‏١٧ تشرين بين الخطأ والخطيئة

مشروع ذاكرة بقلم نبيل مملوك

‏أربع سنوات… على انطلاق الشرارة الأولى والحقيقيّة لرفض اللبنانيين لواقعهم والظواهر الاقتصاديّة التي صارت الٱن أزمات…

أربع سنوات وبعد هذا الانطفاء الميداني بحكم التماهي بالسلميّة والتماهي الوحشي بالتنكيل السلطوي تعود الذاكرة إلى شريطها٬ إلى حيث الخطأ والخطيئة٬ بدءًا من التكاثر اللامعقول للتحالفات والتنظيمات التي أفرزت هلاكًا انتخابيًّا وصولًا إلى عدم استغلال نقاط القوّة فدخل المثقفون الرماديّون الشارع ومعهم أحزاب تسلقت التحركات وبنت لها برجًا ثوريًّا…

رغم خطأ الإدارة وخطيئة الاستسلام والإحباط إلّا أنّ ١٧ تشرين الأوّل ٢٠١٩ تاريخ يحمل مكاسب وانتصارات عظيمة للشعب على حساب منظومة أمعنت بالقتل والسرقة والتدمير والتسويات.

‏نقاط القوّة التي يجب تكرارها…

‏نعم٬ هي قراءة أخرى لتحرّك ضمّ نصف الشعب على الأقلّ في ساحة الشهداء وامتدّ كالعدوى الحميدة نحو المناطق الأكثر حساسيّة بالنسبة إلى السلطة لا سيّما الشمال والجنوب٬ حيث المواطن محكوم بقوّتي السلاح والتوزيع اللاعادل للأرغفة فضلًا عن البطالة التي تسببت مؤخّرًا وفي العهد القوي بارتفاع نسبة الانتحار ٬ محاولة عند كلّ ١٧ تشرين لاحياء الصورة التي نريد لننجو٬ من أحزاب تورّطنا بحروب خارجيّة وأحزاب تعدنا بالكهرباء عبر خطابات ترشح ليلًا٬ وأحزاب تغوى التسويات وعند الخسارة تعلّق عملها السياسيّ لتنفيذ رغبة دوليّة…

‏نقاط القوّة التي حملها ناضجة تحرّك تشرين ما زالت تتكاثر حتّى الٱن٬ منها دخول نواب تغييريين وبصرف النظر عن أدائهم لكنّهم أقصوا مبدأ الأكثريّة والتناوب عليها بين القطرين التقليديين في الحياة السياسيّة٬ وبفضلهم سقط منطق المدرسة المفروض على المجلس النيابي خصوصًا
‏فضلًا عن تغيّر منهجيّة الخطاب بين الزعماء من منطق الوعود إلى منطق فضح بعضهم البعض.

‏هي نقاط لم يستطع الشعب من شدّة الترهيب والتهديد والقمع والاعتداءات والاتهامات التي شنها إعلام المصارف والأحزاب المؤدلجة…

لكنّها تستحق أن تزيّن المسوّدة التي ستقودنا – إن نوينا كأفراد ومثقفين وعامّة- لتصحيح هذا التحرك والتفكير حكمًا هل سنتخلى عن السلميّة ؟ أم سنخشى جرّ السلطة مناصريها نحو حرب أهليّة مع شريحة تريد الحريّة والعيش الكريم ؟

‏نقاط يجب أن نقرأها كلّ عام لنعرف هل نحن وسط تضخم الازمات المعيشية والصحية والتعليميّة والانفجارات الاجتماعيّة المتتالية كي نعرف هل سنتورط بخطيئة الاستسلام أم سنتماهى بخطأ الادارة.

‏١٧ تشرين الأول ٢٠٢٣

‏سيكون هذا التاريخ. مجرّد يوم عاديّ٬ لن يخجلنا الاحتفاء الخافت بأمل انطفأ مؤقّتًا٬ لأننا سننفجر حكمًا من رحم هذا التاريخ في تواريخ أخرى٬ رغم كلّ التقديمات والمغريات التي تدفعها السلطة من لحمها ودم نفوذها لتخدير المناصرين…

‏ورغم الانشغال المؤسف بين قوى المعارضة في خلافاتها بدءًا من ترسبات انتخابات ٢٠٢٢ وصولًا إلى مشاكل أفرادها الشخصيّة٬ يبقى أفراد الشعب متحايلين على غرائزهم العقلية الرافضة للوضع القائم من الهجرة الى البحث عن وساطة وصولا الى العيش على الاعاشة وتمجيدها…

‏شعب يبيع ثقافته عبر بوست فايسبوكي وشعب اخر من هذا الشعب يتغاوى بوضعه الماديّ الميسور عبر نشر الولائم والأماكن المتواجد فيها…

هي يوميّات خدّرتنا وضعتنا لعبة قابلة لأن تكون بين يدي المنظومة مرّة بسبب حفل عمرو دياب٬ ومرة بسبب فلسطين ومرّة بسبب المثليّة ومرّة بسبب النازحين السوريين…

‏سيكون هذا التاريخ حافّة تطلعنا على صفحة جديدة من الهاوية بفعل تراخينا وخلفنا صفحة الخلاص التي يجب أن تتلطخ بالدم كباقي الثورات في العالم.

‏فمن سيضحّي ؟ ومن سيقود قافلة النزاع العنيف مع سلطة تخيفنا بكاتم الصوت وسيارة مفيّمة ؟

‏١٧ تشرين ليست تاريخًا بل هي صفحة لمراجعة المثقفين والأفراد لذواتهم بعدما ضجّت الميادين بأمل موؤد…

‏واليوم وسط عقم الساحات نحاول تأخير ضب حقائبنا…

‏والنظر الى السفينة التي تضمّنا… متسائلين هل سنغرق في ماضي تشرين أم سننتشله من بطن البحر ؟

‏فلنبدأ بقراءة مسودة عام ٢٠١٩ ولنخرج من معادلة الخطأ لنتجنب الخطيئة.

اخترنا لك