نواف سلام : لا دامت لغيرك ولكنها آلت إليك

بقلم د.علي خليفة

وضع نواف سلام لتأليف حكومته معايير على طريقة لا دامت لغيرك ولكنّها آلت إليك. والأدهى أن نقاش هذه المعايير يؤول بسرعة إلى رفضها والانقلاب عليها. فما معنى مثلاً رفض الحزبيين والاستيعاض عنهم بمستقلّين يأتمرون مباشرةً من رأس الحزب ويكاد لا ينقصهم ليكونوا حزبيين سوى بطاقة الانتساب؟ بل تسمّيهم الأحزاب نفسها…

ونواف سلام الذي أنكر أن يكون صندوق بريد يتلقّى فيه أسماء الودائع، أتُراه قبِل أن يكون ساعي بريد يأخذ الأسماء ذهاباً وإياباً إلى أن تستقرّ على حقيبة؟ وعدم الجمع بين النيابة والوزارة مبدأ ضروري من الناحية الدستورية في سبيل فصل السلطات، ولكنه غير كافٍ من أجل تأمين أداء هذه السلطات مهامها؛ فإذا كانت الكتل النيابية ممثلة بالحكومة، لا النواب كأفراد، تصبح الحكومة صورةً مصغّرة عن مجلس النواب وتنتفي بذلك مهام المساءلة والمراقبة والمحاسبة إجمالاً أو تتعطّل بشكل كبير.

نواف سلام الآتي بمهمة دولية قد تكون الفرصة الأخيرة السانحة للبنان للخروج من نكبته، يعمل لغاية الآن كما يعمل نجيب ميقاتي مع فارق متر طول. الأدوات القديمة هي هي: لائحة معايير كأنها مقادير طبخة البحص نفسها. حكومة فيها الذين يعملون والذين لا يعملون، مع بقاء ملائكة “حركة أمل” في وزارة المالية.

بالمقابل، كان مطلوباً من نواف سلام عملٌ آخر بما أنه رجل قانون دولي.

كان عليه من اليوم الأول تقديم صورة عن الحكومة كفريق عمل، لا كقالب حلوى. فيها الحزبيون وغير الحزبيين وفق المقتضى. فتكون التربية والأشغال والطاقة مثلاً بيد اختصاصيين مستقلّين مشهود لهم بخبراتهم في مجالاتهم وقصص نجاحاتهم فيها، وتكون الخارجية والداخلية مثلاً بيد حزبيين أو فاعلين في المجتمع المدني يعكسون توجّهات خطاب القسم.

ولا يتساوى الحزبيون في أحزاب “القوات” و “الكتائب” و “الحوار” الذين ولاؤهم للبنان مع الحزبيين في “حزب الله” الذين ولاؤهم السياسي لقائد الثورة الإسلامية في إيران. وينتقل الثنائي الشيعي إلى المعارضة كنتيجة لعدم تسميته رئيس الحكومة وعدم مشاركته في الاستشارات، ونظراً لأن خيارات الثنائي الشيعي سقطت كمشروع سياسي أودى بلبنان إلى النكبة. وتتقدّم هذه الحكومة من مجلس النواب لنيل الثقة بوصفها فريق عمل متجانساً لأداء مهمة يعكسها البيان الوزاري. فيمنحها النواب ثقة مضمونة بناءً على تنفيذ المهمة.

قاضي لاهاي لا أخالك تجهل ما كنت قادراً على فعله كي لا تكون بعد نيف وعام مجرّد رئيس من نادي رؤساء الحكومات السابقين…

اخترنا لك