بقلم ميراز الجندي
في خطوة هامة تمثل نقطة تحول في المشهد السياسي اللبناني، لا بد من أن أبارك للبنانيين تشكيل الحكومة الجديدة بعد فراغ رئاسي طويل، ومع انتخاب رئيس للجمهورية العماد جوزاف عون في هذه المرحلة الصعبة، بعد قسمه الذي فجر التفاؤل في نفوس المواطنين. ومع تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، نكون أمام نقطة فارقة في تاريخ لبنان الحديث.
ومع إنبلاج فجر هذه الحكومة، أصبح الوقت مناسبًا للانطلاق في العمل الجاد لإحداث التغيير المنشود الذي طال انتظاره من الشعب اللبناني.
لطالما سيطرت على اللبنانيين دوامة التحكم والتسلط من قبل قوى سياسية مافياوية وميليشيوية كانت تجني ثمار السلطة على حساب مصلحة الوطن والشعب !
ومن هنا، أصبح التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة هو كسر هذه الدائرة والنمطية المستمرة، والعمل على محاكمة الفاسدين والمقصرين الذين تسببوا في إهدار أموال الشعب، وبناء دولة مؤسساتية خالية من الفساد والمحسوبية.
من الجيد أن نرى من يعارض تشكيل الحكومة الجديدة أو لا يراها الخيار الأمثل، ولكن ما يُعد خطوة إيجابية هو أن هؤلاء المعترضين والممتعضين يتجهون نحو المعارضة البناءة.
المعارضة التي يجب أن تكون جزءًا من النظام الديمقراطي، وفي إطارها يتم التفاعل مع السلطة بشكل سليم، مع السعي الدؤوب لتحقيق التغيير السياسي والاجتماعي الذي نحن في أمس الحاجة إليه.لكن المعارضة لا يمكن أن تكون مجرد صرخات في وجه السلطة أو محاولات لإعاقة التقدم..
يجب أن تكون معارضة فاعلة وبناءة، تهدف إلى تلبية تطلعات الشعب اللبناني، والعمل جنبًا إلى جنب مع السلطة في مسار البناء والتغيير.
الانتخابات النيابية القادمة ستكون فرصة حاسمة للمواطنين اللبنانيين للتعبير عن رأيهم بشكل هادئ ومسؤول. ستكون لحظة فارقة في تحديد مستقبل لبنان، وبالتالي يجب على اللبنانيين أن يختاروا ممثليهم بعناية ودقة، بعيدًا عن الشعارات الرنانة والوعود الزائفة.
يجب أن يكون الاختيار قائمًا على أسس من المصداقية والكفاءة والنزاهة، مع التركيز على القدرة على تحقيق التغيير، بعيدًا عن الانتماءات الحزبية والطائفية التي لم تزد لبنان إلا انقسامًا وجمودًا.
حتى أولئك الذين لا يرون أن الحكومة الحالية هي الخيار الأمثل لهم واتوافق معهم، عليهم أن يُقيّموا الأمور بشكل عقلاني وواقعي، وأن يفهموا أن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا من خلال العمل المشترك مع القوى السياسية الأخرى…
ولا يمكن بناء دولة قوية إلا عبر تضافر الجهود والعمل المشترك، مع رفع المصالح الوطنية العليا على حساب المصالح الشخصية والفئوية.
في النهاية، لا شيء ثابت في هذا العالم، والوضع القائم في لبنان لا يمكن أن يستمر كما هو.
علينا جميعًا أن نعمل على تغيير المشهد السياسي بما يعكس مصالح الشعب اللبناني بكل أطيافه. فالتغيير لا يأتي من خلال الجمود أو التعنت، بل عبر التفاعل الإيجابي والتعاون المستمر لخدمة الوطن في المقام الأول.
فلننتخب بوعي، ولنتوجه نحو التغيير الحقيقي الذي سيعيد للبنان عافيته، ويضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة. ولننهض معًا بلبنان، رسالةً للسلام والاستقرار.