رؤية وطنية واحدة، تتجاوز الانقسامات التقليدية وتضع لبنان على مسار جديد نحو الازدهار.

اخترنا لك