الانسحاب من خيرسون : يوم تاريخي لـ اوكرانيا ونكسة كبيرة لـ موسكو…

حذار الهجوم المضاد

بقلم يولا هاشم

المركزية – بعد إعلان روسيا انسحاب قواتها من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، بـ”يوم تاريخي” وكتب على تلغرام: “اليوم يوم تاريخي. نحن نستعيد خيرسون”، موضحاً أنه “في الوقت الراهن، مدافعونا موجودون في ضواحي المدينة. لكن قوات عسكرية خاصة موجودة بالمدينة”، وفق فرانس برس.

كما أضاف: “شعبنا. لنا. خيرسون” إلى جانب رمز تعبيري لعلم أوكرانيا ومشاهد التقطها هواة من المدينة تظهر القوات الأوكرانية تتجمع مع سكان المدينة. فما هي تداعيات هذا الانسحاب؟ وهل يمكن لزيلينسكي ان ينام على حرير؟

رئيس مركز “الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة” العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر يؤكد لـ”المركزية” ان روسيا اعتبرت انسحابها من خيرسون جاء لإعادة التموضع وتجنبا لمعركة دامية جدا. فقبل اسبوعين، أعلنت موسكو ان في حال صمدت خيرسون فستكون “ستالينغراد” اي معركة دامية، لكن الظاهر ان روسيا اتخذت قرارا بإخلائها من العسكر أولا ومن المدنيين لاحقاً، حيث غادرها أكثر من 16 ألف عسكري و130 ألف مدني، وكأنها أُعلِنت مدينة مفتوحة. لكن عسكريا واستراتيجيا، وسواء أُطلِقت عليها تسمية “إعادة تموضع” و”إعادة انتشار” و”انسحاب استراتيجي” و”انسحاب تكتيكي” فإن كل ذلك يُعتَبر نكسة كبيرة للجيش الروسي منذ بدء إعلان العمليات العسكرية في اوكرانيا. ولا يمكن لأحد ان ينكر ذلك، حتى ان رمضان قاديروف رئيس الشيشان المتعاطف معهم قال: “هذا القرار مؤلم وصعب جدا ولكنه صائب”، اي افضل من بقاء الجيش الروسي في خيرسون”.

ويشير جابر الى ان “هذا لا يعني ان روسيا تخلت عن خيرسون، بل هي تخطط حتماً للقيام بهجوم بعد ان تعيد ترتيب قواتها وتستجمع أسلحة تكفي بما يلزمها ميدانيا، خاصة وان قرار الانسحاب اتُخذ في موسكو، بناء على نصيحة القائد الميداني للقوات الروسية في اوكرانيا، الذي درس الوضع ميدانيا وأوصى بالانسحاب وموسكو وافقت. لكن برأيي موسكو تحضر لهجوم ردي (contre attaque) لاستعادة خيرسون، لا أعرف متى، ولكن ما يدل على هذا الكلام هو تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان خيرسون ارض روسية، وموسكو لا تتخلى عن ارض روسية، فهي لم تكن ارضا اوكرانية وانسحبت منها”.

ويعتبر ان “التفكير المنطقي الوحيد لما تقوم به روسيا عسكرياً هو تجميع عدد كاف من الجنود او استبدالهم وتجهيزهم بأسلحة جديدة وتجهيز مغاوير وخبراء في هذه المنطقة لشن الهجوم المعاكس. لكن، كي يشن بوتين هجوما على الاوكرانيين في خيرسون سيقوم بإلهائهم في جبهة أخرى، من خلال فتح جبهات جديدة، بغية تخفيف الضغط على خيرسون، لذلك بدأت القوات الروسية بالتجمع على الحدود في بيلاروسيا تحضيرا لهجوم من الحدود على اوكرانيا، وستتحرك من الشرق باتجاه الغرب، وستتجه نحو خاركوف إنما من دون الدخول الى المدينة. ستحرك هاتين الجبهتين حتى تقوم في الوقت نفسه بهجوم معاكس على خيرسون”.

ماذا عن الحديث عن “مينسك 3” والسلام بين روسيا واوكرانيا، يجيب جابر: “كيف نتحدث عن سلام في حين ان شروط روسيا هي نفسها لم تتغير، كما ان اوكرانيا ما زالت متعنتة بناء على نصيحة اميركية بألا تقبل الشروط الروسية، علما ان الحرب الروسية الاوكرانية حصلت بين روسيا والحلف الاطلسي والغرب لعسكرة اوكرانيا. اذاً القرار بوقف الحرب ليس اوكرانياً بل اميركي بالدرجة الاولى واطلسي بالدرجة الثانية، واستطرادا الاطلسي يخضع للولايات المتحدة وينضم للاوروبيين. من يجلس على الطاولة للتفاوض حول السلام يجب ان يتمتع بمكاسب ميدانية، وبالتالي لن تقبل روسيا بالجلوس الى طاولة المفاوضات وهي خاسرة.

ماذا عن اللقاءات السرية بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا التي جرى الحديث عنها مؤخرا، يقول: “ليس هناك اي لقاءات سياسية او دبلوماسية بين البلدين بل اتصالات بين أجهزة المخابرات الاميركية والروسية وهي مستمرة ودائمة وتكثفت في المدة الاخيرة”.

اخترنا لك