بقلم كوثر شيا
كل لبناني عنده قصتين بحياته… وحدة بيعيشها برات لبنان، ووحدة بيعيشها جواه.
أعترف، أنا كنت نفس الشخص بس بنسختين مختلفتين. كبرت بلبنان، درست بمدرسة رهبات، وأنا درزية وما كنت بعرف شي عن ديني، لأنه المشايخ كانوا شايفين إنه المعتقدات الحقيقية إلها وقتها، ووقتها ما كان بعد جاي. بس رغم هيك، كنت حس حالي جزء من الكل، يعني نحنا كنا من كل الأديان، بس بنفس الوقت كلنا كنا “صفّ واحد”.
بعدين، صار عندي الفصل التاني من القصة… سافرت على أمريكا لما كان عمري 16-17 سنة، وهناك بلشت رحلة الاكتشاف! بلد فيه كل الأديان، كل الجنسيات، كل التقاليد، بس فيه شي واحد موحّد الكل… القانون فوق الكل! كل إنسان عنده حقه، كل إنسان بيحترم خصوصية غيره، والمواطنة أهم من الطايفة، ما حدا بيسأل حدا “إنت شو؟”، لأن الهوية الوطنية أكبر من أي تصنيف.
يلي فاجأني إن الكل بيحترم القوانين! ما حدا بيكسر الإشارة الحمراء، ما حدا بيسكر نص الطريق لأنه نازل يجيب قهوة، ما حدا بيرمي الزبالة من الشباك، وما حدا بيوقف سيارته بنص الشارع لأنه “راجع دغري”. يعني اللبناني هناك… مواطن نموذجي!
بس بس بس… شو بيصير بالمطار؟!!
هون اللغز الأعظم!
اللبناني أول ما يقطع الجمارك ببيروت، فجأة بتصير عنده حالة انفصام وطنية… الزبالة بتصير بتنرمي من السيارة، القانون بيصير وجهة نظر، والغلبة للواسطة قبل أي شي! وكأننا شعبين بنفس الأشخاص… ليش؟ شو بيصير بالرحلة؟ هل الطيارة بتوزع علينا “حبوب فقدان المواطنة” قبل الهبوط؟!
المفارقة إنه اللبناني بيقدر يكون “إنسان متحضر”، لأنه بيكون هيك برات بلده، بس ببلده بيرجع لـ “نسخة الشرق الأوسط المتشددة”. هل هو الجو العام؟ هل هو النظام يلي مش موجود؟ ولا نحنا يلي فقدنا إيماننا ببلدنا؟
الحقيقة إنه نحنا منولد على دين، منتعلم تقاليده، منتعلم طقوسه، بس ما منتعلم نكون “مواطنين”. المواطنة مش شعار، المواطنة هي خيار… خيار نحنا مناخدو كل يوم لما نحترم بعض، لما نوقف طوابير بدل ما نفوت بالواسطة، لما نقرر إنه لبنان لازم يكون “أمريكا تبعنا”، مش بس بلد نهرب منه لبره.
شو الحل؟
كتير بسيط… خلينا نحمل “المواطن اللبناني النظيف” يلي جواتنا من أمريكا وأوروبا ودبي، وننزّلو معنا بالمطار… نحنا ما بحاجة لدولة جديدة، نحنا بحاجة لنسخة جديدة منا نحنا. إذا كل واحد فينا قرر يكون مواطن حقيقي، رح نعيش بلبنان يلي منحلم فيه بدل ما نضل نحلم نتركه!
لبنان مش طايفة، مش زعيم، مش واسطة… لبنان هو نحنا، فإذا نحنا تغيرنا، رح يتغير كل شي معنا!